بقلم: زهران معالي

قرابة الساعة الثامنة من مساء الإثنين، كانت عائلة المواطن ضياء محمود حامد حجة (35 عامًا)، على موعد مع هجوم جديد للمستعمرين على منزلهم في المنطقة الغربية من قرية برقة، شمال غرب نابلس.

وبينما كان حجة برفقة والدته أم مازن (80 عامًا) وشقيقه ماهر (42 عامًا) يشاهدون عبر التلفاز مشاهد مجازر الاحتلال في قطاع غزة، تفاجأوا بصوت انفجار في مركبتهم المتوقفة في ساحة المنزل، وبحجارة كبيرة تتساقط عليهم عبر نوافذه.

يقول حجة: إنهم تعرضوا لهجوم مباغت وسريع من عشرات المستعمرين الذين حاصروا المنزل من عدة اتجاهات، مشيرًا إلى أنهم حطموا نوافذه وأبوابه بالحجارة، وأحرقوا مركبة شقيقه ماهر، وحولوها إلى رماد، وهذه المرة الخامسة التي يهاجم فيها المستعمرون منزلنا منذ شهر مايو/ أيار الماضي، إذ أقدموا على تكسير النوافذ، وحرق مركبات للعائلة في كل هجوم، هذا الهجوم خلق حالة من الرعب لوالدتي المسنة". 

والليلة الماضية، تداولت مجموعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات صوتية لمحمد حجة شقيق ضياء، تناشد أهالي القرية إنقاذ شقيقيه ووالدته من الحريق الذي أشعله المستعمرون.

ومنذ خمسة أشهر، اضطُر محمد حجة إلى ترك منزل العائلة الواقع أسفل الطريق الواصل بين مدينتي جنين ونابلس، والذي يفصل بين قرية برقة وقرابة عشرة منازل تتبع للقرية في الجهة الغربية، بعدما أغلق الاحتلال مداخل القرية الغربية بالسواتر الترابية، وتصاعد اعتداءات المستعمرين، وفق ما يوضح شقيقه ضياء.

ويشير حجة إلى أن شقيقه محمد اضطُر إلى الرحيل برفقة زوجته وأولاده الأربعة إلى منزل يتبع للعائلة داخل القرية، خشية على حياتهم، وليتمكن أطفاله من الالتحاق بالمدرسة، بعدما أُجبر أصحاب المنازل العشرة على سلك طرق بديلة عبر بلدة سبسطية للوصول إلى قريتهم برقة، رغم أن الوصول إلى القرية لا يحتاج إلا إلى دقائق معدودة في الوضع الطبيعي.

ويضيف حجة: "كيلو الخبز يكلفني اليوم عشرة دولارات، بعد إغلاق مداخل البلدة وحرق المركبة، واضطراري إلى استئجار تكسي لشراء احتياجات المنزل، والوصول إلى قريتنا عبر طرق التفافية". 

وأسفر هجوم المستعمرين عن إحراق مركبتين، وتحطيم مركبة وإعطاب إطاراتها، إضافة إلى تحطيم نوافذ عدة منازل، كما أغلقت قوات الاحتلال الليلة الماضية جميع مداخل قرية برقة الرئيسة والفرعية، الموصلة إلى القرى المجاورة، وداهم جنود الاحتلال عشرات المنازل، وفتشوها وعاثوا فيها خرابا، بحجة إلقاء زجاجة حارقة على مركبة مستعمر.

وعلى مقربة من منزل حجة، كان منزل ماجد جمال سيف على موعد آخر مع اعتداءات المستعمرين، إذ تفاجأت العائلة بهجوم قرابة 40 مستعمرًا على المنزل المكون من ثلاثة طوابق، أمام نظر جيش الاحتلال الذي لم يحرك ساكنًا.

ويوضح سيف أن المستعمرين أحرقوا مركبته المتوقفة في ساحة المنزل، وهاجموا المنزل بالحجارة من الشارع الرئيس، ما أدى إلى إصابته بحجر في أنفه أدت إلى تهشمه، وقد منع المستعمرون وقوات الاحتلال مركبات الإسعاف من الوصول إلى المنزل، ما اضطره إلى التوجه بمركبة خاصة إلى مستشفى طولكرم.

ويضيف سيف: "كنا 17 شخصًا أغلبيتنا من الأطفال والنساء داخل المنزل، عشنا رعبًا متواصلاً، وخشية على حياة الأطفال، استمر هجوم المستعمرين قرابة نصف ساعة". 

ويؤكد سيف بأنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيه منزل عائلة سيف لهجمات المستعمرين، فقد اعتادت العائلة على هجمات المستعمرين خلال السنوات الماضية، كما تعاني العائلة يوميا أثناء إيصال الأطفال إلى المدارس، إثر إغلاق قوات الاحتلال مداخل القرية. 

وامتد هجوم المستعمرين من المنطقة الغربية في القرية إلى منطقتي الحاووز والقصور شمال القرية، حيث حطموا مركبة المواطن فطين صلاح، كما حاولوا إحراق مركبتين لنسيبه تيسير صلاح.

ويشير فطين صلاح، إلى أن أكثر من خمسين مستعمرا يرافقهم جيش الاحتلال، هاجموا منزله ومنزل نسيبه تيسير محمد صلاح في منطقة الحاووز القريبة من مستعمرة "حومش" المقامة على أراضي القرية، حيث هاجموا منزل العائلتين بالحجارة، وحطموا نوافذ مركبته وأعطبوا إطاراتها، كما حاولوا إحراق مركبتين لنسيبه تيسير.

ويوضح أن "أحد حجارة المستعمرين أصاب ابن نسيبه وعمره (16 عامًا) بكتفه، حيث أصيب برضوض، ولولا لطف الله لحصلت كارثة في المنزلين، فأكثر من 30 شخصًا أغلبيتهم من النساء والأطفال كانوا يتواجدون داخلهما".

ويتابع: نتوقع أن يحدث هجوم جديد للمستعمرين، خاصة أن جيش الاحتلال يوفر لهم الحماية ويمتلكون السلاح.

ووفق تقرير هيئة الجدار والاستيطان، فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرين، نفذوا 1593 اعتداءً، خلال شهر كانون الثاني الماضي، منها 1407 نفذتها قوات الاحتلال، فيما نفذ المستعمرون 186 اعتداءً.

وأشار التقرير إلى أن الانتهاكات تركزت في محافظة الخليل بواقع 291 اعتداءً، تلتها محافظة القدس بـ203 اعتداءات، ثم محافظة نابلس بـ200 اعتداء.