لنسأل أنفسنا كيف يمكن أن تُمرّر صفقة ترامب؟

مَن تتّبع تاريخ القضية الفلسطينية، منذ أكثر من مائة عام يكتشف حقيقة مهمة هي مفتاح الفرج كما يقال بالرغم من كل السواد الذي يحيط بقضيتنا هذه الأيام، هي أنّ هذا الشعب الفلسطيني العظيم فعلاً، هو شعب عنيد لا يعرف اليأس متمسّك بأرض وطنه الذي لا وطن له غيره.

هذه الحقيقة هي التي تُفاجئ صانعي المؤامرات والمخططات التي تستهدفنا، في كل مرة كان الفلسطيني يفاجئهم بأنّه يمتلك طاقات نضالية لا تنضب، ومستعد لتقديم التضحيات بلا حدود.

إشاعة أجواء الإحباط واليأس هي جزء أصيل من صفقة القرن، التي لم تعلن رسميًّا بعد. واضعو هذا المخطط الشيطاني سألوا أنفسهم السؤال ذاته، لدينا خطة ولكن كيف سنمرّرها، الجواب، أو أحد الإجابات الهامة هو: أن نجعل الشعب الفلسطيني ينهار قبل أن نُقدّم له الصفقة، فجاءت الضغوط وعملية بث الإشاعات والسيناريوهات المحبطة للهمم، همم الشعب الفلسطيني وهمة الأمة العربية.

لقد حاولوا زرع الشك في كل نفس، وأن يمزّقوا الشعب الفلسطيني إربًا، قبل أن يصل إلى لحظة إعلان الصفقة، والتي اختاروا وضع آلية غير تقليدية لتمريرها عبر تنفيذها بالقطعة وفرض أمر واقع في كل قضية وملف، بمعنى تقطيع القضية لتصبح فارغة من أي مضمون يجعلها قضية حقوق وطنية مشروعة.

ما أريد أن أقوله، إنّ هذا الهدف كان ولا يزال هو هو منذ أن أصبح المشروع الصهيوني الإحلالي جاهزًا للتنفيذ، ومنذ ذلك الوقت كان الشعب الفلسطيني ولا يزال يقاوم بلا هوادة وبدون أي كلل أو ملل، لأنّه ببساطة لا يملك خيارًا آخر سوى التصدي لهذا الغول الاستعماري الشره، الذي لا يشبع.

إنّ الكلمة الفصل في كل ما يدور ويحاك، هي الموقف الفلسطيني الحر مستقل الإرادة، هذا الموقف هو الذي سيمنع أو يحد من اندفاع أصحاب صفقة القرن. ربما يتوجّب أن نسأل "حماس" هنا ما الذي تنتظره كي تبادر إلى إنهاء الانقسام، الذي هو عامل أساسي في الإحباط، ويراهن عليه أصحاب صفقة القرن. الغريب في "حماس" أنّها تصم آذانها عن تصريحات نتنياهو التي يجاهر فيها أنّ الانقسام الفلسطيني مصلحة استراتيجية إسرائيلية، كما تصم آذانها عن تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي يُناشد بها "حماس" ألا تترك الرئيس أبو مازن وحيدا في مواجهة المؤامرة. صمت "حماس" لا يمكن تفسيره أمّا أنّها مصابة بالأنانية الإخوانية ولا ترى في المشهد سوى مصالحها الضيقة، أو أنَّها شريك بما يعد في صفقة القرن، أو كلاهما معًا.

مع ذلك فإنَّ الشعب الفلسطيني الذي يشعر بالتهديد المصيري اليوم سيقلب الطاولة على كل هؤلاء ويفاجئهم بأنّه لن ينكسر وأنه لن يتنازل عن حقوقه الوطنية الأساسية، فهذا الموقف يرضعه كل فلسطيني مع حليب أمه، لقد فشلوا في السابق في كسر إرادتنا وسيفشلون هذه المرة.