ضحكةُ صغيرتي حيفا

و روحي تسبقُ أنفاسي إليها ...

وأنا ما تعذرتُ

أطعنُ في خاصرةِ الوقت والغربة

أنقر القرى بأهدابي ...

ويسألني الغزاة

في محطةِ القطارِ المشرعة السّاقين

من أين الغريب ؟!

لعل كيس الزّعتر لم يتسق مع عطرهم

الغير متجانس مع رائحةِ البارود المغموسِ بالوجل

ولعل حذائي المنسوج من الشّوك والوحل

لم يرق لجزماتهم المتعالية ,

ماهذه الورطة أماه

كيف تركت طفلتي تركض وراء إوز المحطة

وحلوى العجائز المتصابيات

وكيف اصطفاها الظّلام

ألأنّ عتمة شعرها أعمق؟!

ألأنّ دمعتها أمضُّ من شلالات الدّمع ؟!

التي تَصلي ظهره ..

أظنها تعجلت عندما قطعت حبلها السّري

من رحمِ زيتونةِ العلياء

و لم تعد لها عندما رمت ذاك الجندي بقشرةِ الفستق

عجيبٌ أمرُ المحطةِ

كيف تنتصب جدرانها ولا تنتحر

وتبقى متسمرةً في الوجود

وهم يبولون البيرة على رجليها ..

وتتفرج المقبرة

دون أن تنفض عنها القترة والديدان

وتنتفص لتطعنهم بعظامها العجوز

أو أن تشرع رموسها جحيماً

من تحت خطواتهم !

ضحكةُ صغيرتي حيفا

إطلالتها كصباحات حيفا

إغفاءتها كقيلولة الغداء في حيفا

دمعةُ صغيرتي حيفا ...

ترنيمتها, تلوّنها بثياب العيد

غمامها, آبارها, ماؤها, بحارها وأفياؤها حيفا

عبقُ أصابعها البضّة يعرّش على الرئتين

أمسكي كسرة الأمل بشدةٍ يا صغيرتي ...

لكن كيف تقوين على حمل الأساطير والتنبؤات

بثقةٍ وبسمةٍ لا تدلُك ؟

ضحكةُ صغيرتي حيفا

دمعةُ صغيرتي حيفا ...

قد أنهكتِ الوديان يا ابنتي

بدا ذاك جلياً في ارتعاشات الشّمس

و انقباضات السّماء

لتوجسهما عليكِ ..

وفي قطوف العصافير

التي تزاحمت لتشيّعكِ

لنهايةِ الشاطئ وفاتحةِ الربيع ...

أشلاؤها تنتثرُ في المبنى المهدم

وسأرفعُ جبال الوطن و أشجاره على يدها المبتورة.

 

بقلم: أوس ابو عطا