تشريح لفشل مدوٍ

اسرائيل اليوم – البروفيسور ابراهام بن تسفي:12/2

 "المضمون: التنازلات الاخيرة لاوباما التي في أساسها إبقاء اجهزة الطرد المركزي في أيدي روحاني، تشهد على أنه مصمم على السعي نحو اتفاق حتى لو كان ثمنه بالنسبة لاسرائيل غير محتمل".

في ذروة النقاش حول السفر المخطط له لرئيس الحكومة نتنياهو الى واشنطن، دُفع الى الهامش أساس المسألة التي من اجلها وضع الموضوع على جدول الاعمال السياسي والجماهيري. مع أهمية الاعتبارات التكتيكية المتعلقة بالخطاب أمام مجلسي النواب، هناك أهمية كبرى لتركيز الضوء على البعد الاستراتيجي، المتعلق بتصرف الادارة الامريكية الذي يحمل في داخله الكارثة تجاه طهران.

في هذا المجال ارتكب الرئيس خلال السنوات الست من ولايته في البيت الابيض كل الاخطاء التفكيرية والسياسية الممكنة، وحوّل عملية رسم السياسة الامريكية تجاه ايران الى عملية خرقاء ومتواصلة وغير مفهومة، حسب الكتاب الذي لا ينسى للمؤلفة بربارة توخمان.

في الحقيقة فان الفشل التفكيري المركزي لاوباما تم اكتشافه في بداية ولايته عندما كرر التعبير عن ايمانه بأن السبيل لمواجهة المشروع النووي الايراني بنجاح، يجب أن يكون سبيل التصالح القائم في اساسه على الاغراءات والمحفزات بدلا من التهديدات والعقوبات. هكذا لم يُخف اوباما سعيه لتجديد المفاوضات مع القيادة ومع الجمهور في ايران. في تموز 2012، قبل أن يتم انتخاب روحاني رئيسا بعد، قام بفتح القناة السرية للعلاقات بين شخصيات كبيرة امريكية وايرانية. هذه الحماسة للاشارة للقيادة الايرانية بأن طريقه هي طريق تصالحية واضحة، وجدت تعبيرها في حزيران 2009، عندما تخلى عمن بدأوا "الثورة الخضراء" ضد النظام الايراني المستبد برئاسة احمدي نجاد وتركهم لمصيرهم وامتنع عن اتخاذ أي خطوة حقيقية كان يمكنها اعطاء الالهام والدعم لقادة الاصلاح.

في نفس الوقت ظهر حاجز ضد الخط المتصلب الذي قادته فرنسا في المحادثات مع ايران. كان هذا في 2010، وبعد ان رفضت طهران الاقتراح بعيد المدى الذي بلورته الدول الست العظمى "الذي تضمن نقل اليورانيوم المخصب من ايران الى روسيا". واشنطن أعطت موافقتها لفرض عقوبات اقتصادية شاملة على النظام السائد في ايران. من نافل القول إن الاتفاق المرحلي الذي تم توقيعه في تشرين الثاني 2013 كان استمرارا مباشرا لهذا التوجه من التنازلات بعيدة المدى، وبهذا فقد أعطى بالفعل الشرعية للمكانة الجديدة لايران كدولة على شفا الذرة.

التنازلات الاخيرة من مصنع اوباما، التي في اساسها استعداده أن يبقي في أيدي روحاني – في الاتفاق النهائي – نصيب الاسد من اجهزة الطرد المركزي "على أمل أن يعمل التغيير في طريقة انتاجها على ابطاء قدرتها على الانتاج"، هذه التنازلات تشهد على أن الرئيس الحالي مصمم الاستمرار في الوصول الى الاتفاق، حتى لو كان ثمنه بالنسبة لاسرائيل سيكون غير محتمل.

