في زمن الحرب، وفي أي مكان كانت هذه الحرب، يفرض مشهد الدم –عادة- حاله على لغة الناس، وكلما بات هذا المشهد طاغيًا، باتت هذه اللغة غاضبة، وانفعالية أكثر، وهذا أمر مفهوم بهذا القدر أو ذاك، لكن من غير المفهوم أن تكون هذه اللغة، هي لغة النخب المعرفية، والسياسية، والاجتماعية، والاعلامية، لأن ذلك سيضع هذه النخب، في خانة الثرثرات التنظيرية، وحتى الشعبوية التي لا تسمن، ولا تغني من جوع ...!!

يعيش شعبنا اليوم في هذا الزمن، وحيث الحرب الهمجية التي تواصلها إسرائيل الاحتلال والعدوان، ضد فلسطين، وشعبها، وقضيتها العادلة، لا تنتج ولن تنتج مع تواصلها العنيف، غير مشهد الدم، دم الضحايا الأبرياء، الشهداء والجرحى، ومن كل الأعمار، نساء ورجالاً، حتى طال الخدّج منهم ..!!  

الحرب ليست حلًا، ولا بأي حال من الأحوال، وما من صواريخ، وقذائف بوسعها قتل قضيتنا الوطنية، ولا حتى طمرها تحت ركام البيوت والبنايات التي تدمر، وبقدر ما أن الحرب ليست حلًّا، بقدر ما أن الثرثرات التنظيرية، ليست كذلك، وبمعنى أنها لن يكون بوسعها أبدًا التصدي لهذه الحرب، ووقفها، وإجهاض غاياتها العدوانية، حتى لو امتلكت ناصية المعرفة كلها..!!

والواقع، من غريب الثرثرات التنظيرية الراهنة، استعادة الطروحات، التي طالما كانت على هذا النحو أو ذاك، من طروحات الانقسام البغيض، الطروحات التي كانت غاياتها الأساسية ،الإطاحة بمنظمة التحرير الفلسطينية، كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وأشهر هذه الطروحات، الدعوة لتشكيل "الإطار القيادي الموسع" دون التطرق إلى منظمة التحرير، بصفتها الكيانية، والتمثيلية، بل وأحيانًا التشكيك  بشرعيتها، التي جسدتها انتخابات المجالس الوطنية، ومخرجاتها الدستورية، والسياسية.

نعرف أن الوحدة الوطنية هي غاية الحركة الوطنية الأسمى، والضرورة الكفيلة بحماية مشروعنا الوطني التحرري، ولا يخلو خطاب ولا كلمة للرئيس أبو مازن، إلا وانطوى على ذكر ضرورة تحقيق هذه الوحدة، التي سوف تكون فاعلة تمامًا، وقادرة على تحمل مسؤوليات المواجهة والتحدي، حينما تكون تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، بقيادتها الشرعية، وبعيدا عن  طروحات التعميمات النظرية، التي طالما كانت، كما قلنا، أنها من طروحات الانقسام البغيض، وبعضها كان يتحدث عن الوحدة الوطنية، لكن تفاصيلها الحوارية لم تكن تشير لغير وحدة التقاسم الوظيفي .! فعن أي وحدة إذًا ينبغي أن نتحدث اليوم.! وحدة الفعل الوطني الرصين والحكيم، أم وحدة الثرثرات التنظيرية، بشعاراتها المتهالكة على طروحات أكل الدهر عليها وشرب.!