(لا بدَّ أن تسود الديموقراطية، والعلاقات الأخوية، والمبادئ الثورية في مجتمعنا الفلسطيني)

لقد استبشرنا خيراً بعد انعقاد مؤتمر "فتح" السابع، وبنينا عليه الآمال الكبيرة خاصة الكلمات التي أُلقيت في حفل الافتتاح، ومنها كلمة السيد خالد مشعل لأنها حملت معاني جديدة باتجاه علاقة الاخوة مع حركة "فتح".

وفي الاجتماع الحاشد للجنة التحضيرية تابعَ الشعب الفلسطيني بكل أطيافه مواقف الفصائل والشخصيات الوطنية والهيئات المعنية باهتمام بالغ، وقد ساد التفاؤل بين مختلف الأوساط وخاصة الصديقة.

ونحن في حركة "فتح" صفَّقنا بما فيه الكفاية لهذا الإنجاز الوطني الذي تمَّ في بيروت، والذي افتُتِح بكلمة لدولة الرئيس نبيه بري رئيس المجلس النيابي والذي أتحفنا بعبارات وأفكار، وتمنيات ملؤها الوفاء، والإخلاص، والمحبَّة للشعب الفلسطيني وقضيته المركزية.

قرأنا البيان الختامي، واطَّلعنا على التوصيات والقرارات وشعرنا بالسعادة والثقة لأنَّنا قد رسمنا الطريق المستقبلي، وحدَّدنا المسارات، والخطوات المطلوبة، وقد وقفنا على مشارف مرحلة جديدة رأينا فيها مرحلة البناء، والتجديد، والتوحيد، وتجاوز الأزمات، والانتصار دائماً للشعب الفلسطيني وقضيته المركزية بعيداً عن الحسابات الحزبية والتنظيمية.

لقد صُدِمنا مما يجري في قطاع غزة، والذي صَدَمنا ليس فقط المأساة الكبرى المتعلّقة بالبطالة عن العمل، وليس فقط مستوى الفقر والمجاعة الذي وصل أعلى مستوى له، ولا المآسي الاجتماعية المتعلّقة بالسكن، والعلاج، والأمراض الاجتماعية، ولكن ما أقضَّ مضاجعنا وصدَمَنا أنَّ التفاؤل الذي عشناه خلال الشهر المنصرم بدا مهدداً، وفقد بريقه، ودخل الجميع في عملية إعادة الحسابات، وانتشرت المخاوف.

إنَّ ما حصل في قطاع غزة هذا الأسبوع ليس له من مبرر إطلاقاً، وأزمة الكهرباء هي إحدى الأزمات التي يعيشها قطاع غزة بسبب الحصار وبسبب الانقسام، وبسبب المعاناة الحياتية، وبسبب التضييق الأمني. والمطلوب من قيادة حركة حماس وهي سلطة الأمر الواقع أن تعالج هذه الأزمات برويَّةٍ، وبموضوعية، وبالإمكان إشراك فصائل العمل الوطني للبحث عن الحلول، لأنَّ أهلنا في قطاع غزة يريدون أكل العنب وليس الخلاف مع الناطور. والسلطة عندما تكون واثقة من نفسها فإنَّها تستمع إلى الأهالي المحتجين، وتجيب على الأسئلة المطروحة، وتُشكِّل لجان متابعة لهذه القضايا حتى لا تتفاقم الأمور، ونحن من منطلق الحرص على الإنجازات الوطنية والسياسية، وحتى لا يعبث بها العدو الصهيوني، ويثير الفتنة بين أبناء شعبنا.

 وهنا فإنِّنا باسم إقليم لبنان نحذِّر من بعض الإجراءات والظواهر التي رافقت هذه الأحداث المؤلمة وخاصة:

أولاً: إنَّ استخدام الهراوات والعنف في التعاطي مع المحتجين على نقص كميات الكهرباء بعد طول معاناة وألم لا يجوز، ويسيء إلى ثقافة الشعب الفلسطيني، ويحرِّض الجماهير الفلسطينية على مزيد من الغضب لأنَّ شعبنا هو شعب الجبّارين لا يستسلم بسهولة إذا كانت له حقوق مقدسة.

ثانياً: إنَّ السلطة الوطنية أوضحت ما عندها حول ما تدفعه من أموال وموازنات تُدفَع خاصًّة ما يتعلَّق بمشكلة الكهرباء، والسولار، وهذا ما تعرفه الفصائل كافةً، والجهات المعنية، والوزارات التي تتابع كلَّ صغيرة وكبيرة.

ثالثاً: إنَّ صبَّ جام الغضب الحمساوي على رؤوس قيادات ومسؤولي حركة "فتح" في قطاع غزة، واستدعاءهم وإهانتهم، وسجنهم، وتهديدهم على مرأى ومسمع الجميع نرفضه نحن في حركة "فتح" في لبنان، وندينه لأننا لا نقبل هذه الإهانات من فصيل فلسطيني، وخاصةً الاستدعاءات التي طالت الأخ القائد عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" الناطق الإعلامي الدكتور فايز أبو عيطة، والذي دائماً يؤدي دوراً وحدوياً في ساحة غزة، وهو يعكس أخلاقيات حركة "فتح". كما ندين التهديدات والاعتقالات التي طالت العديد من أمناء سر الأقاليم، وأعضاء الأقاليم والمناطق، وهذه مجزرة سياسية تنظيمية تستدعي تدخُّل قيادة حركة حماس لتقول رأيها.

نحن في إقليم لبنان نعتبر أنَّ عدوَّنا هو الذي احتّل ارضنا، وقتلَ أبناء شعبنا، واعتدى على مقدساتنا، ونرفض رفضاً كاملاً أن يتم التعاطي بيننا بهذه الأساليب. وما أحوجنا جميعاً أن نُغلِّب العقل على ردات الفعل، وأن نُجذِّر في عقول شبابنا وأهلنا أخلاقيات وتراث الرمز ياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين وأبو جهاد الوزير، وعبدالعزيز الرنتيسي، من أجل أن تسود الحياة الديموقراطية والعلاقات الأخوية، والمبادئ الثورية في مجتمعنا الفلسطيني، وهذه مقدمة لا بدَّ منها للنهوض والارتقاء نحو الوحدة الوطنية، والحرية، والاستقلال، وقبل كل شيء إزالة الاحتلال.

المجد لقوافل الشهداء.. والعزة للأسرى الأبطال.. والنصر لشعب الجبّارين

وإنَّها لثورة حتى النصر

                                                          حركة "فتح" – إقليم لبنان

                                                              16\1\2017