لقد اختارت قيادة حركة الناصريين المستقلين (المرابطون) عنوان جريدة السفير الصادرة بتاريخ 5 آب 1982 "بيروت تحترق.. ولا ترفع الراية البيضاء"، عنوانًا لإحياء الذكرى السادسة والثلاثين لدحر العدوان الصهيوني عن سيّدة العواصم العربية بيروت، بعد عصر السبت 22/9/2018 أمام حديقة الرملة البيضاء.

وأحيت الحفل فرقة حنين للأغنية الشعبية بباقة من الأغاني الثورية والوطنية اللبنانية والفلسطينية. وغنَّت المتضامنة البريطانية جوليا عيشه أغنية موطني على أنغام العود. وتحول الحفل إلى عرس وطني لبناني فلسطيني، حيثُ رفرفت الأعلام اللبنانية والفلسطينية في سماء بيروت، ونُصِبت الدبكات الفلسطينية واللبنانية.

وحضر الحفل ممثِّل معالي وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل الدكتور رمزي دسوم، والعقيد حسام شميساني ممثِّلاً قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، والنقيب أحمد نصّار ممثِّلاً مدير أمن الدولة اللواء طوني صليبا، وسعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، وأمين سر حركة "فتح" وفصائل "م.ت.ف" في لبنان فتحي أبو العردات، وأمين الهيئة القيادية لحركة الناصريين المستقلين "المرابطون" العميد مصطفى حمدان وأعضاء الهيئة القيادية، وممثِّل عن سفارة جمهورية مصر العربية، وممثِّلو الأحزاب والقوى الوطنية والسياسية اللبنانية، وممثِّلو الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، وقيادة حركة "فتح" في بيروت، ومدير المجلس الأعلى الشباب والرياضة في الشتات، ولفيف من رجال الدين والمشايخ، وشخصيات وطنية لبنانية، وحشد شعبي من مخيَّمات بيروت، وأشبال وزهرات حركة "فتح".

وبدأ الحفل بالوقوف دقيقة صمت مع قراءة سورة الفاتحة لأرواح الشهداء، تلا ذلك الاستماع للنشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني ونشيد المرابطون.

ثُمَّ ألقى السفير أشرف دبور كلمة فلسطين، جاء فيها: "(بيروت تحترق.. ولا ترفع الراية البيضاء)، وبعد 36 عامًا من المحاولة، بالطبع المحاولة التي هُزمت هنا على أبواب بيروت، ها هُم أشبال فلسطين وزهرات فلسطين، وأشبال وزهرات لبنان، هُم المسيرة دائمًا حتى النّصر".

وتابع: "نعود بالذاكرة لنسترجع جزءًا مُهمًّا من مسار القضية، هنا بيروت، بيروت الشاهدة على عظمة البطولات التي سطرها المقاومون الفلسطينيون واللبنانيون على أبوابها، وما زالت إلى يومنا هذا تروي حكاية نضال في صراعنا المفتوح بين ما أريد لنا أن نكون، وبين ما استطعنا بصمودنا وتصميمنا أن نكون، وكنا بيروت التي حطَّمت دبابات العدو الصهيوني على أعتابها، والتي لم تكن ولن تكون إلّا سدًّا منيعًا في وجه المشروع الصهيوني كما هي فلسطين اليوم".

واستطرد السفير دبور قائلاً: "بيروت عاصمة الثوار التي حُوصِرَت وقُصِفَت لمدة 88 يومًا بأعتى أنواع الأسلحة في محاولة لاقتحامها، وإجبارها على الاستسلام. فيليب حبيب (زهق وهو رايح جاي والكل بيعرف شو كان يجي يساوي ويروح)، إلّا أنَّ بيروت صمدت، وصمدت وبغطاء كوني، لكنَّ الثوار الأبطال رجال الحق استبسلوا على أبوابها، ولم يسمحوا لنجمة الانتصار من مغادرة سمائها وما تركوها برايات بيضاء، ولا بهامات محنية، بل ودَّعوها بسلاحهم وبِشارات النّصر والحُريّة".

واستعرض السفير دبور بعضًا من أقوال الرئيس الشهيد أبو عمار قبل مغادرته بيروت فقال: "من على منابر بيروت قال أبو عمار ( لا قيمة لحياة بلا وطن وبلا حُريّة، وأيّها المجد لتركع أمام صمود بيروت)، وردًّا على سؤاله إلى أين أنت ذاهب أجاب: (إلى فلسطين إلى فلسطين، إلى فلسطين)، وكانت نعم فلسطين، وتحقق الهدف وقضى شهيدًا شهيدًا على ثراها ودفن بجانب أقصاها".

