من موقعه في المحفل "الإخواني" يحاول رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل ترقيع ثوب حركته الذي بات ممزقا من أكثر من جهة، بسبب سعيها المحموم من أجل "التهدئة" طويلة الأمد مع إسرائيل، والتي توسلها يحيى السنوار على نحو مذل في مقابلته الصحفية مع جريدة يديعوت احرونوت الإسرائيليي.

ويحاول مشعل في عمله الترقيعي هذا، ستر هذه العورة، بالقول "إن حماس لديها خطة لتحرير فلسطين تكتيكية وإستراتيجية" وبقدر ما في هذا القول من شعبوية فاقعة، بقدر ما يعبر عن إدراك مشعل لحقيقة الأزمة التي تعيشها حركته جراء واقعها التفاوضي المهين.

لن يكون من الصعب على أحد أن يفهم أن خطة حماس التكتيكية التي يقصدها مشعل هي "التهدئة" طويلة الأمد، غير أن الخطة الإستراتيجية وطبقا لاستدراك مشعل في إعلانه الشعبوي هذا، ليست حمساوية تماما، حين يقول "لكن يحب ان تكون هناك خطة عربية وإسلامية تجمع العقول لتحرير فلسطين"...!!!! ينسى مشعل هنا انه هو الذي أعلن حين كان رئيسا لمكتب حماس السياسي، وثيقة حركته السياسية، التي وصفت حينها بالجديدة، والتي لم تتحدث عن تحرير فلسطين، بل عن تأييدها لدولة فلسطينية على حدود 1967.

وعلى ما يبدو أنها ذاكرة السمكة، أو لعله الزهايمر المبكر قد أصاب الرئيس السابق لحماس، حتى عاد يتحدث بخطاب الشعارات الماضوية، التي لم يعد لها أية مصداقية، خاصة في ظاهرتها الصوتية الحمساوية، الظاهرة التي يبرع فيها على نحو خاص الزهار، ومعه هذه الأيام احمد بحر الذي أصابه بيان المجلس الثوري الأخير بالهلع، وهو يرى مصير موقعه الانقلابي في المجلس التشريعي الذي "لم يعد قائما بالفعل" قد بات بين ايدي الشرعية الوطنية، الدستورية والنضالية.

وبقدر ما ان هذه الظاهرة الصوتية لم تفد حماس بأي شيء، بقدر ما أن ترقيعات خالد مشعل لن تكون ذات جدوى، فما بان قد بان، وما اتضح قد اتضح، ولا يصلح العطار عادة ما افسده الدهر، لكن حماس مع ذلك لا ترى من هذه الحقيقة شيئا فتواصل اطلاق العنان لظاهرتها الصوتية برغم شروخها المزعجة في أصوات الزهار والبردويل وحماد وبحر وسواهم من ناطقي حركة حماس ولا نتوقع غير المزيد من صخب هذه الظاهرة لأن حماس تشعر اليوم بعد بيان "الثوري" ان "الحديدة باتت حامية" كما يقول المثل الشعبي عندنا، وتتوهم انها ستجد لها بالصخب مخرجا وخلاصا من أزماتها، وهذا الوهم هو على ما يبدو استراتيجيتها الوحيدة.