ازاء هذا الوضع المليء بالمخاطر فقد جاء الوقت المناسب بالنسبة لاسرائيل الذي يلزم بتبني خط متصلب. حسب رأيي ليس فيه تنازلات أمام الاستعداد الامريكي لأن يبقي من خلف ضيعتها "اسرائيل" في الشرق الاوسط ايران كدولة عظمى اقليمية المهيأة بسهولة وبسرعة أن تجتاز الحد الفاصل بينها وبين القنبلة. لهذا وبسبب أنه لا مناص من مواجهة جدية مع مقاربة البيت الابيض، فمن المشكوك فيه أن يكون خطابا علنيا في الكونغرس هو الساحة التي تناسب هذه الحاجة، ليس فقط لاسباب حزبية حيث ان مكان هذا المنبر يلزم رئيس الحكومة باتخاذ خط حذر نسبيا وغير صدامي قدر الامكان تجاه البيت الابيض.

وبدل ذلك، بالتحديد بسبب الضرورة الاستراتيجية العليا للخروج في حرب سياسية غير تنازلية ومصممة، يمكن للقاءات مغلقة مع مشكلي الرأي العام ووسائل الاعلام الامريكية بكل انواعها، ومع رؤساء معاهد البحث الاساسية، والاكاديميين والمثقفين، زعماء ورؤساء المنظمات اليهودية والاشخاص المركزيين في الكونغرس، أن تكون اكثر تأثيرا في خلق جو جماهيري يصعب على اوباما الاستمرار في هرولته باتجاه الاتفاق. يجب تركيز الجهود على النخب والاشخاص المركزيين في واشنطن "أغلبيتهم يصعب تصنيفهم بصورة قطاعية أو حزبية ضيقة"، على أمل أن بلورة اجماع واسع يمتزج باعتبارات استراتيجية وليس سياسية، ستساعد على وضع القيود على الادارة التي حتى الآن على الاقل تستمر في الركض بعيون مغمضة باتجاه اتفاق كارثي.

 

 

نسي اليسار كيف يتكلم لغة الصهيونية

هآرتس – رامي ليفني:12/2

 "المضمون: في حين يتمسك اليمين في القضايا الصهيونية الجوهرية "على طريقته" يبتعد المركز- يسار عنها بالتدريج".

الاتهامات التي يلقيها بنيامين نتنياهو على قائمة المعسكر الصهيوين، كأنها "لا صهيونية"، هي وحشية لفظية، وايضا وقاحة حمقاء وثرثرة ساخرة دون اساس حول شرعية ووطنية خصومه السياسيين. وهو عمل منحط من الناحية الديمقراطية، والذي يصل درجة التحريض.ويتحول إلى وقاحة عندما يأتي من فم "صهيوني" مثل نتنياهو، والذي كرس حياته الفعلية لكبح الخطوة الاكثر اهمية في مصير الصهيونية: ارساء دولة اليهود القومية ضمن حدود ثابتة معترف بها.

ولكن، وخارج الدعاية الانتخابية، من الجيد ان الجدل حول الصهيونية احتل مكانا في الحملة الانتخابية الحالية. إذ لا مفر من ذلك. اسحق هرتسوغ وتسيبي ليبني بدءا مشوارهما بشكل صحيح، عندما اختارا اسم المعسكر الصهيوني للحزب الذي شكلاه. وهكذا أعلنا بأن المركز – يسار وضع حدا لاسلوب الدفاع عن العقائد وهو الأسلوب الذي اتبعاه خلال السنوات الاخيرة، وأن لديهما النية للوقوف مرة اخرى في وجه اليمين في حلبة المواجه السياسية المركزية، والتي رسمت حدود السياسة الاسرائيلية: الحرب على طبيعة الصهيونية.