وتطرَّق سعادته إلى الوضع السياسي الفلسطيني، فقال: "تتجلَّى صُوَر الباطل في هذه المرحلة الحرجة من خلال ما يراد تنفيذه من مشاريع تحت مسمّيات مخلتفة، تارة حلول، وتارة محاولات فرض بالقوة على شعبنا وقيادتنا، وهي أشدُّ وأخطر المنعطفات التي نواجهها بصراحة منذ إعلان وعد بلفور، لأنَّنا اليوم في مرحلة تصفية ومحاولات ليست مرحلة، لأنَّنا بالتأكيد سننتصر على كلِّ هذه المحاولات لتصفية القضية الفلسطينية، وهذا منذ إعلان بلفور، والخروج علينا تارة بالإغراءات المادية وعروضًا، وطورًا بالتباكي على الأوضاع الإنسانية، وهم لا يعلمون بأن الأوطان لا تُقدَّر بثمن، والكرامة لا تُقدَّر بثمن، والهُويّة لا تُقدَّر بثمن، وليكن معلومًا بأنَّه ليس منا وليس فينا مَن يتنازل عن ذرّة من تراب أرض فلسطين، وأنَّ شعبنا وقيادتنا وتاريخنا النضالي، سيُفشِل كلَّ تلك المحاولات، ولن يسمح لكائن من كان بأن يتجاوز شرعيتنا الفلسطينية المتمسِّكة بالثوابت الوطنية التي شكَّلت إجماعًا وطنيًّا على المستويات الرسمية والشعبية كافّةً، وعنوان قضيتنا وشعبنا الفلسطيني واضح ومعروف، وهو أنَّ منظمة التحرير الفلسطينية، هي الممثِّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والبيت الجامع لكل الشعب الفلسطيني. منظمة التحرير الفلسطينية التي قدمت خيرة أبنائها وقادتها شهداء للوصول إلى إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني، والمتمثل بالاستقلال الكامل بدحر الاحتلال عن أرضنا وإنجاز الدولة واقعًا سياديًا على الأرض الفلسطينية بعاصمتها القدس، نعم القدس وتحقيق العودة، ولن يستطيع أحد أن يفرض علينا أيّة مشاريع تهدف للتوطين والتهجير، بل هناك فقط مشروع واحد يقبل به الشعب الفلسطيني وهو العودة إلى دياره، إلى بيوته، إلى وطنه، إلى أرضه".

وأردف: "نؤكِّد بأنَّه لن يوجد في أُمّتنا مَن يقبل بالتنازل عن حق الشعب الفلسطيني في عودته إلى وطنه، أو يتجاهل قرارات القمم العربية المتعاقبة قبل القمم والقرارات الأممية، فكل من ساند ويساند ودعم ويدعم الموقف الفلسطيني في المحافل الدولية وفي المواقع كافةً، ورفض كل القرارات التي تنتقص من حقوقنا المقدسة وبخاصة حق شعبنا في العودة والحرية والاستقلال، لهؤلاء أصحاب الضمائر الحيّة والأحرار، وجزء موجود بيننا اليوم، جاؤوا ليتضامنوا معنا اليوم ليقولوا للعدو الصهيوني المحتل لن ننسى صبرا وشاتيلا، منذ أيام كانت ذكرى صبرا وشاتيلا، واليوم ذكرى دحر الاحتلال عن هذه العاصمة بيروت، لهم منا كل التحية والتقدير".

وأكَّد السفير دبور: "عهدنا أن نظل ملتزمين بالمبادئ، أمناء على القسم، لا يُساورنا شك، ولا ينتابنا وهن، معتصمين بالحق، صامدين في المواقف الصعبة، ماضين في درب الجلجلة حتى قيام دولتنا الفلسطينية الحرة المستقلة".

