خاص مفوضية الاعلام والقافة - لبنان

حوار/ عبد الله خليل- رام الله - فلسطين

معركة دبلوماسية تخوضها القيادة الفلسطينية  ضد التهديد والتلويح بالعصا الاقتصادية الأمريكية  من قبل الإسرائيليين وفي كل الساحات مسابقة الزمن للحصول على أكبر قدر ممكن من التأييد الدولي قبل الوصول الى أيلول القادم  واستحقاقاته، ومبقية في نفس الوقت الباب مواربا للتفاوض لتضييق الخناق على الاحتلال ولسحب الذرائع من الجانب الإسرائيلي والأمريكي المنحاز بشكل كامل ومتطابق معه... حول خيارات القيادة الفلسطينية وتوجهاتها كان لنا هذا اللقاء مع المستشار القانوني للرئيس أبو مازن الدكتور حسن العوري.  وما يلي نص المقابلة:

 

برأيكم ما هي العقبات المتوقعة أمام  القيادة الفلسطينية في مسيرة أيلول القادم؟

أول العقبات تكمن في الموقف الأمريكي المنحاز تماما للموقف الإسرائيلي، فليس هناك موضوعية ولا نزاهة في الموقف الأمريكي كدولة عظمى. وأذهب أبعد من ذلك بأن في اسرائيل تجد أحيانا من يناصر القضية الفلسطينية، وهناك من ينادي بإقامة دولة فلسطينية ولكن في أمريكا وحتى على صعيد مؤسسات المجتمع المدني لا يجرؤ أحد في الولايات المتحدة، إن كان يعرف الحقيقة، أن يناصر القضية الفلسطينية  لذا أنا أرى أن الموقف الأمريكي أكثر عداوة لنا من الإسرائيلي، وتتمثل العقبة في احتمالية اتخاذ حق الفيتو في مجلس الأمن اذا توجهت القيادة الفلسطينية الى مجلس الأمن وهي ملزمة بذلك اذا ارادت أن تكون فلسطين عضوا في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لأن الآلية هي التوجه لمجلس الأمن وبشرط الا يستعمل حق النقض من الدول الأعضاء، والا يحال الموضوع الى الجمعية العمومية وبموافقة مجلس الأمن الذي يجب أن يفسر سبب الرفض والاحالة، هذه هي العقبة الأكبر أمام القيادة، والقضية في مجلس الأمن ألا وهي حق النقض من قبل أمريكا. أما الخيارات الأخرى فتتمثل في رغبة أمريكا بعودتنا الى التفاوض والمفاوضات التي جرّبت من بداية التسعينات وحتى اليوم والطرف الفلسطيني يعتقد أنه اذا استمرت، فسوف تستمر أيضا الى خمسين سنة أخرى دون أن تأخذ شيئاً من الإسرائيليين لنصل الى الوقت الذي تكون فيه الدولة الفلسطينية قد ابتلعت من قبل المستوطنات وهُوِّدت بقيتها بتزوير التاريخ من أسماء الشوارع بالعبارات العبرية ولن نجد ما نفاوض عليه، فالخيارات أمام القيادة الفلسطينية شبه شحيحة لأنها تصطدم بموقف أمريكي معارض لمصالح الشعب الفلسطيني.

 

ما الذي تريده القيادة الفلسطينية من مجلس الامن؟

هناك احتمالان أو حلان للقيادة الفلسطينية اذا أرادت من العالم الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو في الأمم المتحدة، فبالامكان أن يطلب  الفلسطينيون في الجمعية العمومية للأمم المتحدة  اعتراف دول العالم بفلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة لما بعد ذلك من اثار قانونية تترتب على الاعتراف. فالأولوية هي التوجه أولا الى مجلس الأمن لطلب احالة الملف الى الجمعية العمومية لادخال دولة جديدة في الأمم المتحدة وهذا مشروط بموافقة من مجلس الأمن واذا رفض مجلس الأمن باستعمال أحد أعضائه لحق النقض وهنا أتحدث عن أمريكا، يمكن الاستناد هنا الى حالة " الاتحاد من أجل السلم " وفي هذه الحالة يمكن التوجه تحت هذا العنوان الى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وبدون مجلس الأمن، وهذا مشروط بموافقة ثلثي الأعضاء في الجمعية العمومية ولذلك تخوض القيادة الفلسطينية معركة محمومة تسارع فيها الزمن من أجل أن تحصل على أصوات ثلثي أعضاء الجمعية العمومية لقبول فلسطين كعضو في الأمم المتحدة.

