الخبر: الاتحاد الاوروبي يدعو اللجنة الرباعية العمل على تجنب التصويت على الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

التعليق: تعليقاً على هذا الخبر الذي نشرته جريدة القدس نجد أنفسنا ملزمين بالاجابة على سؤالين جوهريين للإحاطة بمضمون هذا الخبر وما يحمله من تفسيرات وتأويلات:

السؤال الأول: لماذا يطلب الاتحاد الاوروبي من اللجنة الرباعية العمل على تجنب التصويت؟

السؤال الثاني: لماذا لا يتبنى الاتحاد الاوروبي وجهة النظر الفلسطينية بضرورة الحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية ؟

في الشق الأول لا نريد البناء على سوء النية، بل نريد الانطلاق من حسن النية، فالاتحاد الأوروبي الذي يطلب من الرباعية العمل على تجنب التصويت إنما يريد من الرباعية إصدار بيان متقدم يتعارض مع التوجهات الاميركية التي تم ذكرها في الاجتماع الأخير، وهي مجموعة الأفكار والمبادئ المنحازة تماماً للموقف الإسرائيلي التي تؤكد على إستمرار الاستيطان والاحتلال والتهويد والعدوان، فمثل هذا البيان المطلوب إصداره من قبل الرباعية هو الذي ينقذ عملية السلام، ويعيد المفاوضات إلى طاولة جديدة على أسس جديدة تضمن نجاح هذه المفاوضات في التوصل إلى اتفاق يلبي طموحات الشعب الفلسطيني المشروعة، وهي الطموحات نفسها التي قررت القيادة الفلسطينية الذهاب إلى الجمعية العمومية من أجلها.

الاتحاد الاوروبي بدعوته هذه لا يريد شنَّ حربٍ على التوجّهات الفلسطينية بل هي هي تريد تجنُّب ردات الفعل الاميركية والاسرائيلية الحاقدة على السلطة الوطنية ، والتي ستتم ترجمتها أميركياً من خلال العقوبات المالية والاقتصادية، والتصدي للحقوق الوطنية المشروعة عبر حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لتعطيل كافة مشاريع القرارات، وهذه النيَّات الانتقامية عبَّر عنها الكونغرس الأميركي بقراراته التي أُخذت بنسبة حاسمة – لم يعترض عليها سوى ستة- والتي تمّ تعزيزها من قبل الكونغرس بالوقوف والتصفيق حوالي أربعين مرة لنتنياهو وهو يخطب.

في الشق الثاني من التعليق نؤكد بأن الموقف الأوروبي تاريخياً كان إلى جانب الحقوق الفلسطينية، وآخرها البيان الذي صدر في العام 2009 الذي أكّد الاعتراف بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الاراضي المحتلة العام 1967. ونحن ندرك طبيعة الصراع اللاأخلاقي الذي تخوضه الولايات المتحدة من أجل إسرائيل، وتمارس الضغوطات على الامم المتحدة وعلى الاتحاد الاوروبي من أجل الانضباط للتوجهات التي تضعها الولايات المتحدة لإلزام مختلف القوى بموقفها كسيدة للعالم، وكراعية – للأسف منحازة- لعملية السلام التي تم إجهاضها بقرار إسرائيلي ومباركة أميركية. هذه الضغوطات الاميركية شرذمت الموقف الاوروبي ، فانقسم إلى أكثر من رأي ، فهناك دول تتجرأ على إعلان تعاطفها مع الطروحات الفلسطينية، وهناك دول أقرب إلى التشنج، وهناك دول مترددة ومواقفها زئبقية، وهذا بالطبع عائد إلى طبيعة المصالح، وشبكة المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تتحكم بقرارات هذه الدول التي وُضعت أمام خيارات صعبة.

استناداً إلى ما  قلناه فإننا نرى في الاتحاد الأوروبي الطرف الموضوعي والعقلاني القادر على التأثير، وعلى الوقوف بوجه التيار الاميركي الجارف الذي بات بهدد بمخاطره المصالح العليا للشعوب، كما يهدد أيضاً تطلعات هذه الشعوب ومنها الشعب الفلسطيني إلى الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير، وهذه هي أبسط الحقوق التي أقرتها الشرعية الدولية.

نحن نطمح أن نرى الاتحاد الاوروبي في الموقع الذي يؤهله لتحمُّل مسؤوليات رعاية وحماية الملف الفلسطيني من البطش الاميركي. ونحن على ثقة بأنَّ المزيد من الشجاعة لدى الاتحاد الاوروبي، وروسيا، والامم المتحدة سينقذ هيبة الرباعية إذا قُدِّر لها أن تواصل عملها، لأنه لا يجوز للرباعية أن تستمر إذا كان عملها سيكون فقط حماية المصالح الاسرائيلية دون الالتفات إلى الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.

 

مفوضية الاعلام والثقافة / لبنان

20/7/2011