هل الصهيونية حركة قومية عمياء، والتي تتلخص رؤياها في الاستيلاء على المناطق بثمن فقدان الاغلبية الديمقراطية والجوهر الاخلاقي، والتوجه الاثنوقراطي "العرقي" اتجاه الأقلية العربية داخل إسرائيل؟ أو ان الصهيونية هي تتطلع قومي ليبرالي، مسؤوليتها السيادية إزاء الشعب اليهودي تتمثل في ضمان مستقبل حافل بالسلام للدولة. ووضعها في عائلة الامم والمجتمع الدولي على قدم المساوة والمسؤولية؟ ما هي الصيغة التي تختارها اسرائيل؟ هذه مسالة أساس أصابها الابهام لأسباب عديدة أثناء الحملات الانتخابية الاخيرة. الآن، علينا أن نأمل بأن يدور حولها نضال ثاقب.ولكن، إذا تحدثنا بمصداقية، فإن حزب المركز – يسار ليس جاهزا لهذا التحدي. كما انه ليس هناك مبرر للافتراء على اليمين كما لو انه تحول إلى ما بعد صهيوني، من الواضح ان بعض المجموعات الهامشية في الطرف الاقصى المتطرف لليمين انسحبت عقائديا من المواقف الصهيونية الكلاسيكية. لكن وبالمقابل علينا الاشارة بأن  الحوار الصهيوني اليساري أصابه بعض التآكل. "المركز - يسار الصهيوني" الذي تحدث دائما "بطريقة صهيونية"، بمعنى رؤية اسرائيل باعتبارها مشروع قومي متواصل، فخور، له هدف ومكان في التاريخ، وينطلق من خلال هذه النظرة الشمولية لاختبار المسائل السياسية الحاسمة للدولة – لقد نسي قليلا هذه اللغة.

ما زالوا في اليمين يتحدثون، ويفكرون، ويكتبون حول ذلك الكتب، على طريقتهم بالطبع. اما في اليسار فأقل وأقل. في بعض الاوساط التي لا يستهان بها تطور نوع من الانسحاب في مواجة الذرائع والمفاهيم القومية، وهو ما بدا كنقيض للحوار الشعبي – ديمقراطي، الحوار الذي يجب ان يلتزم به اليسار الجدير بحمل اسمه.

ضعف الخيار "الصهيوني – يساري" عبر عنه ابتعادهم عن المواضيع السامية التي اعتنى بها "المركز – يسار" على الدوام فيما مضى، وعلى رأسها موضوع تقسيم البلاد. هم يتجادلون حول ذلك أحيانا، ولكن دون الحماس المرافق لموضوع جوهري كامن في عمق الصهيونية. كما هُجرت أو تُركت لقوى سياسية أخرى أمور الاهتمام ب ومعالجة مواضيع مشتقة من الايديولجيا الصهيونية – الرسمية، مثل ضرورة تكامل الحراديم "المتدينين المتشددين" او الإصلاحات في انظمة علاقة الدين بالدولة بشكل عام. إضافة إلى اسئلة ثقافية بعيدة المدى اشغلت التفكير الصهيوني، مثل الحفاظ على العامل المشترك في المجتمع الاسرائيلي المتجزئ لفرق وقطاعات، وتطوير الارتباط مع العالم اليهودي – هذه لم تعد من الاهتمامات الاولية لليسار. عندما يتقدم اليمين بقانون القومية – تشن المعارضة هجومها لصده، لكنها لا توضح ما هي الدولة اليهودية من وجهة نظرها. عندما تعمل حكومة نتنياهو على الحفاظ على مواقع التراث، أو تستأثر لذاتها بذكرى الكارثة – يكتفي اليسار بالابتسام.

يمكن الادعاء بالطبع ان ما ذكر مجرد مواضيع عفا عليها الزمن، بأن الصهيونية باتت  من الماضي، ومن الافضل الان الكف عنها لصالح بناء سياسة شعبية تتركز في انماط اشتراكية وفي حقوق الافراد، لها لغة ما بعد القومية. لكن اليسار يدعي بان هذا ليس ما يفكر فيه، وأنه ما زال يؤكد، ابتداء من حزب العمل – هتنوعاه وحتى ميرتس، التصاقه بالصهيونية. إذا صح ذلك فالشعارات لا تكفي. لقد آن الاوان لعرض محتوى حقيقي، لتعميق وتجديد الذخيرة الصهيونية – اليسارية، والاستعانه بها للشروع في المواجهة السياسية.

 

 

سيدي الرئيس

لقد تجاوزت الخط الاحمر

اسرائيل اليوم – بوعز بسموت:12/2

 "المضمون: لقد وصل الرئيس اوباما في تصريحاته التي قلل فيها من تهديدات الارهاب وخطورته الى الخط الاحمر عندما قال إن قتل اليهود في باريس كان مصادفة".

