ما تنجزه فلسطين من حضور لافت في ساحات العمل الدولي، وأبرزه اليوم ترؤسها لمجموعة السبعة والسبعين زائد الصين، ليس وليد ضربات حظ طيبة، ولا لأنَّ ثمَّة تعاطفًا دوليًا تكرم على فلسطين بهذا الموقع أو تلك المكانة، وإنَّما تنجز فلسطين ما تنجز على هذا الصعيد، بفعل حراك سياسي ودبلوماسي نشط وحثيث، المنطلق من منهج عملي، برؤية تحررية، وطنية وإنسانية، وبفكر سياسي يتطور بواقعيته النضالية، وبقيادة حكيمة وشجاعة، هي بلا جدال قيادة الرئيس أبو مازن التي لا تدع ساحة من ساحات العمل الدولي إلا وتقتحمها من أجل حضور أوسع لفلسطين، يكرس شخصية دولتها القانونية والسيادية، وهذا بعض ما يعنيه ترؤس فلسطين لأكبر تكتل دولي تفاوضي في الأمم المتحدة، والذي يعمل على ترقية وتنمية المصالح الاقتصادية لدوله مجتمعة، وبالضرورة من خلال العمل والتعاون المشترك والعلاقات القائمة على الاحترام المتبادل.

ما نريد أن يكون واضحًا تمام الوضوح في هذا السياق إن ما يتحقق لفلسطين تباعًا في دروب نهوضها الواقعي كدولة حرَّة ومستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، إنَّما هو نتاج سياسة وطنية فلسطينية، بقيادتها الشرعية، سياسة عملية تبني مقومات الدولة السيادية خطوة إثر خطوة ومدماكًا فوق مدماك، والمدماك كما تعرفون هو الصف من الحجارة في البناء، وكلما جاء الصف هذا مشغولا بعناية وبلا أي تعجل كلَّما كان أقوى وأصلب وأجدى وأجمل بلا أي شكّ.

ما ثمَّة انجازات ولا حقوق يمكن أن ترتمي بأحضان فلسطين هكذا دون أن يكون هناك من يأتي بها، والحقوق ليست عطايا ولا هبات ولا هدايا ...!! الحقوق دائمًا تؤخذ وتنتزع، ولا ينتزعها غير الذي ينتزعها من أصحابها والمطالبين بها، ولطالما قال التاريخ وما زال يقول وسيظل يقول ما ضاع حق وراءه مطالب، وهذا نحن بقيادتنا الشرعية، ننتزع حقوقنا تباعًا، ونحقق المزيد من الحضور لفلسطين الدولة في كل مكان، حتَّى نصل إلى انتزاع كامل حقوقنا المشروعة، ونحقق أهدافنا العادلة كافة، في الحرية والاستقلال والسيادة، وبتحقيق الحل العادل لقضية اللاجئين ولأن فلسطين بشعبها وقيادتها، كما أثبتت وقائع الصراع منذ يومها الأول وحتى اللحظة، الجبل الذي ما هزته ولن تهزه الريح فإننا قادمون إلى النصر .. نصر الحرية والدولة والسَّلام العادل، سلام فلسطين الذي لا سلام سواه.