حوار/امل خليفة

قدَّم الرئيس ابو مازن مبادرة المصالحة وزيارة قطاع غزة بعد دعوة حركة حماس له وبضغط شعبي فلسطيني لأنهاء الانقسام، اَّلا انَّ قيادة حماس سرعان ما تنصَّلت من هذه الدعوة بأشتراطات تعجيزية تشوبها المصالح الفصائلية على  حساب المصلحة الوطنية وبضغط خارجي، في الوقت الذي اجَّل فيه الرئيس ابو مازن اعلان تشكلية الحكومة الجديدة لأفساح المجال والتمهيد للحوار الوطني ، وفي ظل الضغط الذي يمارس على السلطة الوطنية من اجل افشال مشروع اعلان الدولة الفلسطينية، والخطة الاسرائيلية المضادة للدبلوماسية الفلسطينية النشطة ومواضيع أخرى،في الحوارالتالي مع  د. محمد اشتية عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح". 

 

د. محمد اشتية عرض الرئيس ابو مازن الذهاب الى قطاع غزة لحل مسألة الانقسام، كيف تصف هذه المبادرة وكيف تقيم موقف حماس؟

ان الرئيس ابو مازن لم يترك بوابة الا طرقها باتجاه المصالحة سواء أكان ذلك بالحوار أم بالتوقيع على ورقة المصالحة المصرية ام حتى دعوة حماس، فهنية وقبل اسبوع من مبادرة ابو مازن قال فليتفضل الرئيس ابو مازن الى غزة، وبعد موافقة الرئيس تنصلت حماس من الدعوة، وقد وقف الرئيس امام العالم من اجل اتفاق مكة وحارب من اجل حكومة حماس العام 2006، وقد عمل الرئيس ايضا باتجاه لوبي دولي للاجماع على هذه المصالحة رغم اعتراض العديد من العواصم ، وقد قاوم كافة اشكال الضغوط لأجل المصالحة، لم يبقَ شيْء من اجل الديمقراطية ومن اجل المصالحة لم يقم به الرئيس ابو مازن، وللأسف الشديد لم نرَ من الطرف الأخر اي رد جدي او حقيقي يذكر، وفي كل مرة عند طرح اي مبادرة  تُوجِد حماس حججاَ واشكالات وشروطاً جديدة امام انهاء الانقسام، بالتالي وللأسف الشديد اغلقت حركة حماس جميع ابواب المصالحة، مثلا اذا كان ابو مازن على استعداد للحضور الى القطاع لماذا اللقاء في القاهرة، لقد اكدنا التوافق على حكومة وحدة امامها أمران للتنفيذ، الاول الانتخابات والثاني اعمار غزة، وبعدها الانتقال الى مناقشة كافة الامور الاخرى ونحن على استعداد لتقبل الآخر، ولكن  في كل مرة نعود بموضوع المصالحة الى نقطة الصفر كقصة ابريق الزيت التي لآ تنتهي، الآن هناك مبادرة ذات بعد دولي واضح تدعمها الحالة الشعبية الفلسطينية من خلال المظاهرات لانهاء الانقسام، وقد دعم الرئيس والقيادة الفلسطينية في رام الله هذه التوجهات، رغبة بوحدة الجغرافيا وايمانه بوحدة الشعب الفلسطيني ووحدة المؤسسة تحت برنامج وطني وسياسي ونضالي، وللأسف الى الآن لم نسمع سوى الشروط.

 

حماس مستمرة بوضع العراقيل امام مبادرات حل الانقسام، الى اين ستسير الامور في حال استمر هذا الرفض؟

نحن لن نغلق الباب تحت اي ظرف من الظروف لأن المصلحة الوطنية تقتضي ذلك، اضافة الى ان هناك ضغوطاً من داخل الحركة لوجوب انتهاء هذا الامر، وعدم الاستمرار بالجري خلف رغبات حماس غير الشرعية، الا اننا حقيقة ابوابنا ستبقى مفتوحة امام المصالحة وسنبقى نقدم المبادرات لأن الامر بالنسبة لنا عمق استراتيجي، فليس هناك دولة بدون غزة كما انه  ليس هناك دولة بدون القدس، اهمية المصالحة ايضا تكمن بتعزيز موقفنا الدولي والتفاوضي وموقفنا من موضوع المقاومة الشعبية والصورة في المجتمع العالمي وتعزز ايضا معنويات شعبنا الفلسطيني بكافة اماكن تواجده، ورغم خسارتنا الا اننا مجبورون على ترك الابواب مفتوحة امام اي مبادرة ترضي كافة الاطراف.