 

هل تتوقع نجاح الكيان الاسرائيلي في اقناع بعض الدول بعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟ وما هي الاساليب التي ستتبعها لتحقيق ذلك؟

هذه معركة مفتوحة، فنجاح اسرائيل من عدمه ممكن ولا شيء مستحيل أو غير ممكن، ولكن العالم برغم معرفته بالحقيقة ورغم تعاطف معظم دول العالم مع القضية الفلسطينية الا أن الدول في السياسة تتعامل بالمصالح. فهناك الدب الأمريكي، هذه القوة الاقتصادية والعسكرية الهائلة من دول العالم مستعدة للمجازفة ومواجهة أمريكا من أجل الشعب الفلسطيني! هذا هو السؤال فالموضوع يتعدى اقناع الاسرائيليين للاخرين وانما خشية الدول من الحصار والعقوبات الأمريكية هو ما يجعل الدول تستجيب لاسرائيل. وبكل أسف أي دولة في العالم تعلم بأن السياسة الخارجية الأمريكية محكومة بالموقف الاسرائيلي وليس عكس ذلك، فالرئيس الأمريكي اوباما وفي أكثر من مرة أطلق تصريحات، ومن ثم تراجع عنها لأن اوباما من الزعماء القليلين الذين جاؤوا من خارج المؤسسة الحاكمة  في أمريكا والغريب عنها، فالرجل جاء الى البيت الأبيض بانتخابات ديمقراطية، وظن أن باستطاعته أن يقول رأيه وأن رأيه أوامر ولكن الحقيقة غير ذلك فلا تعويل على الموقف الأمريكي، والاسرائيليون يحاولون اقناع الدول بعدم التصويت لصالحنا بالتلويح بالعصا الأمريكية. فممكن لبعض الدول أن ترضخ لهم وممكن أن لا ينجحوا مع الجميع في هذا الأمر.

 

ما هو الدور الاميركي المتوقع في مواجهة المشروع الفلسطيني القادم؟

الدور الأمريكي الان متكامل مع الموقف الاسرائيلي بالكامل في محاولة افشال الدبلوماسية الفلسطينية ومحاولة تعطيل صدور قرار من مؤسسات الأمم المتحدة يتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. والدور الأمريكي يحاول الان ايجاد بدائل اخرى لجرنا واعادتنا الى مربع المفاوضات، ولا يريدون أن يفرض ذلك من قبل مؤسسات المجتمع الدولي، وأتوقع أن يخرج لنا الامريكان باقتراحات جديدة لا تغير من الواقع شيئا، فلا يجوز التعويل على الموقف الامريكي. بالمقابل لا نلوم أي مسؤول فلسطيني لان هذه هي امريكا، وفي هذه المرحلة أمريكا تتفرد بالقيادة في العالم، وعندما نتحدث عن الحصول على دول عن طريق السلم والمفاوضات لا بد من موافقة أمريكا وما زال الموقف الأمريكي، وحسب اعتقادي منعنا عن التوجه للأمم المتحدة وبكل الوسائل سواء بالتهديد أو بالترغيب، الا أن القيادة الفلسطينية مصممة على الذهاب الى الأمم المتحدة في أيلول القادم حتى وان لم نحصل على شيء، لأن قاعدة التفاوض يجب أن تتغير وكذلك مرجعية التفاوض يجب أن تتغير ولا يجوز أن نبقي كل البيض الفلسطيني في السلة الأمريكية، ويجب احراج أمريكا على الأقل اذا أرادت أن تستخدم حق النقض ضدنا في مجلس الامن. ولكن شيئا فشيئا سنحصل على الدولة الفلسطينية لأن العالم أصبح مقتنعا تماما بحقنا في الدولة. وهناك خيارات صعبة أمام الطرف الاسرائيلي والأمريكي أيضا فاما أن تقسم هذه الأرض كوطن لشعبين، وعلى أساس حل الدولتين واما أن يكون وطن ديمقراطي لشعبين وكلاهما مر بالنسبة للاسرائيليين.

