أكد وزير الخارجية والمغتربين د. رياض المالكي خلال كلمته أمام مجلس وزراء الخارجية لمنظمة التعاون الإسلامي المنعقد في اسطنبول صباح اليوم، على الخطر المحدق بمدينة القدس الشريف ومستقبلها والتهديدات لتراثها الثقافي ومكانتها السياسية باعتبارها العاصمة الأبدية لدولة لفلسطين مهد الأديان والتعايش في العالم.

وقال المالكي: إننا نجتمع اليوم لأن الخطر لم يعد وشيكا وأصبح أمراً واقعاً يهدد الحقائق التاريخية والثقافية والديموغرافية في القدس الشريف.

وأشار إلى إعلان الإدارة الأمريكية باعتبار القدس الشريف عاصمة لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إلى المدينة المقدسة، أمر غير قانوني، مشدداً على انه قرار غير مسؤول وخطير ولا يترتب عليه أي عواقب قانونية على مركزية مدينة القدس الشريف ومكانتها.

وأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية في ظل هذه الخطوة قد أصبحت غير مؤهلة للعب دور الوسيط في عملية السلام لأنها انحازت إلى الاحتلال والاستعمار وعملت على مكافأة سلطة الاحتلال على انتهاكاتها الجسيمة ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، رافضاً هذا الإعلان، مطالباً العالم بالإدانة القاطعة والواضحة لهذه الخطوة وخص بالذكر الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لمواجهة هذا القرار وتبعاته.

ودعا وزير الخارجية والمغتربين د.رياض المالكي الدول الأعضاء في المنظمة إلى توجيه رسالة احتجاج دبلوماسية واقتصادية قوية للولايات المتحدة الأمريكية، عملاً وتماشياً مع قرارات منظمة التعاون الإسلامي السابقة، داعياً إلى رفض أي اجتماع أو تعاون مع أعضاء الإدارة والكونجرس الأمريكي الذين عبروا بوضوح وبشكل علني عن مشاعرهم ومواقفهم المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني.

وقال" ويجب على الإدارة الأمريكية أن تفهم أنه ما لم تتراجع عن هذا القرار غير المسؤول وغير القانوني، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستضعف مركزها وتعزل نفسها على الساحة الدولية".

ودعا جميع الأعضاء إلى ضمان ألا تجد الشركات الأمريكية التي تعمل بشكل مباشر أو غير مباشر في إدامة الاحتلال أو تنفيذ سياساتها غير المشروعة أبواباً مفتوحة للتعاون الاقتصادي. فهذه الشركات يجب ألا تستفيد من اقتصاداتنا.

وطالب الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى ضرورة تقديم دعمها السياسي لجهود فلسطين سواء في مجلس الأمن أو غيرها من المؤسسات الأممية، بالإضافة إلى ذلك الضغط على البلدان التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين وعاصمتها القدس، أن تفعل ذلك.

وأكد على أن الأمة الإسلامية لديها القوة والقدرة والإرادة للدفاع عن القدس الشريف، وأن تمنح الأجيال القادمة الأمل والدافع من خلال العمل الجماعي والإرادة السياسية، وأن تدافع عن مبادئ الإنسانية والكرامة والتعايش، وأن لا تضيع هذه الفرصة وأن لا نخذل القدس.

كما دعا الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي أن تتخذ إجراءات فورية وفعالة لدعم صمود الفلسطينيين في القدس الشريف، وتنفيذ جميع القرارات السابقة بشأن دعم القدس وأبنائها.

وفي ختام كلمته، قال المالكي" ‘ن المؤرخين سيصفون هذا العصر على أنه فصل مظلم في تاريخ البشرية، فيه اتخذ القادة المتهورين وغير المسؤولين قرارات لإشعال الحروب بدلاً من إنهائها".

وأضاف" إن لدينا فرصة لكتابة فصل مضيء وسط كل هذا الظلام. ويمكننا معا أن نبين أن الجهود الجماعية للدفاع عن العدالة وروح ونص القانون الدولي سوف تعلو وتسمو رغم وجود الأجندات التي تهدف إلى زرع الفوضى وتأجيج الصراع".

