قيادة الإنقلاب في محافظات الجنوب تُصر على المضي قدما في خيارها التمزيقي لوحدة الأرض والشعب والقضية، رافضة الإستماع لصوت العقل والعقلاء في داخل حركة حماس وخارجها. تزين قيادات التخريب والتطرف لذاتها وللمضللين من انصار واعضاء الحركة إنتهاكاتها وجرائمها، وتقلب الحقائق رأسا على عقب، وتعتقد ان ابناء الشعب لا يميزوا بين الغث والسمين، وبين الأكاذيب والحقائق، بين المصالح الوطنية العامة وبين مصلحة تجار الدين والإنقلاب الإخواني!؟

الدكتور محمود الزهار، وصلاح البردويل عضوي المكتب السياسي لحركة حماس. أكدا بشكل قاطع مضي حركتهم في خيار الإمارة، وأعلنوا على الملأ، وهي ليست المرة الأولى، ولكنها البرهان القاطع والحاسم في اللحظة السياسية الجديدة. حيث اعلن الزهار على الملأ ودون ان يرف له جفن، أن حركة حماس "جعلت غزة "جنة"، ومن ينكر ذلك كاذب"! واضاف عضو المكتب السياسي متغنيا بإنجازات حركته في الأمن فقال "الأمن والأمان فيها أفضل من دول عظمى"! وليكشف زيف ما تقدم، ويفضح سياسة حركته، ويميط اللثام عن إفلاسها ومآسيها، التي اورثتها لإبناء فلسطين في محافظات قطاع غزة، يقول "وغيرها من مشاكل بسيطة." وحتى يهرب من مكاشفة الواقع والمواطنين، يحمل بعض "الخونة" المسؤولية عن "جعلها مشكلة كبيرة." ويتابع بعناد هادف دعوة العباد لقبول العودة للظلام والماضي السحيق، فيقول "اجدادنا عاشوا بلا كهرباء مئات السنين، وصمدوا وحققوا الإنتصارات." فيما تقدم قال الزهار الشيء ونقيضه، ولكن عندما حاول وضع الإصبع على بؤس وتهافت السياسات، التي إنتهجتها حركته على مدار الأحد عشر عاما الماضية، حمل المسؤولية ل"لخونة" من ابناء الشعب، وهم الغالبية الساحقة، الذين خرجوا في الذكرى ال48 لإنطلاقة الثورة الفلسطينية، كما لم تخرج جماهير اي شعب في العالم من قبل، فلم يبقى في البيوت سوى النواة الصلبة الضيقة من قادة وكوادر واعضاء الإنقلاب الأسود، خرجت الجماهير لتعلن رفضها لخيار الإنقلاب الحمساوي ومخرجات "جناته" القاتلة في الرابع من يناير / كانون اول 2013، وقبلها وبعدها الكثير من المظاهرات والإحتجاجات، وآخرها كان في  الشتاء الماضي عندما خرج المواطنون ليعلنوا رفضهم ل"جنة" حماس، وطالبوا بالكهرباء وبالحياة الأدمية الكريمة وبعودة الوحدة الوطنية. وأكدوا رفضهم العودة للماضي السحيق، ولظلامية الإخوان المسلمين. وشدد أبناء الشعب على إعتزازهم بالسلف الصالح، وبنضالاتهم وإنجازاتهم، ولكنهم رفضوا ويرفضوا العيش بذات السوية والمعايير، التي عاش بها الأجداد، وارادوا العيش الكريم وفق معاييرهم ومعايير عصرهم. ثم عن اي جنة يتحدث الزهار، وعن أي أمن وأمان، الذي يفاخر به أعظم الدول!؟ ألم يسأل نفسه لمرة واحدة، وهو واضع رأسه على المخدة، عن حجم ومستوى الأكاذيب وعمليات التضليل، التي يسوقها مع أقرانه في اوساط الناس، وعن عدد الحروب والدماروالموت، الذي جلبته حركته لابناء فلسطين في الجنوب؟ وعن حالات الإنتحار المتزايدة في محافظات الجنوب؟ وعن نسبة البطالة، التي تتجه يوما تلو الآخر نحو التفاقم؟ وعن الحصار الخانق، والإعتقال على الرأي والملاحقة على ما يكتب المرء في مواقع التواصل الإجتماعي؟ لكن الزهار وفق منطق التقية الإخواني، يستطيع ان يكذب قدر ما يشاء ليبرر جرائم وإنتهاكات إنقلاب حركته الأسود على الشرعية الوطنية، وليعلن بشكل قاطع رفضه لخيار المصالحة، وليركب رأس المجن دفاعا عن الإمتيازات الشخصية والفئوية، التي أمنها له ولهم الإنقلاب.

كان صلاح البردويل أكثر وضوحا في تريده وتسعى اليه حركته، فقال  في مقابلته مع  صحيفة "القدس العربي" : بأن " حماس، كما فعلت على مدار 11 سنة ماضية، تستطيع ان تفعل على مدار 11 سنة مقبلة، وستتاقلم مع اي وضع، وستجد الحلول لهذه الأزمات، ولن تعجز عن ذلك." لخص البردويل الموقف دون رتوش، وأكد موقف حركته وقيادته الجديدة والقديمة بما لا يحتمل التأويل او الغموض، إختطاف القطاع نحو جهنم جديدة من الولايلات والحروب والمصائب او وفق منطق الزهار "جنة" حماس القاتلة.

مع ذلك سيبقى التوجه دائما للعقلاء في حركة حماس، لإنصار الوحدة الوطنية لتوجيه الجهود كلها نحو العدو الإسرائيلي، الذي يستهدف كل فلسطيني بغض النظر عن إنتمائه السياسي والفكري، ليوقفوا هذا المجنون الأهوج والسام، الذي يعبر عنه الزهار والبردويل وغيرهم من اصحاب الإمتيازات، وهو موجه للراكضين في متاهة الزهار والبردويل والإنقلاب من الوطنيين، لعلهم يفيقوا من لوثة تطرفهم وبؤس خياراتهم السياسية، ليعيدوا النظر فيما تخطط له قيادة الإنقلاب، ويقفوا مرة واحدة مع صوتهم وحسهم وخيارهم الوطني، ويتمردوا على لعنة ولوثة الإنقلاب الأسود.