شهدت جلسات المجلس المركزي نقاشًا مستفيضًا حول كوتا المرأة، وضرورة العمل على تطبيقها فورًا في هذه الدورة، وتصل لـ30% بالحد الأدنى من قوام الهيئات والمؤسسات القيادية وفي مختلف الميادين، خاصة أن دورات المجلسين الوطني والمركزي السابقة قد أقرتها، فضلاً عن أنَّ الحكومة سَنت العديد من القوانين ذات الصلة لمساواة المرأة بالرجل. وكانت وثيقة إعلان الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني في دورته عام 1988 تبنت بشكل واضح هذا التوجه العظيم.

ولكنَّ لشعور المرأة الفلسطينية ومؤسساتها التمثيلية بوجود بون كبير بين القرارات وترجماتها على الأرض، عادت ممثلات المرأة في المجلس المركزي لإثارة الموضوع والدفاع عن حقوقهن، كون المرأة شريكة أساسية في حقول وميادين الحياة المختلفة، وتحديدًا في معركة الدفاع عن الحقوق والثوابت الوطنية، بالإضافة لكونها نصف المجتمع الأجمل، وحاضنة أجياله المتعاقبة.

ورغم أن مشروع القرار نجح، غير أنني كنت ضده، ولم أصوت لصالحه، لأكثر من سبب، أبرزها وأهمها:

أولاً: قناعتي الراسخة بضرورة حصول المرأة على المساواة الكاملة دون نقصان، بتعبير آخر، لا يجوز تجزئة حقوق المرأة، رغم إدراكي لطبيعة المجتمع الذكوري السائدة في الشرق ودول العالم الثالث عمومًا وليس في فلسطين وحدها. إلّا أنَّ طبيعة المجتمع الذكورية ستتغير رغمًا عنه عندما يتم تكريس مبدأ المساواة، وتتسلح المرأة بالقانون في مواجهة المعضلات، التي تجابهها في مسيرة حياتها اليومية، وتعلن تمردها على مخلفات الواقع العشائري والقبلي والعائلي والذكوري عمومًا، ومنافستها للرجل من موقع الندية والجدارة في مختلف مواقع العمل والهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية.. إلخ، أعتقد أنَّها تستطيع كي الوعي المجتمعي، وإعادة تأهيله كي يستوعب التحول النوعي، الذي تم إقراره.

غير أنَّ ثقة المرأة بنفسها وبالسلطات والهيئات القائمة دون المستوى المطلوب، أضيف لها عامل آخر، التلكؤ في التنفيذ الأمين للقرارات المتعلقة بمكانتها، ما دفعها للجوء لخيار انتزاع حقوقها خطوة خطوة. وعلى أهمية هذا المبدأ، لكن حباله قد تطول في بلوغ المرأة للمساواة الكاملة، وسيدفع القوى المحافظة في المجتمع لوضع العصي في دواليب تحقيق حقوقها الأساسية.

ثانيًا: طرح المرأة لمشروع الكوتا المذكورة أعلاه، وحصره في عضوات الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، أفقده القوة الاقناعية بين الأعضاء، لأنَّ المدافعات عن ذلك، تجاهلن من حيث يدرين أو لا قطاعات النساء في المؤسسات والهيئات والاتحادات الشعبية والحزبية والوظيفية الرسمية والأهلية وحيثما وجدت المرأة في ميدان العمل. ومع أنَّ بعض الأخوة تنبهوا لذلك، إلّا أنَّ بعضهن تمسك برأيه، وإن جرى التصويت على ضرورة تنفيذ القرار بما يشمل النساء في كافة مواقعهن.

ثالثًا: فيما يتعلق بعضوية المجلس المركزي، يعلم الجميع، أنَّ عضوية المجلس زادت عمَّا كانت عليه سابقًا، بحيث بلغ العدد الآن 145 عضواً، بعد أن كان سابقًا يتجاوز المئة بقليل. وحتَّى تعطى الهيئات القيادية مكانتها وثقلها، لا يجوز تعويمها، وتوسيعها أكثر مما هو عليه العدد، لأنَّ ذلك يضر بها، ويسيء لتجربتها، ويفتح شهوة كل من هب ودب للمناداة بزيادة العدد، ولكل رؤاه واجتهاداته وخلفياته، التي يمكن أن يتسلح بها لتبرير نزوعه الإفراطي في التوسيع.

وعليه، ومع أن القرار تمَّ إقراره بالنصف زائد واحد، غير إنني أنبه من توسيع عدد أعضاء المجلس المركزي، والعمل على استيفاء العدد من ممثلي الفصائل والاتحادات والنقابات الشعبية للحؤول دون توسيع عدد أعضاء المجلس أكثر مما هو عليه الآن.

ولا أملك سوى أن أتمنى للمرأة الفلسطينية الوصول في يوم قريب لكامل حقوقها في المساواة التامة مع الرجل دون كوتا ولا اجتزاء، لأن مساواتها بالرجل ستكون لحظة تاريخية في مسيرة ونهوض المجتمع الفلسطيني، لأنَّه سيعكس تطور المجتمع الفلسطيني، ونقله نقلة نوعية وإستراتيجية في مسار العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والثقافية.

ملاحظة: أود الإشارة إلى أنَّ الأخ واصل أبو يوسف، أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية أبلغني بأنَّ جبهته بكامل أعضائها في دورة المجلس الوطني الـ 17 المنعقدة في عمان 1984، وليس فقط ممثليها في الهيئات الشعبية، كما ورد في مقالي المنشور يوم الخميس الماضي بعنوان "المجلس والنصاب السياسي"، وعليه وجب التصويب والتوضيح.