 

بتقديركم هل سيكون الموقف الاوروبي موحدا او منقسما تجاه عملية الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

التعويل الان بالواقع على الموقف الاروربي، فعدد الدول الاوروبية كثير وليس لنا مشكلة في دول أمريكا اللاتينية  أو دول العالم الثالث، والحقيقة أن المشكل في اوروبا التي تحسب كل شيء وكل موقف وحسب مصالحها طبعا، خصوصا اذا اضطررنا الى اللجوء الى حالة الاتحاد من أجل السلم والتصويت من خلال الجمعية العمومية للأمم المتحدة. فاذا صوتت الدول الاوروبية من أجل فلسطين سننجح ولكن هذا الأمر غير مضمون. وهنا لا مجال للتفاؤل والتشاؤم وانما الموضوع يحتكم الى المصالح الاوروبية التي ترتبط بشكل أو بآخر بالمصالح الأمريكية ولو في بعض الأمور والسياسات. ولكن الى أي مدى ممكن للسياسة الاوروبية أن تواجه أمريكا هذا ما ستكشف عنه الأشهر القادمة، وهذا ما تحاول القيادة الفلسطينية تجييره وتحويله لصالح قضيتنا ومحاولة استمالة أكبر عدد ممكن من أصوات الدول الاوروبية لنا، فالتعويل والمعركة في الساحة الاوروبية والقيادة الفلسطينية تعمل ليل نهار من أجل ذلك، ولكن يجب أن لا نتفاجأ اذا الدول الاوروبية لم تصوّت لصالحنا، وأسهل شيء لهم وخروجا من الاحراج أن يمتنعوا عن التصويت. وهذا موقف سلبي وكأنهم يصوتون ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود العام الـ67 لأننا بحاجة لجميع الأصوات المؤيدة لنا الان.

 

ما هو المطلوب فلسطينيا للذهاب الى ايلول بشكل اقوى، ولماذا تتخوف اسرائيل من مناورة القيادة الفلسطينية بتطبيق القرار الأممي 181؟

على القيادة الفلسطينية أن تستمر في معركتها وفي جميع الاتجاهات وفي كل مكان وهم يحققون النجاحات حتى هذه اللحظة، وحتى اذا لم نخرج بدولة في أيلول القادم لن نخسر شيئا.

 واذا توجهنا الى الأمم المتحدة سواء في مجلس الأمن أو في الجمعية العمومية  يجب أن نطلب استكمال تنفيذ القرار 181 الذي اشترط وجود دولتين دولة اسرائيلية ودولة عربية، فعندما اعترفت الأمم المتحدة باسرائيل كدولة وعضو فيها كان الاعتراف مشروطاً بثلاثة أمور: أولها اقامة الدولة العربية وثانيها عودة اللاجئين لديارهم، وثالثها احترام الاقليات وحمايتها في داخل حدود دولة اسرائيل التي حددتها الأمم المتحدة. فهناك سؤال قانوني وهو اذا ذهبنا الى الأمم المتحدة وطالبنا بدولة على حدود العام 67 هل سيعتبر هذا تنازلا من الفلسطينيين عن الحدود التي أقرها القرار 181 وما الذي يضير اذا طالبنا نحن بالأكثر وبالقرار 181 الذي قامت بموجبه الدولة الاسرائيلية ومن ثم حصلنا على دولة على حدود الـ67 اسرائيل لم تقبل حتى الان الحدود للعام67. فكيف ستقبل وترضى بالحدود التي أقرها القرار 181 هي لن ترضى بأي من القرارين، ولكن المطالبة باستكمال تنفيذ القرار 181 سيضغط على اسرائيل أكثر وسيضطرها للقبول بحدود الـ67 .

 

