لم تقف إعاقتهما حاجزاً أمام إبداعاتهما، ولم تكترثا لنظرات الشفقة وكلمات المواساة من قبل المحيطين، وبإرادة قوية ملؤها الأمل نسجت الشقيقتان الكفيفتان حنان وكفاح ضمرة من بلدة كفر الديك غربي سلفيت أحلامهما وحاكتهما ببصيرة القلوب لا ببصيرة النظر، فأبدعتا بتصاميم تراها العيون وتلمسها الأيادي.

وبالإبتسامة التي لا تغيب عن الوجوه، إستقبلتنا والدتهما بترحاب، وبصوت العزيمة بدأت تحدثنا عن عائلتها قائلة: "أنجبت ثلاثة أبناء وجميعهم حرموا من نعمة البصر، ولكن الله أنعم عليهم بنعمة البصيرة، الحمد لله على هذه النعم".
توقفت عن الحديث لنكون مع ابنتها الكفيفة حنان، وبصوتها الذي ينضح منه الطموح قائلة: "الله أخذ منا نعمة البصر، ولم يحرمنا البصيرة، واصلنا مسيرة الحياة بحلوها ومرها، عمري الآن (42 عاماً) وحسين (41 عاماً) وكفاح (37 عاماً)، وتكمل حديثها: "أنا وكفاح أكملنا الدراسة الثانوية وحسين أنهى تعليمه الجامعي والآن هو موظف في الأوقاف، وبالرغم من إعاقته تزوج ولديه أبناء".
صمتت حنان لتكمل  قائلة: "منذ الصغر لم يهملنا الأهل، بل قدموا المستحيل من أجل تدريبنا وإعدادنا للاعتماد على أنفسنا، وأن تكون حياتنا طبيعية كباقي البشر وهذا سر نجاحنا، فلا نشعر بالإعاقة ولا بالنقص، ومهما كانت معاناتنا إلا أن لدينا شعوراً بالأمل في الحياة، وقد منحنا الله العقل الذي هو سر نجاحنا فيها.
وتكمل: "كما ترون  نعتمد على أنفسنا في كل شيء في عملنا وأكلنا، حيث إننا تعلمنا النظام والترتيب وعرفنا زوايا البيت منذ صغرنا من خلال والدتنا، والآن نحفظ كل شيء مهما كان صغيرًا أو كبيرًا في البيت وبصيرة قلوبنا تدلنا على كل شيء.
وعن المهنة التي أبدعن فيها تقول كفاح: "تعلمنا نسج الصوف "التريكو" في مركز السلام في شعفاط لمدة خمس سنوات ما بين التدريب والتطوع إلى أن أصبحنا نتقن عمل ونسج جميع ما يطلب منا من جاكيتات وطواقي وقطع خاصة بالأطفال، وهذا يشكل دخلاً بسيطاً جداً لنا، ولكن نواجه مشكلة في التسويق وتوفير ما نحتاجه من صوف".
وبلهفة تكمل كفاح مطالبة: "نطالب وبشدة أن تعمل الدولة على مساعدة المعاقين بتخصيص منح شهرية لهم، وخصوصاً في حالتنا فوالدي كبير بالعمر وأخي الوحيد ضرير ولديه عائلة، فنحن لا نطلب صدقة شهرية بقدر ما نطلب أن تعمل الدولة على دعمنا معنويًا وتفهم أحوالنا، حتى نطور من قدراتنا في مهنتنا.
كما نطالب وزارة التنمية الاجتماعية بتخصيص مبلغ شهري، ولو كان بسيطاً كي نوفر احتياجاتنا البسيطة لأننا نشعر بالخجل من والدنا عندما نطلب شراء ما نحتاجه.