تابعت قبل أيام على شاشة "سي إن إن" الأميركية، كما مئات الملايين في العالم، حوارا عميقا بين أعضاء من الحزبين الأميركيين، الجمهوري والديمقراطي، وكان ذلك الحوار يدور حول تقرير نشرته صحيفة الوشنطن بوست المقربة من الجمهوريين، يتحدث عن حجم الأكاذيب والادعاءات الكاذبة التي اقترفها الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب منذ وصوله الى البيت الأبيض، أكاذيب تضمنتها تصريحاته الرسمية، وتغريداته المنفلتة من كل المعايير، وافادته التي ادلى بها مع أو ضد، ولم يكن صادقا فيها، بما فيها قوله إن والده لم يولد في أميركا بل في بريطانيا!!! وتناقضاته حول موضوع واحد، وخاصة بالنسبة للذين عملوا معه في إدارته ثم طردهم بعد ذلك، وتصفيقه واشادته بتقرير مولر وادعائه بأن هذا التقرير تضمن تبرئته من كل ما نسب إليه سواء فيما يتعلق في الانتخابات التي أوصلته الى البيت الابيض، ثم عاد واتهم مولر بأنه العدو رقم واحد، والمدائح التي اغدقها على الصين ثم عكسها بعد ذلك بمضاعفة الضرائب، والمديح الذي وصل الى حد الغزل بالرئيس الكوري الشمالي، ثم اتهامه له بأنه ديكتاتور، والوعود التي وعدها للرئيس أبو مازن ثم سلوكه الأخرق المضاد بالمطلق لتلك الوعود والانحياز الأعمى لاسرائيل حيث تصل الانحيازات العمياء الى مستوى الجنون المطبق، وخاصة في موضوع القدس والمستوطنات واللاجئين والأونروا والمساعدات والالتزامات وغيرها.
وقد افاد تقرير صحيفة الواشنطن بوست إلى ان هذه الأكاذيب تجاوزت في هذه المدة غير الطويلة العشرة آلاف اكذوبة، اي بمعدل ثلاث وعشرين اكذوبة في اليوم الواحد كما قالت الصحيفة!!! يعني السيد ترامب- كما يقول المأثور الشعبي- يكذب أكثر مما يتنفس، ويغطي على انكشاف اكاذيبه بمزيد من الأكاذيب، ويكذب حتى يقع هو نفسه في حفرة تصديق اكاذيبه، فيصيبه الوهم بان العالم يصدقه، بل انه في واحدة من تلك الأكاذيب تجاوز المالوف وبانه اجرى تخفيضات على الضرائب في أميركا اكثر من كل ما جرى في تاريخ أميركا.
يكاد يكون ترامب كله من شعر حتى اخمص قدميه ظاهرة كونية كاذبة بالمطلق، فلو كان ذلك الرجل بقي على حاله مجرد سمسار عقارات حتى لو اصبح غنيا يملك المليارات، لقلنا لا بأس فالسمسرة شطارة وتحتاج احيانا الى بعض الكذب، اما وقد اصبح رئيسا، فالى اين يجر أميركا ويجر العالم؟
وقد يقول بعض المعجبين به مثلما قال مطلق النار على المساجد في نيوزلندا ان الرساء في أميركا يكذبون، الرئيس كلنتون وهو تحت القسم بشأن علاقته مع مونكا لوينسكس، وجورج بوش الابن كذب بشان أسلحة الدمار الشامل التي يملكها العراق في عهد صدام حسين، لكنها قد تكون كذبة واحدة او كذبتين، اما ان يكذب رئيس على شعبه وعلى العالم في كل جملة يقولها، فهذا شيء جديد، وله عواقب وخيمة، بدأنا نرى تأثيرها في حاملة الطائرات التي ارسلها الى المنطقة اخيرا، والقبل المتبادلة بينه وبين نتنياهو الذي يريد ان يدشن مستوطنة في الجولان العربي السوري باسم ترامب، هذه الأكاذيب تقود الى الفوضى والفوضى تقود الى الخراب، وبالتالي فإن إسقاط ترامب أصبحت مهمة مقدسة لصالح أمن العالم، حتى لو كانت أكاذيب ترامب يستفيد منها البعض ملايين ومليارات الدولارات، فمتى تحين لحظة السقوط؟