تكريماً وتعظيماً لقدر الشهداء الذين قدموا أروحهم فداءً لفلسطين وعبّدوا طريق التحرير بدمائهم، لا يألو المسؤولون الفلسطينيون جهداً في كل مناسبة لتكريم الشهداء، ولعل حلول عيد الأضحى المبارك من كل عام، هو من الأيام التي تسترجع فيه الذاكرة الفلسطينية لتحي مآثر هؤلاء الأبطال الذين رووا بدمائهم أرض فلسطين ولبنان.

فصبيحة عيد الأضحى المبارك الذي صادف اليوم الثلاثاء 21/8/2018 عجّت مقبرة الشهداء- عند مستديرة شاتيلا، بالزوار الرسميين من الفلسطينيين واللبنانيين قادة فصائل وأحزاب، والمدنيين الذين أتوا لزيارة أحبائهم الذين احتضنتهم هذه البقعة الطاهرة التي تجسّد التاريخ النضالي للثورة الفلسطينية، ومن بين هؤلاء سعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، ومنسق عام الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة معن بشور على رأس وفد رفيع المستوى، ورئيس جمعية كنعان الفلسطينية العميد يحيى صالح، ومسؤول أسر الشهداء والجرحى في لبنان شريف، وممثلو الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، وممثلو فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة حركة "فتح" في بيروت، وممثلو اللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني في بيروت، وحشد فتحاوي من كافة الأطر التنظيمية، والفرق الكشفية التابعة لحركة "فتح".

بدأت الزيارة منذ الصباح الباكر على أصوات الأناشيد الوطنية الفتحاوية، وتوزيع الورد الأحمر من قبل سفارة فلسطين على زوار المقبرة وأهالي الشهداء، تلا ذلك وضع الأكاليل على النصب التذكاري للجندي المجهول لشهداء الثورة الفلسطينية بإسم السيد الرئيس محمود عباس، والسفير أشرف دبور ومنظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" ومؤسسة الشؤون، مع قراءة سورة الفاتحة.

بدايةً كانت كلمة للجان والروابط الشعبية ألقاها عمر أبو حطب جاء فيها: "وفاءً للمضحين بحياتهم من أجل الحرية، نلتقي كل عام صبيحة العيد لنبدأ يومنا بالتحية لمن قدموا أرواحهم من أجل الوطن والحرية وفلسطين، نلتقي حول من أبقوا شعلة النضال متأججة في كل ساحة مع العدو الصهيوني، ونقول لكم إن أخواتكم وإخوانكم في فلسطين والأمة يكملون الطريق في مواجهات بطولية في المنافي والسجون وفي مسيرات العودة من أجل حرية أرضنا وشعبنا، وإن كنا نتمنى أن نكون موّحدين متضامنين متكاتفين في هذه الأيام الصعبة في وجه كل المؤامرات والصفقات والقوانين التي تريد إنهاء القضية، ستبقون أحياءاً فينا، وسنروي لأبنائنا كل يوم حكاية بطولاتكم، لتظهر هذه القصص حقيقة حرية الأرض والوطن".

ثمَّ ألقى العميد يحي صالح كلمة اليمن فقال: "من اليمن الجريح الصامد الصاب، ننقل لكم تحيات الشعب اليمني، ونؤكد لكم أن اليمن معكم وعلى استعداد تقديم التضحيات من أجل تحرير فلسطين، نلتقي كل عام وفلسطين ما زالت تحت الاحتلال، واليمن ما زال ينز، ولكن بصمودنا جميعاً سننتصر على كل الكيانات المصطنعة التي صنعها الاستعمار، النصر لنا جميعا بتضحيات شهدائنا الأكرم منا جميعًا".

وكانت كلمة للسفير أشرف دبور، إستهلها بالآية القرآنية: بسم الله الرحمن الرحيم "اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير" صدق الله العظيم.

أيها الأخوة الأوفياء والذين تؤكدون في كل مناسبة بأنكم أوفياء لدماء الشهداء، أوفياء لفلسطين؛ أوفياء للعروبة؛ أوفياء للثورة؛ أوفياء للنضال؛ أوفياء للمسيرة، نحن وفي كل مناسبة نلتقي جميعًا، ونقف هنا في هذا المكان الذي وقف أمامه الشهيد الرمز الخالد ياسر عرفات، حين رفع الستار عن هذا النصب التذكاري للجندي المجهول، وهو في ذكرى استشهاد مخيم تل الزعتر والذي منذ عدة أيام كانت ذكراه، وباسمي وباسمكم جميعًا نترحم على هؤلاء الشهداء المظلومين، ونعاهدهم بأننا على خطاهم سائرون، وكذلك نقف هنا، لنعاهد القادة فينا، والشهداء الأكرم منا جميعا، نعاهدهم أن نستمر بالثورة حتى النصر، بأن نستمر على الثوابت، نعم الثوابت التي خطها الشهيد الرمز ياسر عرفات بدمائه، الثوابت وليس غير الثوابت".

