حلَّت أمس مناسبة إصدار قرار أُمَمي أُطلق عليه عنوان "يوم اللاجئ الفلسطيني" في العام 2000، فباتَ يوم الـ20 من يونيو/ حزيران من كل عام يوم اللاجئ الفلسطيني. الذي جدّدت الأمم المتحدة فيه التأكيد على حق عودة الفلسطينيين العرب إلى ديارهم، التي هجروا وطردوا منها عام النكبة مايو/أيار 1948. ودعت فيه الفلسطينيين والعرب والعالم لإحياء هذا اليوم عبر الاهتمام بقضايا وهموم ومشاكل اللاجئين الفلسطينيين، وبهدف تسليط الضوء على جرائم الحرب الإسرائيلية، التي ارتكبتها أو يمكن أن ترتكبها في أي لحظة لاحقا في خضم سيرورة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتضمن التأكيد على دور الأمم المتحدة والوكالة الدولية المتفرعة عنها، وكالة غوث  وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في تأمين الرعاية المطلوبة للاجئين في داخل فلسطين ودول الشتات، وأيضًا لصيانة وحماية القرار الدولي 194، الذي صدر لضمان حق عودة اللاجئين في 11/12/1948.

ولعل تلازم حلول ذكرى إصدار القرار الأممي الجديد بالأمس القريب، مع الدعوات المتواترة لرئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو بمطالبة المجتمع الدولي ب"حل" وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) ليتخلص من واحدة من اهم القضايا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ سبعين عاما خلت، ليكشف للمجتمع الدولي وللفلسطينيين والعرب كم تؤرقه وتؤرق أقرانه من الصهاينة الاستعماريين قضية العودة للاجئين. مع أنَّ زعيم الائتلاف الإسرائيلي الحاكم يعلم أنَّ الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية، لا يمكن لها التخلي عن حق العودة المقدس. لإن العودة والحق بالأرض، هما لب الصراع منذ ما يزيد على القرن. ومن هنا ربط العودة بالتقديس، ليس وصفا إنشائيا، ولا هو سفسطة لغوية، أو عواطف انفعالية طارئة، أو محكومة بوجود مناسبة ما تتعلق بذكرى النكبة، إنما هو حق مقدس قولا وفعلا، مجردا من العواطف والانفعالات السطحية، وهو لصيق الصلة بروح الوطنية الفلسطينية، ويعادل التمسك به، التمسك والثبات على إيمان الإنسان بدينه أو عقيدته الفكرية والسياسية والقانونية والأخلاقية والثقافية.

إذا يوم اللاجئ الفلسطيني، هو يوم التأكيد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، التي شردوا وطردوا منها إلى أصقاع الدنيا، وكان عددهم آنذاك يقارب المليون نسمة، وباتوا الآن مع ابنائهم واحفادهم حوالي السبعة ملايين لاجئ. ولا يمكن لعاقل سياسي أي كانت درجة مغالاته في التناقض مع مصالح الفلسطينيين وتساوقه مع الرواية الصهيونية المزورة، ان يبقى واضعا رأسه في الرمال كما النعام، عندما يرى أنَّ يهود العالم الصهاينة، بغض النظر عن هويتهم القومية أو معتقداتهم الفكرية والسياسية، بالإضافة إلى اتباع الديانة المسيحية من دول الاتحاد السوفييتي سابقا تفتح لهم أبواب فلسطين التاريخية، التي أُقيمت على 78% من اراضيها دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، ان يسمح ويفتح لهم باب الهجرة لإسرائيل ولا يسمح بعودة الفلسطيني العربي، الذي طرد من أرض آبائه واجداده رغما عنه وتحت سيف إرهاب المنظمات الصهيونية "الهاجاناة" و"شتيرن" و"إيتسل" و"الأرغون" وغيرها. إنها معادلة لا تستقيم مع المنطق والعقل.ولكنها تتماشى مع قانون الغاب، قانون الاستعمار الإسرائيلي الوحشي. وبالتالي في يوم اللاجئ الفلسطيني تستدعي الضرورة من كل أقطاب العالم وأنصار السلام حيثما كانوا بدعم حقوق ومصالح اللاجئين الفلسطينيين في العيش الكريم وقبل كل شيء بضمان عودتهم إلى ديارهم ووطنهم الأم في إطار تسوية سياسية معلنة مرتكزاتها ومحدداتها ومرجعياتها. لا سيما وان حق العودة، الذي أكده القرار الأممي 194، ربط عودة اللاجئين الفلسطينيين بالاعتراف بدولة إسرائيل في الأمم المتحدة ومن قبل دول العالم.

إذا آن الأوان أن يقف العالم كله وأقطابه بشكل خاص وتحديدًا الولايات المتحدة ليفرضوا على دولة الاحتلال والعدوان الإسرائيلية تأمين حق عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم، والكف عن سياسة الاستيطان الاستعماري في أراضي دولة فلسطين المحتلة في الرابع من حزيران عام 1967، وخلق مناخ السلام وتحقيق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67 ليعم السلام والتسامح والتعايش بين شعوب ودول المنطقة عمومًا.