استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس (أبومازن) في الأيام الأخيرة الرئيس الفرنسي ماكرون الذي حضر إلى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني للتباحث في علاقات الدولتين وحتمًا تناول الحديث عملية السلام المتوقفه في ظلِّ القرارات الأمريكية المنحازة لإسرائيل خاصةً بأنه يجري الإعداد لإطلاق ما يسمى بصفقة القرن التي يرفضها الجانب الفلسطيني رفضًا تامًا، وقد واكب زيارة الرئيس الفرنسي حدث إعلامي كبير جرى في القدس عندما قام الرئيس الفرنسي بتوبيخ جنود الاحتلال المرافقين له عند زيارته للكنيسة الصلاحية في القدس.

لاحقًا لذلك استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس (أبو مازن) الرئيس الروسي بوتين في بيت لحم، حيث جرى التباحث حول نفس المواضيع التي تهم الطرفين بالمنطقة مع ضرورة الإشارة إلى أهمية روسيا المتزايدة في المنطقة حيث أنّ روسيا باتت لاعبًا أساسيًّا على الأرض من خلال تدخلها المباشر في سوريا ممّا جعل الدور الروسي مهمًّا لكلِّ دول المنطقة بما فيها (إسرائيل) التي بالغت في إظهار أهمية زيارة الرئيس الروسي لها بإعتبار أنّ النفوذ الروسي القوي بات قوه تحكم على الأرض وتؤثّر بشكل مباشر في استقرار المنطقة مع ضرورة الإشارة إلى أنّه وحتى الآن لم يظهر الدور الروسي في عملية السلام بالمنطقة في ظلِّ الانحياز الامريكي الاهوج لصالح (إسرائيل)، وقد واكب زيارة الرئيس الروسي القوي حدث إعلامي لافت عندما سارع الرئيس الروسي لالتقاط قبعة عسكرية لأحد أبناء حرس الرئاسة الفلسطينية خلال استقباله.

ومن ثم أستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس (أبو مازن) ولي عهد المملكة المتحدة الأمير تشارلز الذي استعرض مع الرئيس العديد من القضايا التي تمس حياة المواطن الفلسطيني جراء الاحتلال، وتمَّ إهداء الأمير تشارلز نسخه من العهدة العمرية التي تحفظ حقوق مسيحي القدس وفلسطين، وقد واكب زيارة الامير حدث إعلامي لافت دوليًّا عندما تجاهل الامير تشارلز السلام على نائب الرئيس الأمريكي بينس في مؤتمر الهولوكست.

الزعماء الثلاثة وآخرين حضروا للمشاركة في مؤتمر الهولوكست المنعقد في (إسرائيل) ولكنّ الزعماء الثلاثة أصروا على لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس في تعبير عن موقف سياسي نحتاج للعمل على تطويره من خلال تعزيز العلاقات مع فرنسا وجعلها مقدمةً للاعتراف الاوروبي بدولة فلسطين على حدود السابع من حزيران عام 1967م، ونحتاج لدعم الموقف الروسي لتعزيز مشاركتهم في عملية السلام في محاولة لوقف الاستفراد الأمريكي بهذا المف باعتبار الأمريكان وسيطًا غير نزيه منحازًا لإسرائيل ومعاديًا للشرعية الدولية. كما أنَّنل بحاجة إلى إعادة التأكيد على ضرورة أن تقوم بريطانيا بإصلاح الخطأ التاريخي الظالم بحق شعبنا عندما منحت أرضنا للمحتل بموجب وعد بلفور المشؤوم.

أشير إلى قناعاتي التامة بقدرة القيادة الفلسطينية على البناء الإيجابي على زيارة الزعماء الثلاثة لفلسطين حيثُ أنّنا نمتلك من القدرة والمعرفة والإرادة ما يجعلنا قادرين على أن نحقّق ما يمكن من هذه الزيارات التي تأتي في سياق الدعم للموقف الفلسطيني السياسي الواضح والمحدد المطالب بإعادة الحق الفلسطيني القائم على أساس الشرعية الدولية.

ما أودّ الإشارة له هنا هو ردود فعل البعض على لقاءات الرئيس أبو مازن مع الزعماء الثلاثة حيث أن بعض اليائسين وأصحاب الأهواء السياسية المتضاربة سارع لاعتبار هذه الزيارات بلا معنى، ووقع البعض منهم في تناقضات غريبة حيث هاجم زيارة الرئيس الفرنسي واعتبرها إعلامية علمًا أننا نمتلك علاقات ثابتة ومميزة مع فرنسا، ويجب تطوير هذه العلاقات وصولاً للاعتراف بدولة فلسطين. وهاجم البعض زيارة الأمير تشارلز باعتباره غير مؤثر في السياسة علمًا بأن قيادتنا اعتبرت هذه الزيارة فرصة لإعادة لفت النظر للظلم التاريخي الذي تعرض له شعبنا بوعد بلفور الظالم، ورحب البعض وأشاد بزيارة بوتين على خلفية الموقف الروسي في سوريا، بينما البعض الآخر اعتبر أنَّ الرئيس الروسي مسؤول عن إراقة دماء أبناء الشعب السوري علمًا بأننا ومنذُ زمن نؤمن بأنَّ تصاعد قوة الموقف الروسي في المنطقة يصب في مصلحة قضيتنا باعتبار الموقف الروسي المتوازن في الصراع القائم بالمنطقة، وأشير إلى أنَّ روسيا لم تتدخل في سوريا لتحرير القدس، ولكنها تدخلت في سوريا لتعزيز دورها في المنطقة لتتحول روسيا من شاهد إلى لاعب فاعل في المنطقة بما يحقق مصالحها باعتبارها قوه عظمى ويجب البناء على هذا الأمر من خلال تفعيل الدور الروسي في عملية السلام بل إنني مؤمن بأنَّ روسيا هي الوحيدة القادرة على تجاوز الجمود السياسي في عملية السلام في صراعنا للوصول إلى الحق الفلسطيني بإقامة الدولة وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، وما أرجوه هنا هو محاولة إعادة الاعتبار للبوصلة الفلسطينية العربية الثابته التي تشير للقدس حيث أن علينا التعاطي بإيجابية مع هذه الزيارات بإعتبارها إشارة واضحة إلى أنَّ فلسطين حاضرة كقضية وكحق وأن فلسطين على الخارطة الدولية بغض النظر عن صفقة القرن أو عن الموقف الامريكي المنحاز ضد شعبنا.

بالمختصر...

فلسطين ليست عابرة في المنطقة بل هي واقع على الخارطة السياسية الدولية مهما بلغت الصعوبات والتحديات فلسنا هنود حمر، ونحن أصحاب حق نؤمن بالسلام ونعي بأن استعادة حقوقنا وإقامة دولتنا هي أساس الاستقرار الحقيقي في المنطقة وبل هي أساس التعايش المأمول بين الديانات السماوية الثلاث.