ما ان ينشر قرار المحكمة الدستورية القاضي بحل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات تشريعية خلال ستة اشهر، في الجريدة الرسمية، حتى يصبح قرارًا واجب النفاذ شرط المرسوم الرئاسي الذي سيستند للقرار ويدعو الى الانتخابات التشريعية، وحل المجلس طبقا لقرار الدستورية واعادة تكوينه بانتخابات ديمقراطية هو مخرج من ازمة قانونية وسياسية، وحتى أخلاقية، عطلت عمل المجلس، بسبب الانقلاب الحمساوي العنيف على الشرعية، الذي خلف الانقسام البغيض، ورفض الانقلابيين لأية تسوية مصالحة، تنهي هذا الانقسام الذي كرس تعطيل المجلس، طوال الاثني عشر عاما الماضية، ما انتج في المحصلة غيابا للحياة الديمقراطية في هذا الاطار، وغيابا للشراكة السياسية في ادارة شؤون العقد الاجتماعي من خلال مهمات الرقابة والتشريع،وهو امر لاتريد حماس سواه بحكم منهجها الاقصائي والانقسامي الذي لم يعد موضع شك.
سيعترض الانقلابيون على قرار الدستورية بطبيعة الحال ومعهم حلفاء الوهم والضغينة والحسابات المريضة، وهم الذين لم يحترموا شيئا من القانون الاساسي بدءا من انقلابهم الدموي العنيف على الشرعية، وانتهاء بتمسكهم بسلطة الانقسام البغيض، واثنا عشر عاما من حوارات المصالحة الوطنية المباشرة، وعبر الوسطاء الاشقاء، والتي عض خلالها حماة المشروع الوطني التحرري على كل جرح سببه الانقلاب الحمساوي، اثنا عشر عاما من هذه الحوارات، لم تثمر تقدما يعول عليه لكي تمضي المصالحة في دروبها الصحيحة، وكانت حماس في كل مرة ومازالت هي من يضع العراقيل في هذه الدروب، وفي كل مرة تتهرب من الاتفاقات التي وقعت، وآخرها اتفاق 21/10/2017 الذي تم برعاية مصرية، ووقعه من طرف حماس صالح العاروري، والذي سرعان ما نفضت حماس يديها منه، حين اعلنت انها لن تسلم غزة لحكومة الوفاق الوطني من الباب للمحراب، طبقا لتصريحات يحيى السنوار، وقبله كان اسماعيل هنية قد اعلن " نخرج من الحكومة ولكننا لن نخرج من الحكم"...!!
قلنا وكتبنا غير مرة هنا، انه لابد من علاجات موجعة لإنهاء الانقسام البغيض، ولا شك ان قرار الدستورية واحد من هذه العلاجات التي ستحتمل حوارات شتى، لكن لابد من الإقرار في اللحظة التاريخية الراهنة، ونحن نخوض اصعب المعارك ونواجه اخطر محاولات التصفية لقضيتنا الوطنية لابد من الاقرار وعلى نحو حاسم وبلا اية مزايدات شعبوية وانتهازية ومواقف ترقيعية، ان ورم الانقسام البغيض خطر جسيم ولابد من استئصاله.
لسنا في بحبوحة من الوقت، والاحتلال يشن حربا شاملة على مشروعنا الوطني التحرري فلابد من ترتيب شؤوننا الداخلية لكي نواجه هذه الحرب ونتصدى لها بالصمود وبوحدة العمل والنضال الوطني، والتمسك بمقدسات فلسطين عاصمة،وبلادا، وقيما واهدافا ومبادئ، وتطلعات حرة ونبيلة.