المصدر: هآرتس-جدعون ليفي:8/7

 

كان ذلك في الحقيقة لقاء ممتازا: فاحتمالات انشاء الدولة ثنائية القومية تحسنت على أثره؛ وعلاقات الولايات المتحدة باسرائيل "رائعة" حقا: وتستطيع اسرائيل الاستمرار على جنود احتلالها. فقد برهن رئيس الولايات المتحدة أول من أمس أنه قد يقع تغيير لكن لا في مدرستنا. اذا كانت ما زالت في الشرق الاوسط بقايا أمل من براك اوباما فقد تلاشت كأنما لم تكن؛ وإذا كان وجد من أملوا أن يقود بنيامين نتنياهو اجراء شجاعا فانهم يعلمون الان انهم (اخطأوا وضللوا).

حفل الأقنعة في ذروته: لقد برهن اوباما ونتنياهو على أن طبقة الزينة الثخينة التي وضعاها لن تستطيع بعد اخفاء التجاعيد. فالوجه ملتح، وثم الوجه المغضن لـ "مسيرة السلام" الأطول في التاريخ، التي استطالت الآن استطالة غامضة لا معنى لها في سيرها الى لامكان.

يشتمل الاستقبال "الحميم" و "المشجع"، وإن يكن متكلفا تقريبا، على الكلب الرئاسي "بو" في لقاء الزوجتين، مع رئيس امريكا الذي صحبه رئيس حكومة اسرائيل الى السيارة على نحو "لم يسبق له مثيل"، كما انطبع في وجدان المراسلين الصحفيين، لا يمكن أن يغطي على الواقع. والواقع هو أن اسرائيل نجحت مرة أخرى لا في تضليل أمريكا فحسب بل في تضليل حتى الرئيس الأكثر وعدا الذي كان منذ سنين.

كان يكفي الاصغاء الى الحفل الصحفي المشترك لندرك، أو اصح من ذلك لا  ندرك الى اين وجهنا. هل سيستمر التجميد؟ تلوى اوباما ونتنياهو، وحاولا التلعب بالصياغة، وأغمضا كلامهما، ولم يوجد جواب واضح. اذا وجد ذات مرة من أثر فيهم "الغموض البناء" لهنري كيسيجنر، فان عندنا الان غموضا هداما: حتى إن الحد الأدنى لتجميد البناء الذي لا يوجد بغيره اي  دليل على نية جدية لاسرائيل، لفه الرجلان بدخان التعمية. نعم – ولا خائفتان من كليهما.

برهن اللقاء أكثر من كل شيء آخر على أن هدر الوقت الآثم سيستمر. مرت سنة ونصف سنة منذ تولى الرجلان عملهما، ولم يكد شيء يتغير، سوى ثرثرة التجميد. وعدد أقل قليلا من الحواجز وتخفيف الحصار شيئا ما عن غزة، كل شيء أمور هامشية نسبيا، وبديل زائف من قفز طويل فوق الهاوية لن يتحرك بغيره أي شيء.

عندما أصبحت المحادثات  المباشرة هدفا من غير ان يكون لأحد علم بماذا سيكون موقف اسرائيل فيها – تفاوض عجيب يعلم فيه الجميع ماذا يريد الفلسطينيون، ولا يعلم على وجه الصحة ماذا تريد اسرائيل – فان العجل ليس أنه لا يتقدم فحسب بل يرجع الى الوراء. توجد تعليلات وتفسيرات كثيرة: اوباما قبل انتخابات مجلس النواب، ولهذا لا ينبغي له ان يغضب نتنياهو. وستسمع بعدها أجراء انتخابات الرئاسة، ولن يحسن آنذاك على التحقيق اغضاب اليهود. يضغط على نتنياهو افيغدور ليبرمان، وربما داني دانون غدا، ولا يمكن توقع أن ينتحر من جهة سياسية – وهنا نكون قد أنهينا ولاية بلا اي إنجاز. حسن يا اوباما، برافو يا نتنياهو. نجحتما في خداع بعضكما بعضا وفي خداعنا جميعا معا.

سيعود نتنياهو الى البلاد نهاية الاسبوع مكللا بانجازات باطلة. سيسجل إنجاز كبير للمستوطنين. حتى لو لم يعترفوا بذلك – فهم غير راضين أبدا – يستطيعون أن يبتهجوا في الخفاء. فمشروعهم سيستمر على النماء. اذا كانوا قد استطاعوا مضاعفة عددهم منذ اتفاقات اوسلو فسيستطيعون الان جعله ثلاثة اضعاف. وماذا سيكون آنئذ؟

نوجه الى اوباما ونتنياهو اذن سؤال: الى اين؟ لن يستطيع أي كسب للوقت الطمس على سؤال: الى أين تتجهان؟ ماذا سيكون افضل بعد سنة؟ وماذا سيكون أكثر وعدا بعد سنتين؟ يطرق رئيس سورية الباب ويستجدي السلام مع اسرائيل ويتجاهله الرجلان. هل سيطرق بعد سنتين أيضا؟ عند الفلسطينيين أشد قادتهم اعتدالا منذ كانوا وهو محمود عباس؛ ماذا سيحدث هناك بعد سنتين؟ وما تزال مبادرة الجامعة العربية سارية الفعل، وكاد الارهاب ينقطع تماما، فماذا سيكون بعد ان يكفوا عن الهوادة في تجميد الشرفات وأحواض الطهارة؟

التقى في واشنطن أول من أمس سائسان، أخذا يبدوان على أنهما صغيران، يخطوان خطوات صغيرة، صغيرة جدا. قررا عدم القرار الذي يعني بالعبرية القرار: استقر رأيهما واحتمالات حل الدولتين منذ زمن جريحة على إطالة لا تنتهي. استعدوا للدولة الثنائية القومية او لسفك الدماء القادم.