عالم جديد متعدد الأقطاب، قيد التشكيل، سيرخي بتداعياته ساحات عالمية بين إستقرار بعضها بتبعيتها للمعسكر الأمريكي، وانتقال أخرى للمعسكر الروسي الصيني، ومحاولة دول إقليمية تحتل مكانة جيوسياسية ومالية تشكيل تكتل مستقل تنبع قراراته وعلاقاته مع المعسكرين تبعًا لمصالحه السياسية والإقتصادية والعسكرية .
في ظل المعطيات أعلاه وفي غياب تكتل عربي موحد على أهداف مشتركة أساسها: 
  - الموقف السياسي  الموحد 
  - تحديد معسكر
الأعداء          
  - مصادر الخطر الحقيقي من تهديد واحتلال واستعمار لأراض عربية، وعنوانه الثابت الكيان الاستعماري الإحلالي الإسرائيلي لفلسطين والجولان 
 - التكامل الإقتصادي والتنموي  
 - رؤية عملية لتجسيد الأمن القومي العربي

 دون ذلك سيبقى الوطن العربي الكبير بأقطاره محط أطماع  لمخططات خارجية إقليمية ودولية، تستهدف أمن وإستقرار وثروات ووحدة أقطار الوطن العربي، ولنا في مرحلة ما بعد الحربين العالميتين وما نجم عنها من تقسيم للدول العربية وإنشاء كيان إستعماري إسرائيلي على أرض فلسطين وتمكينه من عوامل القوة كقاعدة إنطلاق، كقوة إستعمارية، ترهيبًا لجميع الأقطار العربية، درسًا ينبغي منه الإتعاظ والحذر من تداعيات الحقبة القادمة المتسمة بتقاسم النفوذ التي لن تكون المنطقة العربية بكل تأكيد خارجها. 


 فلسطين أين من المعادلة : 
حتى يتسنى إستقراء مكانة فلسطين في معادلة النظام العالمي متعدد الأقطاب، يقتضي أيضًا محاولة إستقراء وظيفة ودور " إسرائيل " في الطرف الآخر من المعادلة.

"إسرائيل" صناعة لمشروع إستعماري عالمي في دلالة واضحة أن تمكينه بدعم أمريكي من إستمرار أداء دوره ووظيفته العدوانية التوسعية التي أنشئ من أجلها خدمة لصانعيه من القوى الإستعمارية تتطلب إستمرار دعمه وضمان تفوقه إقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا وتكنولوجيًا على مجموع القدرات العسكرية والتكنولوجية للدول العربية مجتمعة، وبالعمل على تمكينه الإفلات من المساءلة والعقاب على جرائمه وإنتهاكاته الصارخة لمبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة، وللقانون الدولي، وللعهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية.
وما تخلي الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بعد رفض الكيان الاستعماري الإسرائيلي تنفيذ القرارات الدولية أو أي منها عن الإضطلاع بواجباتها وفق ميثاق الأمم المتحدة بإتخاذ الإجراءات اللازمة بحق "إسرائيل" لفرض تنفيذها كافة القرارات الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وعن مجلس الأمن ذات الصلة بالقضية الفلسطينية بدءًا من  قرار مجلس الأمن رقم 2334 وبعدم استجابة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن نتيجة بدرجة خاصة للإنحياز الأمريكي للسياسة الإسرائيلية المارقة لدعوة رئيس دولة  فلسطين السيد محمود عباس للمجتمع الدولي بكلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي بالعمل على إنهاء الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المعترف بها دوليًا خلال عام، وتمكين الشعب الفلسطيني من الحرية والإستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 إلا مؤشر على ذلك. 
 أما على الشق الأول من المعادلة أي فلسطين، فالسياسة الأمريكية الماضية في دعم مطلق للكيان الاستعماري  الإسرائيلي نجد أنها تدعو لتحسين نوعية الحياة للفلسطينيين، بالوقت الذي تدعو فيه لحل الدولتين، إلا أنها  تتنكر عمليًا لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وهذا الموقف ينسحب على بريطانيا وفرنسا.

أما موقف روسيا والصين من القضية الفلسطينية سيستمر في دعم حقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال، ولكن هذا الدعم مع قرب إنتهاء التفرد الأمريكي بقيادة أمريكا بات من المهم أن تنتقل بدعمها السياسي لفلسطين إلى مربع جديد، ترسيخًا لدورهما كقطب عالمي من موقع الند للقطب الأمريكي، وذلك بإعمال سمو ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وما يتطلبه من حشد عالمي رافض  للإزدواجية والإنتقائية السائدة بتوظيف الشرعية الدولية لمصالح دول كبرى، والتغاضي عن دول ترفض بعنجهية وصلافة مبادئ الأمم المتحدة وأهدافها وقراراتها، وما الكيان الاستعماري الإسرائيلي الرافض للإلتزام بتنفيذ القرارات الدولية الداعية لتصفية الاستعمار  ولإنهاء إحتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة وللجولان إلا نموذج لتلك السادية الأمريكية بدعم من يمثل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين. 
كما أن الموقف الروسي الصيني لا يمكن أن يشكل قطبًا ثان في قيادة العالم دون إجراء عملي ضاغط من فرض عقوبات وعزل على إسرائيل الاستعمارية لإرغامها على إنهاء إستعمارها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة إحترامًا لإرادة المجتمع الدولي والتي أثبتت بموقفها من الحرب في أوكرانيا أن إسرائيل لا يمكن أن تكون صديقًا للمحور الروسي الصيني.
بناءًا على ما تقدم فالقيادة الفلسطينية معنية بوضع خطة عمل نحو الحرية والاستقلال والتحرر من الاستعمار الإسرائيلي العنصري، آخذة بعين الإعتبار المعادلة الدولية الجديدة لقيادة العالم متعدد الأقطاب لتعزيز  دعم  المشروع الوطني النضالي  الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.