ليس سرا أنه لا توجد للرئيس اوباما خطوطا حمراء: رأينا ذلك في صيف 2013 في سوريا. لقد ذبح الاسد أبناء شعبه في ضواحي دمشق بالسلاح الكيميائي، وتوجه اوباما الى الكونغرس من اجل مسح الخط الاحمر الذي رسمه بنفسه.

ايضا في موضوع الارهاب الجهادي ليس لاوباما خطوطا حمراء. احيانا يصعب علينا فهم اذا كان ذلك نقصا في الفهم أوحب الآخر أو ببساطة رؤيا أبوية يكون فيها الجميع يحب الجميع – ربما باستثناء بعض الحالات المنفردة وهي لا سمح الله، الجهاديين الاسلاميين، يبدو هذا أمرا خياليا مأخوذا من الافلام العلمية الخيالية من عهد بوش. يبدو أنه منذ هزيمته في انتخابات منتصف الولاية في تشرين الثاني، لم يعد لاوباما حدود: هو يواصل التنكر للواقع الذي يعاني فيه العالم من الارهاب الاسلامي الذي يزداد ويتعاظم. لقد عرض الرئيس مشهد سكوب: حسب رأيه طالبان ليست تنظيما ارهابيا بل تنظيما سريا. فماذا يهم اذا قام هذا التنظيم في شهر كانون الاول "التنظيم السري" بذبح مئات الاولاد في مدرسة في باكستان؟ يمكن اعادة كتابة الواقع لكن هل ستُعاد ايضا كتابة التاريخ؟ بعد يومين من الاعدام المروع بالحرق للطيار الاردني المسكين شرح اوباما أنه حتى المسيحية قامت بجرائم فظيعة في الحروب الصليبية التي عفا عليها الزمن. لقد كان لاقواله وقع كبير عندما قالها في كنيسة. ماذا فكر بالضبط رجال داعش والقاعدة في سوريا والعراق. "نحن نتصرف تماما مثلما تصرف الكفار. هل هذا هو الوقت لتصريحات كهذه، سيدي الرئيس، هل منذ القرن الحادي عشر لم يتقدم العالم قليلا؟".

حينها جاء اوباما وقلل من تهديد الارهاب عندما شرح بأن كل ما ينزف "معروف" في وسائل الاعلام، "كل من ينزف دما هو الذي يقود"، والارهاب ليس مهددا الى هذه الدرجة، حيث أن امريكا اوباما "صفت القاعدة" "هكذا زعم في 2012".

حسب رأيي، اوباما كسر أمس رقما قياسيا جديدا من عدم الفهم الشديد، أو التضليل المتعمد. فقد شرح في مقابلة مع موقع "فوكس"، وواصل المتحدث باسم البيت الابيض الرسالة، أن المخرب في باريس قد قتل ضحاياه في بقالة الحلال في الحي 19 "بالمصادفة"!.

الى هنا سيدي الرئيس! اذا كانت سفارة الولايات المتحدة في باريس لم تبلغك بما يحدث حتى هذه اللحظة، فعندها سنقوم بذلك ونقوم بابلاغ البيت الابيض: المخرب القاتل، كوليبالي، شوهد في المنطقة قبل بضعة ايام من الحادث حيث جاء للانتقام من محل أو مؤسسة يهودية. ايضا الرهائن الذين بقوا على قيد الحياة أبلغوا كيف تحدث عن اليهود وعن رغبته بتصفية يهود. الضحايا الاربع في البقالة اليهودية لم يُقتلوا "مصادفة". لقد قتلوا فقط لكونهم يهودا، وقد أُحضروا للدفن هنا في اسرائيل.

سيدي الرئيس، نحن مستعدون لابتلاع الكثير من اقوالك، لكن هذه هي الاخيرة، هذا هو الخط الاحمر لنا.

