في ذكرى استشهاد دلال سعيد المغربي في عملية الشهيد كمال عدوان في 1978/3/13، ونحن نحيي ونستذكر عملية الشهيد كمال عدوان، وبطلتها الفتاة الفلسطينية الرائدة في ممارسة الكفاح المسلح، والمميزة في إنتمائها الوطني الأصيل، والتي أينعت، ونمت، في أحضان أُسرةٍ فقيرةٍ ترى الحرية والسعادة الحقيقية في مقاومة الاحتلال، وفي التصدي لمن اغتصبوا الأرض وشرَّدوا الآباء، وهذا عهدُ الأبناء للآباء والأجداد، وهذا عهدٌ كتبته ووثَّقْتهُ الشهيدة القائدة دلال المغربي باسم المرأة الفلسطينية، لتؤكد بأن الشراكة في الكفاح الوطني الفلسطيني وخاصة المسلَّح بين الرجل والمرأة هو عنوان المواجهة والتصدي، وتحرير الأرض، وإعلان الاستقلال.
رحلت الشهيدة القائدة ابنة مخيم صبرا، الذي دفع الثمن غالياً في المجزرة الهمجية التي خطَّط  لها الاحتلال الصهيوني وأدراتُه العام 1982، لكنها تركت في عقولنا، ونفوسنا، ووجداننا من الدروس والذكريات، ومن معاني العزة والكرامة ما لا يُنسى، وهو راسخ في أذهان ومخيلات الفتيات والأمهات اللواتي بايعْن الشهيدة دلال المغربي وظلوا على النهج الوطني الفلسطيني الذي كتبته بدمائها النازفة من جسدها الممزق بفعل الإجرام الصهيوني.
إنَّ دلال المغربي الشابة الفلسطينية والتي لُقِّبت بعروس يافا، نفَّذت ما كانت تحلم به من عمل عسكري بطولي داخل الأراضي الفلسطينية بل في عمق الأراضي المحتلة، وفي أشدِّها خطورة وحساسية إنتقاماً ووفاء للقادة الثلاثة الذين تم اغتيالهم في بيروت في العام 1973، وهم كمال عدوان، وكمال ناصر، وأبو يوسف النجار وزوجته أم يوسف، ومن هنا كانت تسمية العملية بإسم الشهيد كمال عدوان الذي تولى مسؤولية العمل الفدائي في الأراضي الفلسطينية، وما سمِّي بالقطاع الغربي.
إنَّ الشهيدة دلال المغربي التي ولدت العام 1958 كانت قد إلتحقت بحركة "فتح" العام 1973، وقد تلقت التدريب العسكري، والتعبئة الفكرية مما جعلها قادرة على تحمُّل المسؤوليات الجسام، وهذا ما جعل القائد أبو جهاد الوزير يضع ثقته كاملةً في هذه المناضلة الشابة.
استطاعت الشهيدة دلال المغربي وبعد تلقي التدريبات الكاملة في منطقة صور أن تقود مجموعة من الشبان المقاتلين، ومن عدة جنسيات عربية، انتموا إلى حركة "فتح"، وقلوبهم تجتمع على فلسطين القضية المركزية لأمة بكاملها.
لقد استطاعت المجموعة المكونة من ثلاثة عشر مقاتلاً أن تصل إلى الساحل الفلسطيني، وتنزل من الباخرة بواسطة قاربين مطاطين لتسيطر على باص بمن فيه، واعتبرتهم القائدة دلال رهائن مقابل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في زنازين العدو.
بالمقابل كان باراك يقود مجموعة عسكرية تحميها الطائرات المروحية والدبابات، وقرب مستعمرة هرتسيليا تم الاشتباك، وكانت معركةً بطولية مشرِّفة فاقت كل التصورات في مجال التضحيات. واعترف الجانب الصهيوني بمقتل سبعة وثلاثين جندياً إسرائيلياً وأكثر من ثمانين جريحاً، إضافة إلى العدد الكبير من جنود العدو الذين لم يتم الاعتراف رسمياً بهم من قبل مناحيم بيغن.
استشهد أعضاء المجموعة باستشناء الأسير المفرج عنه خالد أبو إصبع، وبقي مصير يحيى سكاف مجهولاً وأهله لا يعرفون عنه شيئاً ملموساً لأنَّ العدو يخفي المعلومات، حتى جثمان الشهيدة دلال المغربي رفض تسليمه.
لقد أنصف الشاعر نزار قباني الشهيدة دلال المغربي عندما قال فيها: "إن دلال أقامت الجمهورية الفلسطينية ورفعت العلم الفلسطيني، ليس المهم كم عمر هذه الجمهورية، المهم أن العلم الفلسطيني ارتفع في عمق الأرض المحتلة على طريق طوله خمسة وتسعون كيلومترا في الخط الرئيسي في فلسطين".
وقدَّمت دلال موعظةً لشعبها بأنَّ وحدةَ حركة "فتح" وتماسكها، وإصرارها على مقاومة الاحتلال هو الضمانة للحفاظ على كرامتنا الوطنية، وعلى تحقيق استقلالنا، واستعادة مقدساتنا، وإسقاط صفقات التآمر على شعبنا، وعلى مصيرنا.
الرحمة للشهيدة دلال المغربي ولقوافل شهداء ثورتنا الرائدة، ولكافة الأسرى. والتحية إلى أهالي الشهداء، والأسرى، والجرحى، والمجد للشهداء، والحرية للأسرى، والشفاء للجرحى.
 
وإنها لثورة حتى النصر

 
قيادة حركة "فتح" في لبنان 
إعلام الساحة 
2020/3/10