وأضاف: "نحن نقف اليوم أمام هؤلاء الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءاً لفلسطين، فلسطين كل فلسطين، لنعاهدهم بأننا على طريقهم وعلى دربهم سائرون، وبأن الثورة مستمرة؛ وبأن القدس عاصمة للدولة الفلسطينية؛ وستكون ولن تكون غير ذلك شاء من شاء وأبى من أبى".

وتقدم السفير دبور بالتحية والتقدير والإعتزاز إلى المناضل معن بشور، واصفاً إياه بالرجل الذي لا يرتاح ولا يهدأ أبدًا، تراه يتحرك هنا وهناك، هذا الرجل منذ عرفته كنت طفلًا صغيراً، وهو في المواقع النضالية دائمًا إلى جانب أخوته من الشعب الفلسطيني، فقضية فلسطين هي قضيته، كما هي قضايا الأمة العربية، فالتحية كل التحية له ولإخوانه الذين أيضًا يجهدون إلى جانبه، كذلك كل التحية لكم أيها الأوفياء والذين في كل مناسبة نراكم هنا، هذا بالتأكيد يعبر عن الأصالة الموجودة بداخلكم؛ الأصالة الموجودة بأرواحكم، الأصالة التي تعبرون عنها لهؤلاء الأكرم منا جميع، لمن ضحوا بحياتهم فداءاً لفلسطين، فلسطين الهوية، فلسطين الكيان، نعاهدهم ونقول لهم بأننا على العهد سائرون وعلى العهد باقون.

وووجّه السفير دبور رسالة إلى أهلنا في الداخل إذ قال: "من هنا من لبنان نقول لأهلنا في الداخل الفلسطيني المحتل نحن إلى جانبكم؛ نحن معكم؛ ولن نكون غير ذلك؛ وسنبقى معكم طال الزمن أم قصر، صحيح أن الطريق صعب ووعر، وصحيح أن الوضع صعب، ولكن هذه الثورة لا يوجد أمامها مستحيل، هذا الشعب لا يوجد أمامه مستحيل، هذا الشعب الذي بصموده وإصراره وعزيمته يتصدى بكل صلابة لهذه المؤامرة الشرسة والتي تستهدف قضيتنا المركزية، تستهدف مشروعنا الوطني الفلسطيني، تستهدف ألكل الفلسطيني، نعم، ألكل الفلسطيني لن يستثنى أحد من هذا المشروع، فهذا المشروع القادم علينا، يعتقدون أنه سيطال الجميع، ولكن خسئو، فلن تمر أي مشاريع طالما أن شعب فلسطين موحد؛ وأمة عربية موحدة خلفنا نقف في وجه هذه المشاريع.

نعاهد شهداءنا، نعاهد أبناءنا، نعاهد كبارنا بأننا على العهد باقون، وإلى فلسطين قادمون، والقدس لن تكون إلا عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة، واسمحوا لي في النهاية أن أوجه لكم ما حمّلني إياه سيادة الرئيس محمود عباس من تحيات إلى أبناء شعبنا البطل في لبنان وفي كل مكان من هذا العالم.

هذا وجال السفير أشرف دبور في أرجاء المقبرة، وقرأ الفاتحة لأرواح الشهداء والقادة الذين قضوا شهداءاً على مذبح القضية الفلسطينية.

وفي وقت سابق من صبيحة هذا اليوم نظمت حركة "فتح" – الشعبة الجنوبية، مسيرة إنطلقت من أمام الجندي المجهول باتجاه مقبرة الشهداء في المخيم تقدمها حملة الأكاليل، شارك في المسيرة ممثلو فصائل الثورة والقوى الإسلامية الفلسطينية، وعدد من أعضاء قيادة "فتح" في بيروت، ولفيف من المشايخ ورجال الدين ومشايخ من جمعية المشاريع الخيرية، وممثلو اللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني، وأمين سر وأعضاء الشعبة الجنوبية، وحشد فتحاوي ضم كافة الأطر التنظيمية، والفرقة الكشفية.

هذا ووضع المشاركون في المسيرة إكليلين من الورد على النصب التذكاري للجندي المجهول، وإكليلين في مقبرة الشهداء في المخيم باسم منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" وقرأوا سورة الفاتحة لأرواح الشهداء، كما وضع كشافة المرشدات الفلسطينية إكليلاً من الورد على ضريح القائد الكشفي جمال خليل الذي غيبه الموت منذ فترة وجيزة.

أما في مخيم شاتيلا فقد قامت حركة "فتح" – الشعبة الرئيسية وبمشاركة الفصائل الفلسطينية وممثلي اللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني بزيارة مثوى الشهداء داخل المخيم وقرأوا الفاتحة ووضعوا إكليلين من الورد باسم منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" على أضرحة الشهداء.

بقلم: حسن بكير

#القدس_عاصمة_فلسطين_الأبدية

#إعلام_حركة_فتح_لبنان