 

 

لا تستبعدوا المشاركة مع العرب

هآرتس – رون غارليتس ونضال عثمان:12/2

مديرعام مشارك لجمعية أمل لدفع المساواة الاجتماعية. المحامي عثمان مدير هيئة مناهضة العنصرية في اسرائيل. "المضمون: استنارة بحكومة رابين الثانية التي تمكنت من الصمود بفعل دعم الاحزاب العربية،  يمكن لهرتسوغ الاستعانة بالقائمة العربية الموحدة لتشكيل حكومة على قاعدة الالتزام بتحقيق المساوة ودفع عملية السلام إلى الامام".

التوصية التي اصدرها حزب العمل بدعم فصل عضو الكنيست حنين الزعبي من قائمة المرشحين  مرفوضة من الوجهة الديمقراطية وبائسة من الناحية السياسية. آخر ما كان على رئيس حزب العمل إسحق هرتسوغ أن يفعله هو نسف المشاركة السياسية ل "القائمة العربية الموحدة". ولكن وعلى الرغم من هذه الخطوة البائسة، ما زالت المشاركة ممكنة وضرورية.

يعتقد ايمن عودة، رئيس القائمة الموحدة، بأن الحكومة القادمة لن تكون ناضجة إلى درجة ضم القائمة الموحدة إلى الإئتلاف. لكن حكومة برئاسة هرتسوغ، تذهب بشكل جاد وحقيقي باتجاه السلام والمساواة، ستعمل على دفع خطة طويلة المدى لسد الفجوات بين مواطني الدولة العرب وبين اليهود، وتوافق على تولي نواب القائمة الموحدة رئاسة لجان في الكنيست، بما في ذلك لجنة الداخلية. هذه الحكومة سوف تحظى بشكل شبه مؤكد، بدعم القائمة من خارجها، اثناء تشكيلها وبعد ذلك.

هذا موقف شجاع، ولا يتساير مع التوجه نحو تشكيل حكومات ائتلافية دون اخذ العرب في الحسبان، ولا يقبل بالفرضية القائلة بأن العرب لم يسبق أن دعموا حكومة وأنهم لن يفعلوا ذلك أبداً. هذه فرضية مغلوطة فعليا لان حكومة اسحق رابين الثانية دُعمت من قبل اعضاء كنيست عرب. في انتخابات 1992 حصل حزب العمل على 44 نائبا، وحصلت ميرتس على 12 نائبا، وشاس على 6 نواب. وهذه هي احزاب الإئتلاف التي شكلت حكومة رابين إلى حين انسحاب شاس من الحكومة في ايلول 1993، إثر التوقيع على اتفاقية أوسلو. من تلك اللحظة اصبحت حكومة رابين حكومة اقلية مشكلة من 56 عضو كنيست، لكنها دُعمت من خارجها من قبل  الاحزاب التي مثلت الجمهور العربي – حداش "ثلاث نواب" ومدع "نائبين".

وقد استند توقيع الاتفاق على مذكرة تفاهم بين حزب العمل وحداش، بناء عليه تعمل حكومة رابين لاحلال السلام مع الفلسطينيين وتدفع باتجاه المساواة للمواطنين العرب، وبالمقابل تصد حداش محاولات اليمين لإسقاط الحكومة بشكل فعال. وقد التزمت حداش ومداع بالتفاهمات ودعمتا الحكومة في مواجهة كافة اقتراحات عدم الثقة. الحكومة لم تسقط كما أن السماء لم تسقط فوق رؤوس النواب العرب ممن دعموها.

التزم رابين بالإتفاق: قام بدفع معاهدة السلام مع الفلسطينيين، وحققت حكومة الاقلية برئاسته اتفاقا غير مسبوق: الانسحاب من غزة وأريحا في أيار 1994. كما اتخذت الحكومة خطوات جدية على طريق المساواة، مثل الغاء التمييز في مخصصات الاولاد وزيادة المخصصات الحكومية للمجالس المحلية العربية. علاقة رابين مع المواطنين العرب كانت ايجابية، وقد تم لمس التغيير كلاميا وكذلك على الارض. الكثير من العرب ما زلوا يذكرون مرحلة رابين باعتبارها المرحلة الذهبية في العلاقات بينهم وبين الدولة، على الرغم أنه قبل ذلك عمل رابين على قمع الانتفاضة الفلسطينية.