 

كما نعلم هناك تدخلات خارجية واقليمية في موقف حماس تجاه مبادرات المصالحة، ما هو موقف قيادتنا من هذه التدخلات؟

التدخلات ذات جانبين، جهة تسمح بالتدخل، وهناك التدخل نفسه، والاحرى بحركة حماس عدم السماح بالتدخل، هذا من جانب ومن جانب آخر في العالم من يود الوقوف مع فلسطين لا ان يقف مع فصائل فلسطين بل مع وحدة فلسطين وقضية فلسطين، لذلك على اصابع الاقليم التوقف عن التدخل من جهة، والاجدر ان لا يُسمح لهذه الاصابع بالتدخل من الاطراف ذات العلاقة، الا انه من الواضح ان هناك مصالح مشتركة بين المُتدخِّل والمُتدخَّل به، بالنسبة لنا هناك العديد من البدائل الا اننا لا نريد لهذه البدائل ان تكون ، ونحن لا نتكلم عن المواجهة العسكرية هنا، وسنبقي باب المصالحة مفتوحا الى ان يخرج من حماس قيادة تريد للمشروع الوطني ان ينجح وتريد للدولة ان تنجح، وتستعيد هذه القيادة وعيها بتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الفصائلية.

 

برأيك هل ستؤثر الثورات العربية الشعبية على المواقف السياسية تجاه القضية الفلسطينية؟

حركة فتح هي حركة تحرر وطني ونحن بذلك نقف بكامل قوانا مع ارادة الشعوب، هذا من جانب ومن جانب آخر نحن نرى الديمقراطية العربية هي السند الحقيقي لفلسطين، في حالة مصر مثلا ان المواقف لا تتغير بتغير الاشخاص ففلسطين في قلب العرب وفي قلب مصر، ومهما يتغير من انظمة حكم فنحن لا نخاف على قضيتنا الفلسطينية من الغياب، والعرب خلال هذه الانتفاضات العربية المباركة ذات اجندات محلية، تأتي باتجاه حقوق الانسان ورفض القمع والبطالة والفقر ومطالبة بالديمقراطية جميع هذه القضايا بحاجة للمعالجة، ورغم ذلك القضية الفلسطينية ليست غائبة عن اذهان الجمهور العربي، وعلى المدى القريب سوف تنشغل الامة العربية بذاتها وهمومها الا انه على المدى المتوسط والبعيد ستستعيد فلسطين عافيتها بالعقل والوجدان العربي على المستويين الرسمي والشعبي، والمستوى الشعبي اليوم يصبح الرسمي غدا، بالتالي نحن متفائلون ان الهبات العربية هي في صالح القضية الفلسطينية وان كان ليس بشكل مباشر ، في مصر مثلا كانت زيارة الرئيس ابو مازن دافئة جدا ولقي من الترحيب والتأكيد على كافة الثوابت فيما يتعلق بالمسار السياسي وانهاء الاحتلال وفيما يتعلق بالمصالحة، هناك تأكيد على اللغة المشتركة والثابتة وحقوقنا المشروعة، واليوم الرئيس ابو مازن في تونس نحن على ثقة ان الموقف سيكون تجاه مصالح القضية الفلسطينية، ونحن نتمنى ايضا للشعب الليبي كل الخير ونأمل ان يستطيع تحقيق مطالبه، وكذلك بالنسبة لأهلنا في سوريا، في مجمل الامور نريد لهذه الحالة العربية ان تكون بافضل حال، للاسف ان القضايا المطروحة هي قضايا اقليمية تبعدنا عن المنظور القومي الا اننا واثقون اننا سنعود الى هذا المنظور العربي الوحدوي الديمقراطي المتضمن الاحترام للانسان العربي ولحقوقه ومعاناته، فلا يعقل هذا الفقر الشعبي العربي في ظل امتلاك الخيرات والثروات والاتفاق على صيغة مشتركة لهذه الاستثمارات العربية ان تكون عربية بدلا من ان تكون في الخارج، ليستطيع بالتالي الانسان العربي التفريق بين الحياة والموت، فالكرامة يجب ان تكون في الوطن وليس في المهجر، واذا دارت عجلة الديمقراطية في الوطن العربي يعني ان هناك ديمومة وتجديد دماء وتجديد فرص.

 

نعم ولكن هناك بعض دول الطوق التي لها تأثير مباشر على القضية الفلسطينية مثل مصر وسوريا، كيف ننظر الى مواقف هذه الدول من القضية الفلسطينية؟