وفي ذات السياق، ثمنت وزارة الخارجية والمغتربين اعتماد مجلس وزراء الخارجية للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي القرار الخاص بالقدس الشريف والذي أعاد التأكيد على قرارات المنظمة منذ العام 1981، حيث أكد مجددا على مركزية قضية فلسطين والقدس الشريف للأمة الإسلامية ودعمها الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير وتجسيد إقامة دولته على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمته القدس الشريف، كما وترحب بالإجماع الإسلامي برفض وإدانة والمطالبة بإلغاء القرار الأمريكي المخالف للشرعية الدولية والقانون الدولي.

 

وأشار إلى أن أهم ما جاء في القرار"

1- التأكيد على سيادة دولة فلسطين على كافة الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وحدودها مع دول الجوار والتشديد على مواجهة أي خطوات من شأنها المساس بالوضع القائم التاريخي أو القانوني أو الديني لمدينة القدس الشريف.

2- إدانة إعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، وعزمها نقل سفارة بلادها إليها، واعتبار ذلك اعتداء سافر على الحقوق التاريخية والقانونية والطبيعية للشعب الفلسطيني واستهدافا لتطلعاته المشروعة لنيل حريته واستقلاله، ويقوض بشكل متعمد جهود تحقيق السلام ويعزز التطرف ويكرس مواصلة الإجراءات العنصرية والاستعمارية للاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة الأمر الذي يهدد السلم والأمن الدولتين.

3- اعتبار إن هذا الإعلان الخطير، والذي يرمي إلى تغیر الوضع القانوني لمدينة القدس الشريف، لاغ وباطل ولا يتسم بأي شرعية، بوصفه انتهاك خطير للقانون الدولي والاتفاقات الموقعة ولقرارات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، ذات الصلة، وتحديداً قرارات مجلس الأمن، 252 (1968)، 267 (1969)، 465 و 476 و 478 (1980) و 2334 (2016) وتحدي للإرادة والإجماع الدولي ويجب إلغاؤها فورا.

4- إن تتحمل الإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن كافة التداعيات الناتجة عن عدم التراجع عن هذا الإعلان غير القانوني واعتباره بمثابة إعلان بانسحاب الإدارة الأمريكية من ممارسة الدور الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية في رعاية السلام وبمثابة مكافأة لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على تنكرها للاتفاقات وتحديها للشرعية الدولية، كما ويعتبر تشجيعا لها على مواصلة سياسة الاستعمار والاستيطان والأبارتهايد والتطهير العرقي الذي تمارسه في الأرض الفلسطينية المحتلة.

5- واكدد المجلس أن جميع الإجراءات والتدابير التشريعية والإدارية التي تتخذها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لفرض قوانينها وإجراءاتها الإدارية على مدينة القدس غير قانونية وهي بالتالي باطلة ولاغية ولا تتسم بأي شرعية، وذلك وفقا لقرارات الأمم المتحدة، ويدعو كافة الدول والمؤسسات والمنظمات والشركات وتحت طائلة المسؤولية إلى عدم الاعتراف أو التعاطي بأي شكل من الأشكال مع هذه الإجراءات".

كما طالب المجلس كافة الدول الأعضاء باتخاذ الإجراءات اللازمة من اجل مجابهة الإعلان الأمريكي ومن أهمها: رفض الدول الأعضاء لهذا الإعلان ومطالبة الإدارة الأمريكية التراجع عن هذا القرار، والتحرك في كافة المحافل الدولية ذات الصلة للتصدي، بما في ذلك قانونياً، لهذا الإعلان والتأكيد على رفض الدول الأعضاء له، ودعوة الدول الأعضاء ودول العالم الأخرى التي لم تعترف بدولة فلسطين إلى القيام بذلك فوراً كتعبير عن صدق التزامها بالسلام القائم على حل الدولتين واحترامها للقانون والشرعية الدولية، ودعوة الإطراف الدولية الفاعلة إلى الانخراط في رعاية مسار سياسي متعدد الأطراف بهدف إطلاق عملية سلام ذات مصداقية برعاية دولية تهدف إلى تحقيق السلام القائم على حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري الذي بدأ عام 1967، ما من شأنه أن یعزز الهدوء وینعش الأمل في التوصل إلى حـل سلمي یتیح لأبناء الشـعب الفلسطيني العیش فـي حریـة وكرامـة فـي دولتهم الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.