المخرج: محمد الشولي

     فئت عالستة واللي فيأني مش منبه ولا زقزقة عصافير، اللي فيأني قرقعة الشتا عالزينكو اللي مسقوف فيه بيتنا، ومين قال الزينكو شي مش منيح، كنت أعرف إذا كانت الدنيا الصبح أو الظهر أو المسا من قدوحة الزينكو، وكنت أعرف أحوال الطقس من خلال الضو اللي مسحسل من قلب القدوح، ولما فئت لاقيت إمي حاطة تحت كل قدح كيله بتنقط فيها مية الشتا.
أنا ما كنت مزعوج بالعكس كان يطربني صوت المي وهو بيسقط بالكيلة كأنو عم يعزف شي سمفونية عالمية. من هون ولدت عندي فكرة إنو أكون فنان.
ولعت بابور الكاز شحبر بالأول شوي بس لما نكشتو بالإبرة حميت النار فيه، شو حلو منظر النار من البابور وهو مولع، شفت فيه كل الألوان يلي خلقها الله كأني عم بشوف قوس قزح، وحتى أدفا حطيت وج تنكة مخرومة بالبابور، إمي كانت قصّتها من كعب تنكة سمنة وزعولنا هيي بالإعاشة.
إحمرت التنكة ودفيت الأوضة، ولا شوفاج بالعالم بيقدر يدفيك متل ما بتدفيك هالتنكه، مليت الغلاية مي وحطيتها فوق التنكة واستأذنت من البابور لألبس أواعيي، ما لحقت أغسل وجي وألبس البنطلون حتى صارت التنكة تفقع من نقط المي الي عم بتفور من الغلاية، لقمتها زلفتين قهوة وحطيت القميص عليي وما لحقت ألبس الصباط إلا الغلاية فايرة عالتنكه، وتسحسلت المي من قدوح التنكه وجمّعت على راس البابور المحمر متل الجمر، وطفت النار يلي كان وهجو متل قوس القزح. يا الله معقول كم نقطة مي بيطفو هذا الوهج، تفرجت عالركوه لقيت باقي فيها شوية تفل دلقتن بالفنجان وشفيتن بسرعة سلوقت شفافي، هويتي الزرقا كانت عم تلمع قدامي، حسيت كأنها بتقولي خدني معك ما تتركني وحدي، ليش أنا فيني أخطو خطوة من دونك؟
حاولت أدحشها بجيبة القميص ما كانت تفوت، الجيبة صغيرة والهوية كبيرة، طويتها على طاقين تندحشت بالجيبة.
طلعت من البيت بدون شمسيه لأنو ما كان عندي شمسيه وصرت أنط وأفشق وأتدارى  بزواريب المخيم حتى وصلت عالشارع. وقفت تحت براكية شي نص ساعة والهوا يسفق فيي تا وصلت البوسطة اللي ما بتوصلك إلا عالكولا، حشرت حالي فيها، وأنا مشواري عالجامعة اللبنانية بالروشة، ولأنو مصرياتي على أدي، أخدتها كعابي من الكولا للروشة.
بالجامعة شفت أكثر من ميت شب وصبيه مجمعين، ولما سألت ليه قالولي هدول متلك جايين يعملو امتحان قبول لمعهد الفنون الجميلة، وأنا بعرف انو بدن عشرين تلميذ لمعهد التمثيل، حسمست على هويتي المدحوشة بجيبتي، حسيتها عم تقولي كمل وما تخاف.
عملت الإمتحان وإيدي على قلبي، وبعد أسبوع طلعت النتيجة، والمفاجأة إني شفت إسمي بالمرتبة الأولى على العشرين اللي اختاروهن.
اكتشفت إنو بالرغم من الزينكو وبابور الكاز والكيلة والجيبة الزغيرة اللي ما ساعت الهوية إني فلسطيني، لازم أوصل وأنجح وأتميز وأطلع الأول.