لا أظن أن هناك اليوم من هو أذكى، من الهاتف الذكي، ومن منطلق قدرته على السيطرة التي تكاد تكون مطلقة على أقل تقدير ..!! ولا أعتقد أن من جعل هذا الهاتف ذكيًا، وسماه كذلك، كان سيعرف إلى أي مستوى يمكن أن يصل ذكاؤه، كما لا أعتقد أنه كان سيعرف دوره السلطوي، وإلى حد الهيمنة، والتحكم، بالسلوك، والكلام، والرؤية، والموقف..!!

ما يروج له من رسائل الحب، والتجارة معًا، يعبث بالرغبات الحسية كما يريد، يحرِّض، وينظم كيفما شاء، وعلى شاشته يسمح لمنصات منوعة، أن تحاضر في شؤون الطوائف، والسياسة، والأخبار، والتعليقات، والفن، والطبخ، ووصفات اليفاعة بمختلف أنواعها، وهلم جرا حتى بات "شعيط ومعيط، وجرّار الخيط " من نجوم هذه المنصات، بعشاق كثر، ومتابعين أكثر ...!!!

هو من جعل من منصات ما يسمى التواصل الاجتماعي، حاضرة في كل وقت، هذه التي استبدلت التواصل الاجتماعي المباشر، بنقرات على لوحة حروفه، لتواصل افتراضي، لا يسمن ولا يغني من جوع الاتصال المباشر، بات الإنسان، وفي كل مكان تقريبًا، لا يسهر سوى مع الهاتف الذكي، ولا ينصت لسواه . وثمة طرفة في هذا الإطار، أن امرأة هاتفت زوجها وسألته لماذا ما زال في المقهى، ولم يعد بعد إلى البيت، فأجابها أنه في جلسة اجتماعية حميمية، مع عدد من أبناء العشائر المرموقة، وعدد لها من عشيرة "الآيفون" اثنين، ومن عشيرة "السامسونغ" ثلاثة وهنا طالبته أن يبدل الهاتف "الصرصور" الذي معها عديم اللمسات والصور بخلاف ذلك الذكي الذي هو بلا جدل لعنة هذا العصر...!!

 

المصدر: الحياة الجديدة