ربما سيعتقد البعض أننا نبالغ حين نقول إن خطاب الرئيس أبو مازن من على منبر الأمم المتحدة غدا، هو الخطاب الأهم الذي ينتظره العالم أجمع، لا لأنه خطاب فلسطين الأكثر وضوحا في اللحظة الراهنة، لحظة اشتباكها الأصعب، مع المخططات والمشاريع التصفوية الأميركية الإسرائيلية، وإنما لأنه ايضا الخطاب الذي بات رقما أساسيا في معادلة الصراع الدولية، ضد غطرسة الإدارة الأميركية، التي يقودها ترامب بفريقه الصهيوني الاستيطاني.

سينصت العالم جيدا للرئيس أبو مازن، فهو بلا جدال، فارس اللحظة التاريخية الراهنة في مواجهة الغطرسة الأميركية، وهو الفارس بلا جدال لأنه الذي يتصدى لأعتى أسلحة الإدارة الأميركية السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، بكلمة الإرادة الوطنية الحرة، كلمة الحق والعدل والنزاهة، كلمة الصمود والتحدي، التي هي كلمة فلسطين بكل محمولاتها التراجيدية والملحمية، وبكل تطلعاتها الإنسانية النبيلة.

سينصت العالم، ليسمع ثبات الموقف الفلسطيني الرافض لصفقة ترامب الفاسدة، وهذا ما سيسمعه العالم من الرئيس أبو مازن، وسيسمع على نحو مفصل أسباب هذا الرفض الفلسطيني، والتي هي ليست أسبابا وطنية فلسطينية فحسب، وإنما هي كذلك أسباب تتعلق بمسؤولية فلسطين الدولية والأخلاقية، كون الصفقة الفاسدة، لا تريد سوى إشاعة الفوضى والعنف والخراب في المنطقة العربية، وبما يؤثر تماما على السلم الدولي، الذي تطمح له أمم العالم ودولها، وبمعنى آخر يشكل الرفض الفلسطيني لصفقة ترامب، وعلى نحو استراتيجي، رفضا دوليا لمشروع الخراب الأميركي، ومن هنا نعرف لماذا يتنظر العالم بأسره خطاب الرئيس أبو مازن، ومن هنا تنبع أهميته.

ليست الإدارة الأميركية بأفضل حالاتها اليوم، والداخل الأميركي يبلور اعتراضات ليست هينة ضد الرئيس ترامب وإدارته، ولا نتوهم بطبيعة الحال، إن هذه الاعتراضات قد تطيح بهذا الرئيس، ولكنا نرى ازدراء دوليا يتصاعد لسياساته، ورفضا لغطرسته، ما يجعل العالم يتطلع لخطاب الرئيس أبو مازن، لأنه الخطاب الذي يعزز هذا الازدراء النزيه، والذي نتطلع ان يتنامي هذا الازدراء، ويتطور إلى مواقف تلجم غطرسة الرئيس الأميركي وإدارته.

لا تريد فلسطين في خطاب الرئيس أبو مازن، سوى ان تعلق الجرس في باحة الشرعية الدولية، لأجل خلاص هذه الشرعية ومجتمعها الدولي من المعايير المزدوجة ومن التحكم الإمبراطوري التعسفي بها، وحقا إن هذه المسألة ستعزز من فرص السلام العادل لفلسطين، ولكنها أيضا ستعزز من فرص القضاء على العنف والفوضى والإرهاب في كل مكان من هذا العالم .

ينتظر العالم بأسره خطاب الرئيس أبو مازن، ولكن ثمة حمقى في السياسة، يغلقون على أنفسهم في غرف معتمة، هي الغرف الحمساوية، ويتوهمون ان بإمكانهم المشاغبة والتشويش على خطاب الرئيس أبو مازن في الأمم المتحدة فيدعون إلى مظاهرات في غزة ضد هذا الخطاب (...!!)، وإذا كنا نحن نصف هؤلاء بالحمقى، فإن نائبا من مجلس الشعب المصري، هو مصطفى بكري وصفهم بما لا نريد قوله الآن، نحن أدرى طبعا ان الحماقة في الشؤون الوطنية تقود إلى ما هو أخطر من كل أمر خطير، ومع إننا نعرف أن الحماقة أعيت من يداويها، ولكن حمقى حماس "حمقانا" ولن نكف عن محاولة مداواتهم، ولنا في مناعتنا الوطنية، ضمانة أن نسقط العياء مهما بلغت آلامه وأوجاعه حتى شفائهم، فإن لم يتعافوا فالكي بالنار أنجع العلاجات وآخرها.