هل تتوقعون تصعيدا شعبيا في الحركة الشعبية للمقاومة في الاراضي المحتلة؟

هذا الأمر مرتبط بتطورات الأوضاع السياسية، فاذا حصلنا على الدولة من قبل الأمم المتحدة بطبيعة الحال سيكون هناك تصعيد من قبل الجانب الاسرائيلي، وسيفقدون صوابهم وسيضعون العراقيل لنا وسيضيقون الخناق على الناس أكثر فأكثر. وبالتالي ستكون المسألة تلقائية وردة فعل طبيعية على اسرائيل وسيرد الشارع الفلسطيني بتصعيد المقاومة الشعبية ضد التعسف الاسرائيلي. والقيادة الفلسطينية تركّز على النضال السلمي والمقاومة الشعبية فنحن الشعب الوحيد من شعوب العالم الذي بقي دون دولة وتحت الاحتلال من قبل شعب اخر غريب عن المنطقة. ولن يستمر الوضع القائم الى ما لا نهاية، بل يجب التحرك دائما وهذا هو مطلب القيادة الفلسطينية. وكما الحال في بلعين ونعلين وقرية المعصرة والنبي صالح وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية التي تخرج باستمرار في مسيرات ضد هذا العدو رافضة الاحتلال ومطالبة بالاستقلال، وعودة الارض لأصحابها، وعلى كل العالم أن يعلم بمطالب الشعب الفلسطيني العادلة، ولا يجوز للعالم المتحضر أن يستمر في صمته عن الجرائم والممارسات الاسرائيلية بحق شعبنا، ونحن نقول إما أن نكون دولة مستقلة، وإما أن نكون مواطنين في هذه الدولة ولا نريد أكثر من ذلك، نحن لا نطلب فناء اسرائيل، وعلى العالم أن يجيب على ذلك في ايلول القادم. وأنا أعتقد انه اذا لم ننجح في هذه الدورة سننجح في دورة قادمة فلا مجال ولا محال ولا مناص من اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعلى حدود العام 1967 على الأقل.

 

 كيف تنظرون الى موضوع المفاوضات قبل ايلول وبعد ايلول من ناحية قانونية، وكيف سيكون تأثير ذلك على بقية الملفات كملف اللاجئين والأسرى؟

لا نية لاسرائيل بالسلام  فهي تريد الارض والسلام معا ولا مصداقية للطرف الامريكي في التفاوض. واذا كان لابد من العودة للمفاوضات وأنا لا أستبعد ذلك فيجب أن تكون على أسس ومرجعيات جديدة وواضحة، واذا حصلنا على الدولة الفلسطينية في أيلول القادم سيتبع ذلك مفاوضات ولا بد من المفاوضات في كل الأحوال. ولكن سيكون الوضع مختلفا في حال الحصول على الاعتراف بالدولة كعضو في الأمم المتحدة، فستكون دولة أراضيها تقع تحت احتلال دولة أخرى وسنضطر لمفاوضات لحل الصراع بمعنى سنتطرق بعد ذلك الى موضوع اللاجئين وهو قرار أممي اخر ومختلف عن قرار اقامة الدولة. وكذلك سيتم فتح ملف الاسرى خصوصا عند الوصول لنقطة انهاء الصراع، وسيكون ملف الاسرى كتحصيل حاصل، ولن يفرج الجانب الاسرائيلي عن الاسرى طالما الصراع لم ينته. وهنا لا أعطي المبرر له لاستمرار الاعتقال ولكن هذا هو الواقع، وهذا هو الاحتلال، ولن يفرج عن الاسرى الا اذا أضطر الى ذلك كما كان يحدث في صفقات تبادل الاسرى حيث كان الاحتلال يضطر للافراج عن الاسرى الفلسطينييين، ولن يتم انهاء الصراع الا باطلاق سراح الاسرى وحل قضية اللاجئين.

 

 هل الموافقة على المبادرة الفرنسية وعلى خطاب اوباما في الخارجية كأساس للمفاوضات، أمر مدروس من حيث المضمون أو انه مخرج من الازمة؟

خطاب اوباما أعطى مرجعية قريبة لما تم بعد اوسلو، وهي انهاء الاحتلال الذي تم في العام 1967، وهو قال دولة فلسطينية على حدود العام 67 مع امكانية تبادل الأراضي وأن تكون الدولة حدودها الأردن ومصر واسرائيل معنى ذلك أن نهر الأردن سيكون الحدود الفاصلة بين الاردن وفلسطين ولا وجود لاسرائيل في ذلك. وأعتبر ذلك خطوة ايجابية ونحن لا نعترف ولا نوافق على كل ما جاء في خطاب اوباما، وكذلك بالنسبة للمبادرة الفرنسية نحن وكما أعلن فخامة الرئيس سنفاوض اذا كانت المفاوضات ستقود الى دولة أما إذا كان التفاوض غير واضح المرجعيات وبدون جدول زمني فلن نقبل به.