بقلم: زهران معالي

ضمن سياسة العقاب الجماعي والتضييق على الفلسطينيين تشن سلطات الاحتلال الإسرائيلي حربًا على الطرقات الرئيسية والفرعية ومداخل المدن والبلدات والقرى والتجمعات السكانية في الضفة الغربية، من خلال وضع البوابات الحديدية والمكعبات الاسمنتية والسواتر الترابية.

وبموجب هذه الإجراءات التعسفية والتي من شأنها تحويل الضفة الغربية إلى "كانتونات" متناثرة وغير متواصلة، تستطيع قوات الاحتلال فرض إغلاق محكم على كل الضفة بوقت قياسي من خلال إغلاق هذه البوابات ومنع الحركة والتنقل وتحويل التجمعات السكانية إلى سجون متباعدة.

منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين أول، تعاني قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس من إغلاق محكم على منافذها، بعدما أغلق الاحتلال مدخل القرية ببوابة حديدية وسواتر ترابية، وخندقا على طول الشارع الرئيس الرابط بين مدينتي رام الله ونابلس.

ويقول رئيس المجلس القروي يعقوب عويس: أنه ضمن سياسة العقاب الجماعي، تواصل قوات الاحتلال منذ 135 يومًا إغلاق مدخل القرية الرئيس ببوابة حديدية وسواتر ترابية وتجريف للطريق الرئيس بطول 50 مترًا، وتمنع الخروج والدخول إلى القرية من خلاله، ما كبّد المواطنين معاناة كبيرة.

ويؤكد عويس أنه على طول 800 متر وبعمق ستة أمتار على طول سهل القرية الرابط مع الشارع الرئيس الواصل بين مدينتي رام الله ونابلس، حفر الاحتلال خندقًا، للحيلولة دون إقامة أية طرق ترابية يبتدعها أهالي القرية للتخفيف من معاناتهم. 

ويضيف: أن "ما يجري من تضييق على القرية كارثة، ومعاناة يومية للمرضى ولطلاب المدارس ولكل أهالي القرية، وأن المنفذ الوحيد للقرية طريق تربط بين القرية وقرية الساوية المجاورة فقط، وأن الإغلاق فصل أصحاب المنازل على الشارع الرئيس عن القرية، ويضطر أصحابها للتوجه لقرية الساوية للوصول لأقاربهم وشراء احتياجاتهم".

ويتابع: "الجيش أقام لنا حدودا للقرية، إذا أراد أحد أهالي القرية أن يسلم غرضا لمواطن من خارجها يلتقون على البوابة الحديدية والسواتر الترابية على مدخل القرية، وعادة ما يأتي الجيش الذي يراقب المدخل من المستوطنة المقابلة، ويحتجزهم لساعات طويلة".

واللبن الشرقية، واحدة من بين عشر قرى وبلدات أقام الاحتلال بوابات حديدية عند مداخلها، خمس منها مغلقة منذ السابع من أكتوبر وهي: بيتا وقصرة ومادما، واللبن الشرقية، إضافة إلى إغلاق مدخل دوما بالسواتر الترابية، فيما يخشى المواطنون من إغلاق البوابات التي أقامها الاحتلال حديثًا على مداخل عقربا، وبورين، ومجدل بني فاضل، وجماعين، وجوريش، وعينبوس.

وفقاً لتقرير معهد الأبحاث التطبيقية/ القدس، وصل عدد حواجز التفتيش العسكرية التي نصبتها إسرائيل بمختلف أنواعها وأشكالها في الضفة الغربية إلى 567 حاجزاً حتى السادس من أكتوبر/ تشرين الأول، بينها 77 حاجز تفتيش رئيسياً و490 حاجز تفتيش من السواتر الترابية والكتل الإسمنتية والبوابات الحديدية.

وذكر التقرير أن الجيش الإسرائيلي أضاف أكثر من 140 حاجزاً وعائقاً جديداً منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وذلك بهدف عزل مداخل المدن والقرى والبلدات الفلسطينية، وتقييد حركة الفلسطينيين، ومنعهم من استخدام الطرق الالتفافية التي صارت حكراً على المستعمرين فقط.

ويوضح رئيس بلدية عقربا صلاح جابر، أنه في حال أغلق الاحتلال البوابات الحديدية الـ10 جنوب نابلس، فإنه سيحول المنطقة إلى سجن كبير، ويخلق معاناة جديدة ستجعل حياة المواطنين أكثر تعقيدًا، خاصة في بلدة عقربا البالغ عدد سكانها 14 ألف نسمة، وتضم خمسة مصانع على مستوى الوطن وتخدم الضفة الغربية.

ويشير إلى أن الاحتلال أقام بوابة حديدية عند المدخل الغربي للبلدة والذي يصلها بالشارع الرئيس الواصل لمنطقة الأغوار ولمدينتي نابلس ورام الله، وأنه في حال تم إغلاق البوابة الحديدية، فإن المواطنين سيحتاجون لضعف الوقت للوصول لمدينة نابلس أو رام الله عبر طرق بديلة وطويلة ومعقدة بالحواجز العسكرية.

