قال الجهاز المركزي للإحصاء: إن "العدوان الإسرائيلي والحصار المستمر على قطاع غزة، وانعدام الإمدادات الطبية والأغذية والمياه والوقود وتعرض العاملين في المجال الطبي لاعتداءات واستهدافات مستمرة، أدى إلى استنزاف النظام الصحي في القطاع".

وأضاف الإحصاء في بيان صدر عنه، يوم الأحد، بمناسبة اليوم العالمي للصحة، أن "الصحة هي حق أساسي لكل إنسان، وأن المجتمع الدولي والعالم بأسره ملزم بتوفير الظروف الضرورية للحفاظ على هذا الحق، في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة والانتهاك المستمر لحقوق الإنسان بما فيها الحق في الصحة، وسعي دولة الاحتلال لمحو كل معالم الحياة فيها يواجه سكان قطاع غزة أوضاعا كارثية غير مسبوقة".

وأوضح أنه منذ السابع من تشرين الأول الماضي، وثّقت منظمة الصحة العالمية أكثر من "600" اعتداء على المرافق الصحية في الضفة الغربية وقطاع غزة، أدت هذه الهجمات لتوقف العديد من المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل فمن أصل "36" مستشفى عامل في قطاع غزة "10" مستشفيات فقط تعمل بشكل جزئي (4 في شمال القطاع، و6 في الجنوب والوسط)، وتوقف 76٪ من مراكز الرعاية الصحية الأولية، وفي الضفة الغربية، أدى "286" هجومًا على الرعاية الصحية إلى منع تقديم الرعاية، بما في ذلك توفير الأدوية والمعدات الأساسية، وإغلاق المستشفيات، ومنع وصول مركبات الإسعاف.

وتابع: "تعمل المستشفيات في قطاع غزة بما يتجاوز طاقتها بكثير، حيث تعمل المستشفيات المتبقية بنسبة 359٪ من طاقتها ما يعوق جودة وسلامة الخدمات الصحية المقدمة، بسبب ارتفاع أعداد الجرحى، كما أدى العدوان إلى استشهاد 489 من الطواقم الطبية وأصحاب الاختصاص وإصابة 600 آخرين، إضافة إلى اعتقال أكثر من 310، وتدمير أكثر من 126 مركبة إسعاف وخروجها عن الخدمة".

ولفت البيان إلى أن هنالك ما يقارب "350,000" مريض بأمراض مزمنة في قطاع غزة حرموا من تلقي الرعاية الصحية اللازمة، منهم حوالي "71,000" مصاب بالسكري، و"225,000" شخص مصاب بارتفاع ضغط الدم، و"45,000" مصاب بأمراض القلب والأوعية الدموية، إضافة إلى المصابين بأمراض السرطان والكلى  وأمراض أخرى. كما يعيق نقص الأدوية الأساسية والمستلزمات والإمدادات الطبية وإغلاق مرافق الرعاية الصحية بشكل مباشر من إمكانية الحصول على أدنى الخدمات الصحية للبقاء على قيد الحياة، إضافة لإغلاق مستشفى السرطان الوحيد المتخصص لعلاج مرضى السرطان، ومستشفى الأمراض النفسية في القطاع.
 

"31" وفاة على الأقل بسبب سوء التغذية والجفاف بينهم "28" طفلًا

يتسارع انتشار سوء التغذية بصورة مخيفة ويصل إلى مستويات مدمرة في قطاع غزة نظرا للمستويات الشديدة من انعدام الأمن الغذائي وتفشي الأمراض الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من تشرين الأول 2023، حيث عمد الاحتلال إلى إغلاق كافة المعابر المؤدية للقطاع ومنع شاحنات المساعدات من الدخول وبالذات إلى محافظتي غزة وشمال غزة. ووفقًا لدراسة أجرتها اليونيسيف مع مجموعة من الشركاء في شهر شباط الماضي تبين أن حوالي 31% من الأطفال دون عمر السنتين في شمال غزة يعانون من سوء التغذية الحاد، وقد تضاعفت هذه النسبة خلال شهر واحد فقط حيث كانت في شهر كانون الثاني حوالي 16%. بينما ارتفعت النسبة بين الأطفال دون الخامسة من 13% إلى 25% خلال الفترة كانون الثاني/ شباط في شمال قطاع غزة، كما أظهرت الدراسة أن حوالي 5% من الأطفال دون السنتين يعانون من الهزال الحاد في شمال قطاع غزة، وهو يعد أخطر أشكال سوء التغذية حيث يضع الأطفال في أعلى مخاطر العواقب الطبية والوفاة ما لم يتلقوا تغذية علاجية عاجلة. وقبل العدوان على قطاع غزة بلغت نسبة الهزال بين الأطفال دون السنتين 0.6% وفقا للمسح الفلسطيني العنقودي متعدد المؤشرات 2019-2020.