عودة على انتخابات 2015، من كافة النواحي الشعبية والديمقراطية، لا يجب استبعاد مشاركة "القائمة الموحدة" في حكومة مركز – يسار. من جهة اخرى، فإن المشاركة الائتلافية الكاملة للقائمة في الحكومة ليست واقعية في الوقت الحالي لأن الجمهور العربي لن يوافق على جلوس مندوبيه في حكومة لا تتخذ خطوات فعلية لانهاء الاحتلال. وبالمقابل، إذا قدمت القائمة الدعم لهذه الحكومة من خارجها فإنه حينها من الممكن بل ويجب ان يحدث انقلاب حقيقي وعميق في السياسة الاسرائيلية.

نحن مقتنعان، بأن "القائمة الموحدة" ستطالب بخطوات فعلية من اجل دفع المساواة إلى الامام، بما في ذلك وقف هدم البيوت في النقب. توسيع المخططات الهيكلية للقرى والمدن العربية، تخصيص موازنات لتقليص الفجوات، والشروع في مفاوضات جادة مع الفلسطينيين. دمج هذه المطالب يمكنه ان يؤمن الدعم المطلوب من القائمة للحكومة من الخارج. وطالما استمر احترام هذه المطالب، فإن الجمهور العربي بغالبيته سيؤيد ممثليه. تماما كما حدث مع حكومة رابين الثانية.

هكذا يكون الرد المناسب لنزع شرعية مشاركة العرب في الحكومة – وأحد الانجازات السياسية الأكثر احراجا لليمين في اسرائيل. خط مستقيم يَعبر من التحريض الذي قام به رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو ضد رابين في السنوات التالية على أوسلو مرورا بتصريحه فيما مضى بأن دمج الاحزاب العربية يعرض أمن الدولة للخطر. وصولا إلى اغتيال رئيس الوزراء الذي تجرأ على الدخول في عملية السلام بدعم من الاعضاء العرب، وهكذا علقنا لعشرين سنة تالية في سفك الدماء.

رئيس الدولة روبين ريفلين، رجل اليمين، قال بأن المواطنين العرب هم جزء من لحم المجتمع الاسرائيلي. آن الأوان، لكي ينظر إليهم اليسار هو الآخر على انهم جزء من الساحة ويعيد الشراكة السياسية معهم. سواء عبر دفع المساواة أو تشغيل محرك المباحثات مع الفلسطينيين في المناطق. هنا يكمن الامل الوحيد لاعادة الدولة إلى سكة العقلانية.

 

 

نتنياهو يتحول الى بينيت

معاريف – بن كسبيت:12/2

 "المضمون: لقد أثارت تصريحات نتنياهو الاخيرة حول "المصادر الموثوقة" التي أخبرته بأن رئيس الدولة سيكلف رئيس الحزب الاكبر بمهمة تشكيل الحكومة ضجة اعلامية جديدة".

لقد خرج المارد من القمقم، أو بصورة أدق رجعت القنينة من "التدوير". اعترف نتنياهو أمس أمام مدرسة التهيئة العسكرية في عيلي بأكبر قلق يشغله: تشكيل الحكومة القادمة. لقد كشف للحضور أن تشكيل الحكومة القادمة لن يلقى على من يقف على رأس الكتلة الاكبر سياسيا، بل على الذي سيقف على رأس أكبر حزب سياسي. كيف يعرف ذلك؟ هو يعرف ذلك من "مصادر موثوقة"، هكذا قال بالضبط.

في مقر الرئيس يغلون. العلاقات بين نتنياهو ورؤوبين ريفلين، الرجل الذي فعل كل ما في استطاعته من اجل منع انتخابه للرئاسة، لم تكن جيدة حتى الآن. لكن من أمس مساء عادت لتصبح سيئة. بكلام فارغ جر نتنياهو رئيس الدولة، المواطن رقم 1، الى المزبلة السياسية. رجال ريفلين أوضحوا أمس: الرئيس لم يوجه أحدا فيما يتعلق بالمسألة التي تحدث عنها نتنياهو، الرئيس لم يتحدث مع أي شخص وبالتأكيد لم يصرح على من سيلقي مهمة تشكيل الحكومة. الرئيس سيتحدث مع رؤساء الاحزاب ويحاول اقناع الذين لم يوصوا بأن يوصوا، واذا لم ينجح فسيستخرج منهم سلم افضلياتهم. وهكذا هو سيعرف من له حظا أوفر في تشكيل الحكومة، هكذا يعمل، هكذا نص القانون، لكن بيبي يعرف كما يبدو أفضل كيف سيتصرف ريفلين.