ويؤكد أن إغلاق البوابات الحديدية سيخلق معاناة لكل شرائح المجتمع وقطاعاته، وسيترك أثرا على القطاعات التعليمية والاقتصادية والصحية في المنطقة، فلن يتمكن المزارعون من نقل منتجاتهم في المناطق المصنفة "ج" إلى الأسواق، وكذلك لن يتمكن الموظفون والطلبة والمعلمون من الوصول إلى مؤسساتهم خاصة المكاتب الحكومية التي تتواجد في البلدة وتخدم منطقة جنوب نابلس، حيث يتواجد في البلدة مكاتب الداخلية والزراعة والبريد والدفاع المدني والشرطة ومجلس الخدمات المشترك إضافة لعيادة حكومية.

ولعل قطاع التعليم من أبرز القطاعات المتضررة نتيجة الاغلاقات الاحتلالية واعتداءات المستعمرين والحواجز العسكرية التي أدت إلى ارتفاع نسبة الفاقد التعليمي لمستويات خطيرة، إثر عدم تمكن المعلمين والطلبة من الوصول لمدارسهم، كما يؤكد مدير تربية نابلس سامر الجمل.

ويشير إلى أن إغلاقات الاحتلال أثرت على كافة نواحي الحياة، وأن محافظة نابلس تتعرض لحصار خانق منذ سنتين، حيث تأثر 2052 معلما و27300 طالب في مديرية الجنوب؛ نتيجة الإغلاقات التي تحول دون انتظام العملية التعليمية والالتزام بالدوام المدرسي.

صباح اليوم، احتاج الجمل أكثر من ساعتين للوصول من مدينة نابلس إلى مقر المديرية في بلدة حوارة جنوب المدينة، بعد احتجاز جنود الاحتلال المواطنين على حاجز المربعة غرب المدينة لعدة ساعات، ضمن سياسة العقاب الجماعي والإذلال عبر الحواجز.

ويضيف: "يوميًا يحدث فاقد تعليمي، نتيجة تأخر المعلمين عن الوصول للمدارس، حركة تنقل المعلمين والطلبة تأثرت بشكل كبير، فتنقل المعلمين من مدينة نابلس وهم 300 معلم إلى منطقة جنوب نابلس معاناة يومية، لذلك نبحث عن بدائل باستمرار لتجاوز القيود التي يفرضها الاحتلال".

ويؤكد أن الاحتلال حوّل المدارس في عدة قرى وبلدات جنوب نابلس إلى سجن للطلاب؛ بدلاً من أن تكون واحة تعليمية، حيث يضطر المدرسون لسلوك طرق بديلة ووعرة للوصول إلى مدارس الساوية واللبن ويتما وقبلان وبيتا المحاصرة التي يسمح الاحتلال للمعلمين بالدخول إليها ويمنعهم من الخروج منها، كذلك الحال في بلدة قصرة التي يغلق الاحتلال مدخلها بسواتر ترابية وبوابة حديدية يضطر المعلمين لسلوك طرق بديلة.

لكن الأخطر ما يجري في قرية دوما جنوب المحافظة وفق الجمل، فـ"وصول المعلمين إلى دوما بالغ الصعوبة"، فالاحتلال يعزل القرية بشكل كامل ويضطر المعلمون إلى سلوك طرق وعرة جدا للوصول للمدارس فيها.

ويوضح أن المعاناة سابقًا كانت في الوصول من مدينة نابلس إلى مدارس جنوب المحافظة، لكن الوضع أصبح أكثر تعقيدًا ومعاناة، حيث الانتقال ما بين القرى والبلدات في الجنوب بات خطرًا ومعاناة كبيرة، خاصة مع تصاعد اعتداءات المستعمرين والحواجز التي يقيمها حارس مستعمرة يتسهار ومستعمرين يرافقونه، والتي يتعمد فيها إذلال المواطنين ومن ضمنهم الطلبة والمعلمين ويسرق هواتفهم الشخصية ويمارس أبشع أنواع البلطجة بحقهم.

ويتابع: "أعمل في التربية والتعليم منذ 27 عامًا، لكن العامين الماضيين كانت أكثرها خطورة وتعقيدًا في عملي نتيجة إجراءات الاحتلال والمستعمرين، بدلاً من أن نعمل على تطوير العملية التعليمية ومخرجاتها بات همنا في جنوب نابلس أن نتأكد من سلامة وصول المعلمين والطلبة لمدارسهم".

ويضيف: طوال الوقت نعمل في حالة طوارئ، خاصة مع تصاعد اقتحامات الجيش للقرى والبلدات، حيث نسعى طوال الوقت لإخراج الطلبة وتأمين سلامتهم، كذلك إخلاء الطلبة من المدارس التي تتعرض لهجمات المستعمرين كما في بورين وعوريف.