أما في محافظتي رفح وخان يونس اللتان تحظيان بفرص أكبر لوصول المساعدات فقد بلغت نسب سوء التغذية فيهما إلى حوالي 10% و28% على التوالي بين الأطفال دون السنتين.

وأظهر تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، الذي أعدته مؤسسات تابعة للأمم المتحدة أن حوالي 2,13 مليون شخص في قطاع غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد المصنّف في المرحلة 3 أو أعلى (أزمة أو أسوأ) بين 15 شباط و15 آذار، وما يقارب 677,000 شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الكارثي (المرحلة 5).

كما أشار التقرير إلى أنه من المتوقع وفقًا للتقديرات أن يعاني "1.1" مليون شخص في قطاع غزة أي حوالي نصف سكان القطاع من انعدام الأمن الغذائي الكارثي، وأن المجاعة وشيكة في شمال قطاع غزة والمحافظات التابعة ومن المتوقع أن تحدث في الفترة بين الوقت الراهن وشهر أيار.
 

أكثر من 90% من الأطفال دون الخامسة أصيبوا بمرض معدي واحد على الأقل

تدهورت الأوضاع في جميع أنحاء قطاع غزة بسبب انهيار الأنظمة، ويُعزى زيادة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة إلى الاكتظاظ في أماكن النزوح، ومحدودية الوصول إلى المياه النظيفة وعدم كفاية المياه، وسوء الصرف الصحي، وانخفاض التنوع الغذائي، والافتقار إلى إمدادات النظافة الصحية الأساسية، وتعطل برامج اللقاحات للأمراض التي يمكن الوقاية منها، وتعطل نظام الرعاية الصحية بسبب العدوان الإسرائيلي.

في دراسة لليونيسيف حول الوضع التغذوي في قطاع غزة في ظل العدوان الإسرائيلي تم إعدادها في شهر شباط تبين أن أكثر من 90% من الأطفال دون الخامسة قد أصيبوا بمرض معدي واحد على الأقل خلال الأسبوعين السابقين للمسح. وفي السياق ذاته، أشارت تقارير منظمة الصحة العالمية لتسجيل أكثر من "640,000" إصابة بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة، وما يقارب "346,000" إصابة بالإسهال منها "105,635" بين الأطفال دون سن الخامسة. علاوة على ذلك، تم رصد إشارات إضافية لأوبئة مثل اليرقان وجدري الماء والأمراض الجلدية. هذا وقد أشارت تقارير صدرت في شهر آذار إلى أنه تم تسجيل أكثر من "31,348" حالة عدوى التهاب الكبد الوبائي "A".
 

ارتفاع حالات الإجهاض والولادات المبكرة

يقيم أكثر من "540,000" امرأة في سن الإنجاب في قطاع غزة ويقدر أن أكثر من "5000" ولادة تتم شهريًا. ووفقًا لبيانات المسح الفلسطيني متعدد المؤشرات 2019-2020 فإن حوالي ربع الولادات في قطاع غزة تتم عن طريق العمليات القيصرية وفي ظل عدم القدرة على الحصول على الرعاية الصحية، بما في ذلك خدمات الصحة الإنجابية واجراء العمليات دون إمدادات طبية أساسية أو تخدير، ومن دون أي رعاية ما بعد الولادة تتعرض حياة النساء الحوامل للخطر وتزيد فرص تعرضهن لمضاعفات أثناء الحمل أو الولادة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع في وفيات الأمهات. كما وأشارت التقارير إلى تسجيل مئات حالات الإجهاض والولادة المبكرة نتيجة الذعر والهروب القسري. ومن زاوية أخرى، فإن تزايد انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية المنتشر بين سكان قطاع غزة يحول دون قدرة الأمهات على تناول التغذية المناسبة وإرضاع أطفالهن حديثي الولادة. كما أن الوصول إلى المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي ومنتجات النظافة المحدودة يسهم في تعريض النساء والأطفال للأمراض المختلفة ويهدد حياتهم.