نحن نعتبر ان هنالك قواسم نعتبرها مشتركة مع مصر وما يجري بالتاكيد يؤثر على هذه القضايا اولها الموضوع السياسي، فمصر تاريخيا ثابتة فيما يخص الحق الفلسطيني، ومصر تعكس نفسها بشكل مباشر علينا بموضوع المصالحة بصفتها راعية لهذه المصالحة والاهتمام المصري بالمصالحة الفلسطينية الفلسطينية ما زال قائما لأنها تنظر الى فلسطين كجزء من الامن القومي المصري سواء فلسطين بشكلها التاريخي او بواقع غزة اليوم، فهمُّ اسرائيل هو دفع هذا الجزء من فلسطين تجاه مصر، فهناك اشتراك بالرؤية مع المصريين فيما يتعلق بالجغرافية السياسية للمنطقة، والحالة الثالثة هي معبر رفح وحالة الانشقاق الفريدة التي حصلت والآليات المعمول بها، الرئيس ابو مازن طالب بتسهيل حياة الناس في المعبر، ولعبت مصر ايضا دورا كبيرا في موضوع شاليط وصفقة تبادل الاسرى، ونأمل ان تتم هذه الصفقة، بالنسبة لنا هناك ستة آلاف فلسطيني داخل السجون الاسرائيلية ومهما كان عدد المفرج عنهم فهو مكسب للشعب الفلسطيني، وفيما يخص سوريا وهي عنصر اساسي في المعادلة العربية بالنسبة لفلسطين ووزن عربي مهم بالنسبة لنا، ونرى هذه العلاقة بسوريا بنفس الاتجاه الذي نراه في مصر، وللأسف اليوم العلاقة مع سوريا توصف بين الصعود والهبوط، ولكن نأمل ان تكون بحالة الصعود وتعزيز الصمود الفلسطيني واحقاق الحق، ونحن معنيون بتحرير الجولان كما  نحن معنيون بتحرير القدس وبقية الاراضي الفلسطينية.

 

في موضوع التعديل او التغيير الوزاري ، المطالبات متصاعدة من قبل الحركة، ما الاسباب وهل الامر مرتبط بالمصالحة؟

فيما يخص التعديل الوزاري كان لا بد ان يتم منذ فترة اَّلا انَّ الرئيس ابو مازن أجَّله على امل ان تتم المصالحة ويعطي لمبادرته صفة الجدية، وبما ان حماس لم تتجاوب مع هذه المبادرة فأن التعديل سيحصل بعد زيارة الرئيس ابو مازن في فرنسا هذا الاسبوع، بالنسبة لحكومة الوحدة الوطنية التي كنا نأمل بتشكيلها لن تتم، لأن حماس قدَّمت شروط غير مقبولة، وتحقيق المصالحة كان بالنسبة لنا من خلال حكومة الوحدة ومن ثم الانتقال الى باقي القضايا وهم لا يريدون التعاطي مع هذا الموضوع، لذا نحن مضطرون لتجاوزهم والاعلان عن الحكومة الجديدة الاسبوع القادم.

 

السلطة الوطنية على موعد مع استحقاقات ايلول القادم، وهناك خطة مضادة من قبل نتنياهو، هل سيؤثر ذلك على الاستحقاقات الفلسطينية؟

سيكون هناك خطاب لنتنياهو في الكونغرس في الثالث والعشرين من الشهر القادم وسيكون هناك خطاب للرئيس الامريكي اوباما قبل ذلك، وما يعنينا هو مفاوضات جدية وحقيقية مبنية على قضيتين؛ الاولى وقف الاستيطان، والثانية هي مرجعية واضحة للمفاوضات مع جدية في التدخل الدولي الطرف الثالث من  هذه القضايا ما زالت غائبة حتى الآن، لذلك نحن ذاهبون الى الخيار الآخر وهو الذهاب الى مجلس الامن والجمعية العمومية من اجل المطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود العام 1967، وبين اليوم وايلول هناك متسع للاتفاق الا اننا لا نجد شريكاً في اسرائيل يريد ان يتفق على شيء، كل الذي يحاول ان يقوم به نتنياهو هو ذر الرماد بالعيون والحديث عن قضايا شكلية جدا كأن يتحدث عن بعض الاراضي التي لا تذكر، والمعروفة بمناطق(سي)وتحويلها الى (بي) وبعض الاراضي المعروفة بـ (بي) وتحويلها الى (الف)، وهذا لا يعنينا بتاتا لأنه يعني التركيز على العشب قرب الشجرة وليس النظر الى الغابة كاملة، ونحن الذي يعنينا ليس العشب وانما الغابة، والغابة في حالتنا هو الاحتلال، فليتفضل السيد نتنياهو ويقول انهم سوف ينهون الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية وهذا هو بيت القصيد، نعم سوف نذهب الى الامم المتحدة ونقول للعالم اننا نريد انهاء الاحتلال الاسرائيلي واعلان الدولة الفلسطينية واننا قمنا بكافة الطرق لانجاح المسار السياسي والتفاوضي ولم نجد الشريك، لذا نريد من العالم الاعتراف بالدولة الفلسطينية ورفع القضية الى المنصة الدولية واملنا كبير لأننا نضمن ثلثي اصوات الدول وهم 130 دولة سوف يصوتون لصالح اعلان الدولة الفلسطينية