على ما يبدو تظل شرعة حقوق الإنسان، وحتى الآن مجرد حكاية لرواة غربيين تملكوا منصات الإعلام، والاقتصاد، والسياسة، حكاية يرفعونها كسيف ديموقليس، فوق رؤوس الدول التي تسعى للخلاص من هيمنة سياسات التدخل التعسفي الامبراطوري، في شؤونها الداخلية، من قبل هؤلاء الرواة..! وصحيح أن العديد من هذه الدول، لا تحترم الشيء الكثير من حقوق الإنسان، بانتهاكات تعسفية قبيحة، غير أن غاية الرواة تظل هي غاية التدخل، والابتزاز في المحصلة، لأغراض الاستحواذ والهيمنة..!

 وحكاية شرعة حقوق الانسان، حكاية جميلة بالطبع، وهي تنطوي على أخلاقيات رفيعة، وتطلعات إنسانية، لا تفرق بين عرق، ولون، وعقيدة ، وهي لا شك تشكل خارطة طريق لعالم خال من الاضطهاد والاستعباد والعسف والعنصرية، شرط ألا تحكمها المعايير المزدوجة، وتتلاعب بها سياسيًا وإعلاميًا، على نحو استعراضي ينطوي أحيانًا على قدر عال من التنمر..!

الحرية، هي الأصل في حقوق الانسان، ولهذا صاح الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بوجه عمرو بن العاص وهو يحكم للقبطي المشتكي "أيًا عمرو، متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا"، وهذا يعني بالطبع أن شرعة حقوق الإنسان لها هذا التأصيل في الثقافة العربية، ولهذا لا نريد لشرعة حقوق الانسان أن تظل حكاية جميلة، بل منهج حياة وسياسة، ونحن نتطلع أن يكون الناس أينما كانوا، وكيفما كانوا أحرارًا في حق تقرير المصير، أولاً وقبل كل شيء.

ستظل المعضلة في كل هذا الإطار، هي المعايير المزدوجة، والتصنيفات العنصرية التي تغمط حق الشعوب الفقيرة، والصغيرة، وتتنمر عليها..! وإذا ما ظلت هذه المعضلة على حالها فإن عالم العولمة لن يكون أبدًا عالم القرية الواحدة..!

المصدر: الحياة الجديدة