محمود زيات

«السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها، لم يعد له فائدة»، تلك هي العبارة التي تركها وزير الداخلية نهاد المشنوق في اروقة سراي صيدا الحكومي، وهو يتوسط قادة الاجهزة الامنية والعسكرية، عبارة قالها المشنوق ومشى.. من دون ان يستدعي الامر خطة او تصورا او حتى نوايا لمعالجة ملف السلاح الفلسطيني، تقول اوساط فلسطينية وهو لم يسبقه عليها احد، حتى رؤساء الجمهوريات والحكومات الذين تعاقبوا على السلطة، منذ اتفاق الطائف الذي اعطى الشرعية، ولو المقيدة، للسلاح الفلسطيني داخل المخيمات، وربط هذ الملف مع ملف حق العودة اللاجئين الفلسطينيين.

وترى الاوساط الفلسطينية متابعة، ان كلام وزير الداخلية بدا كلاما نظريا، لكونه جاء خارج السياق العام للاحداث، لافتا الى ان الاولوية اللبنانية اليوم، هي لمعاجلة الملفات الامنية الشائكة على الساحة اللبنانية، والتي تعاظمت اكثر مع دخول لبنان واللبنانين في موجات من التفجيرات الارهابية ، التي ارتبطت بصورة وثيقة مع تداعيات الاحداث في سوريا.

وتلفت الاوساط نفسها ، الى ان كلام المشنوق لم يضف شيئا على الملف الفلسطيني ، وان كانت القوى الامنية والعسكرية قد سجلت انجازات هامة على مستوى ملاحقة، لكن الاهم، ان يجري تأمين الاجواء الملائمة والمساعدة لفكفكة الالغام المتعلقة بالمخيمات الفلسطينية، مع تداخل العوامل الاقليمية والمحلية والدولية، وبخاصة ما يجري في سوريا، والتداعيات الخطيرة التي حملتها وما زالت، الصراعات الحادة في الساحات العربية، والانقسام الحاد في الساحة اللبنانية، وتقول الاوساط، الجميع بات على قناعة تامة، بان الملفات الامنية في لبنان لا يمكن معالجتها الا من خلال مقاربات تلائم كل هذه التعقيدات السياسية والامنية التي تحفل بها الساحة اللبنانية. وتعتبر الاوساط، ان التنظيمات الاسلامية المتطرفة التي تغلغلت في السنوات الخمس الاخيرة داخل مخيم عين الحلوة ، والتي عبرت عن نفسها بمسلسل من الاحداث الامنية، ما يزال المخيم يشهد بعضا من فصولها، وهي تحمل الكثير من المخاطر الامنية على المخيمات الفلسطينية اولا، وعلى الساحة اللبنانية ثانيا، وفكفكة الغامها يستدعي خطة متكاملة، تهدف بالدرجة الاولى اخراج المخيمات من الدائرة الامنية المقلقة.

وتتوقف الاوساط عند بوادر ما يُفسره البعض بـ «حرب التصفية» الجارية في مخيم عين الحلوة ، من خلال استهداف فلسطينيين ينتمون لمجموعات وتنظيمات تتبع بصورة غير مباشرة لـ « القاعدة» ومتفرعاتها التي ظهر وجودها في الداخل السوري، وتقول .. يبدو ان الامور تتجه لاستهداف الذراع الامني لـلمجموعات الفلسطينية المتطرفة، والتي عُرف عنها تعاملها مع الاجندات الخارجية ، وهي مجموعات ادخلت مخيم عين الحلوة في اتون الاحداث الامنية التي حصدت العشرات من الفلسطينيين، ولعل اخطر ما سعت اليه هذه المجموعات، هو التغلغل داخل النسيج الاجتماعي للفلسطينيين في المخيم، من دون ان تنجح في سعيها، لكنها نجحت في اضفاء الصورة التي يرفض الفلسطينيون ان تُلصق بمخيماتهم ، «البؤر الامنية» التي لا يمكن ان تتعايش مع الواقع الفلسطيني المتأزم بفعل عوامل متعددة.

وتسأل الاوساط هل هناك من يخطط لفتنة داخل ساحة المخيمات؟، من خلال استهدافات متبادلة لاطراف متصادمة ، لدفعها لتفحير الوضع الامني في المخيمات، ام ان هناك من قرر القيام بتصفية المجموعات الموالية للقاعدة ، والتي تحمل اسماء متعددة داخل المخيم، كـ «جند الشام» او «فتح الاسلام» او «الشباب المسلم»؟، وهل يتكرر سيناريو مخيم المية ومية ، حيث تمت تصفية الحالة الموالية لوزير الداخلية السابق في السلطة الفلسطينية محمد دحلان ، الذي التحق وبالتالي ، فان الحرب الناعمة التي تدور في مخيم عين الحلوة ، قد تدفع بالعديد من القوى المسلحة داخل المخيم ، الى اللجوء للتفجير لانهاء وجود منظمات ذات طابع سري ترفع لواء «الجهاد» وفق الصورة النمطية التي تتبعها منظمات القاعدة في عملياتها الامنية.

وتستدرك الاوساط، بالقول.. لن يكون هناك حرب مخيمات ولن يكون مخيم عين الحلوة بؤرة امنية تُزعج او تُقلق الجوار اللبناني،.. نحن نشهد عصر تفجير الالغام او فكفكتها، ولا امكانية للابقاء على الغام في اي مخيم فلسطيني، وتضيف.. ان مستوى التنسيق والتعاون بين الفصائل والقوى الفلسطينية من جهة، والجيش اللبناني والقوى الامنية من جهة اخرى ، لمحاصرة اي مشروع يستهدف الايقاع بين الجيش اللبناني والمخيمات الفلسطينية، وتتعزز هذه القناعة اكثر حين نجح الجيش بحسم العديد من الملفات الامنية الشائكة في الساحة اللبنانية، بدء من الملف الامني في طرابلس والبقاع، بالتزامن مع انحسار سيطرة القوى التكفيرية عند الحدود اللبنانية السورية، وتصفية الحالات الارهابية من منظمات القاعدة وجبهة النصرة في مناطق القلمون السورية. وتخلص الاوساط الى القول.. المخيمات لن تكون جزرا امنية في الداخل اللبناني، ولا مصلحة للفلسطينيين ان يكونوا وقودا لـ «ربيع عربي» لا يتسع لقضيتهم.