ضجة اعلامية اخرى

عندما يقول نتنياهو "مصادر موثوقة" يجب الحذر. سجله في هذا المجال اشكالي. في 1993 كانت له مصادر موثوقة أعلمته بوجود تسجيل عنه وهو يعطي هدية محبة لامرأة ليست "السيدة". الرجل لم يرَ الشريط ولم يتلق أي اشارات عنه، لكنه سريعا ذهب الى ستوديو الاخبار وتحدث عن القصة لكل الدولة، وفي النهاية تبين عدم وجود شريط. في 2002 شهد أمام الكونغرس الامريكي بانجليزيته الفصيحة أنه يوجد لصدام حسين سلاح للابادة الجماعية يشمل "برنامج نووي متقدم". نتنياهو ضغط على الولايات المتحدة لغزو العراق وقال لهم اذا قاموا بذلك فان ذلك "سيخدم السلام والاستقرار".

حسنا، وماذا بعد. من هي "المصادر الموثوقة" له في هذه المرة. أراهن على نداف بيري وعميت سيغل. في اليوم السابق اقتبس اعلان انتخابي رسمي لليكود هذين الثعلبين السياسيين يتوقعان فيه أن يلقي الرئيس مهمة تشكيل الحكومة على رئيس الحزب الاكبر. الطريق من هنا حتى الخوف الهستيري لنتنياهو، قصيرة. بالمناسبة، وللتذكير: قبل ربع ساعة بالضبط افتتح نتنياهو الحملة الانتخابية لليكود في موضوع تغيير طريقة الحكم. ماذا اقترح بدلا من الطريقة الحالية؟ لقد اقترح أن "رئيس الحزب الاكبر يكون بصورة تلقائية رئيسا للحكومة".

ما يحدث الآن هو عملية أكل للحوم البشر داخل المعسكرات. في هذه اللحظة، في الاساس في كتلة بيبي، ينقض على اصوات بينيت الانتخابية بنهم، لأنه يخشى من أن كل مقعد يذهب لبينيت وليس له سيحول هرتسوغ لرئيس حكومة. هذا هو السبب لانقضاضه على نوني موزيس ووسائل الاعلام أول أمس، هذا هو السبب لفصل البروفيسورات في لجنة جائزة اسرائيل أمس. هذه عملية بينيتية سريعة يمر بها نتنياهو من اجل أن ينهي الانتخابات في كل الاحوال بمقعد واحد زيادة أو حتى بصوت واحد أكثر من هرتسوغ. من الامور المثيرة والمهمة كيف سيرد بينيت على ذلك.

وفي النهاية، هل سيكون هناك مواجهة تلفزيونية بين المرشحين؟ ليس مؤكدا. هرتسوغ سيرتكب خطأ اذا ذهب الى مواجهة مع رؤساء الاحزاب الاخرى، عليه أن يهييء نفسه ليكون في نفس مستوى نظرهم مثل نتنياهو. بيبي؟ عليه قبل ذلك أن ينهي مواجهته مع الرئيس اوباما قبل أن يفكر بمواجهة مع هرتسوغ. عندما يعود من واشنطن سيفحص الوضع. اذا كان سينتصر في الاستطلاعات فلن يأتي الى المواجهة، وبالعكس. في هذه الاثناء في اعلانه الغريب الذي قال فيه إنه يزن أن يأتي الى المواجهة، لكن "فقط بشرط أن تكون المواجهة مع تسيبي". وهكذا في النهاية فقد أثار ضجة اعلامية جديدة وأشغل نشرات الاخبار مساءً جديدا. لقد خرج بسلام مرة اخرى وفرض مرة اخرى البرنامج اليومي.