وختمَ قائلاً: "للأكرم منا جميعًا للشهداء، ولرمز عزتنا ياسر عرفات، وللشهيد البطل جمال عبد الناصر، ولكلِّ شهداء أمتنا العربية التحية، كل التحية. ويشرفنا الانحناء أمام الجرحى البواسل وعذاباتهم وآلامهم، والأسرى ومعاناتهم، وللشعبين اللبناني والفلسطيني اللذين توحَّدا في أبهى صور الوحدة في الدفاع عن شرف العروبة، بالهامات المرفوعة، وللبنان الواحد الموحد، السيد الحر، فهو للشعب الفلسطيني ممر، نعم ممر ومحطة على طريق العودة إلى الوطن، ولن يكون أبدًا مُستَقَرًّا. له الحُبُّ والوفاء، وعهدًا لكم أيها الأوفياء في لبنان الشقيق أن نستمر معًا وسويًّا بالنضال حتى تحرير الأراضي العربية المحتلة كافّةً وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة أبناء شعبنا الفلسطيني إلى أراضيهم وبيوتهم التي اقتُلِعوا منها قسرًا. إنَّ موعدهم الصبح، أليس الصبح بقريب!؟ إنَّهم يرونه بعيدًا ونراه قريبًا. عاشت فلسطين حُرّة عربية.. عاش لبنان.. عاش التلاحم اللبناني الفلسطيني.. وإلى كلِّ إخوتنا الذين جاهدوا إلى جانب القوات اللبنانية الفلسطينية في هذه العاصمة بيروت وفي لبنان، أثناء الاجتياح الصهيوني وبعده، إلى كلِّ هؤلاء جميعًا التحية والإجلال والإكبار، ولن ننسى أحدًا.. وإنَّها لثورة حتّى النّصر.. حتّى النّصر ..حتّى النّصر".

وألقى العميد مصطفى حمدان كلمةً، جاء فيها: "عندما سُئِل قائدي ومعلِّمي أبو عمار (إلى أين أنتَ ذاهب؟) قال: (إلى فلسطين). فلسطين هذا اليوم الرهان عليها. فلسطين أبو عمار، وشهداء الأقصى، والجبهة الشعبية المقاومة، والقيادة العامة، والجبهة الديمقراطية، وكل فصائل المقاومة. هذه فلسطين، ما تقسمولنا إياها، لن تكون فلسطين إمارات دينية مذهبية، اليوم بسقوط هذا الصقيع العربي، سقوط عصابات الإخوان. هذه هي فلسطين العربية، العربية التي أراد أن يعود إليها أبو عمّار. (صفقة القرن) هي نتاج هذا الربيع الذي أسموه عربيًا. اليوم فهمنا عصابات الإخوان التمأسلمين، فاتوا مع الأمريكان واليهود ليدبروا مشروع ما تنغشوا، ما تنغشوا سقط مشروعهم وأنتم منتصرون يا أبناء أبو عمار. انتصروا ما تصالحوا، هني اللي اعتدوا، انتم ما اعتديتم، هني اللي قسّموا أنتم ما قسّمتوا، هني اللي كانوا ناويين يمحوا مصر، ويمحوا سوريا، ومحوا ليبيا، ومحوا موريتانيا، مش إحنا ولاد العروبة، العروبة تحمي وتصون العروبة تبني العروبة تجمع لنذهب جميعًا إلى تحرير فلسطين كل فلسطين والمسجد الأقصى".

وأضاف: "القدس، لا يقرر شيئًا بشأنها لا ترامب ولا غيره ولا هوما عابدين، هوما عابدين مستشارة كلينتون، وهي التي صنعت داعش وجبهة النصرة بإذن من عصابات الإخوان المتأسلمين، ما تضيعوا البوصلة، اليوم عم نسمع القدس عاصمة أبدية، مدينة الله على الأرض، ورسالة السماء على الأرض، القدس عاصمة فلسطين، لا يا إخوان فليكن معلومًا القدس عاصمة فلسطين العربية العربية العربية، عاصمة أبدية لفلسطين العربية العربية، قيمة فلسطين إنَّها جمعتنا كلنا بهذه الأمة طوائف ومذاهب، لا بل جمعت كل أحرار العالم، اليوم نراهم يريدون تحرير فلسطين ويهتفون مع أهل فلسطين، لا تضيعوا هذه الفرصة، ما حدا يضحك علي. أبو عمار خرج من هنا، إنما خرج ليمهد لنا الطريق، لنعود جميعًا إلى أقدس الأقداس، وأطهر تراب، ولا وجود لا لحضارة عربية، ولا خطط سياسية واقتصادية إذا لم ينتهِ هذا الكيان اليهودي التملودي على أرض فلسطين، وتصبح فلسطين حرة حرة وعربية، ومسجدها الأقصى محرّرًا، كما قال أبو عمار سيرفع شبل من أشبال فلسطين أو زهرة من زهرات فلسطين علم فلسطين فوق مآذن القدس وكنائس القدس وأسوار القدس. عند ذلك نحقق انتصارنا، ونحقق وحدتنا العربية، ونحقق وجودنا الإنساني على مستوى هذه الحضارة".

وحول وقف الدعم المالي الأمريكي لـ"الأونروا" قال العميد حمدان: "ترامب يريد توطين الفلسطينيين، أنا لبناني وأفتخر بفلسطينيتي، أنا ابن هذه المخيَّمات، أنا ابن "فتح"، انا خريج مخيَّمات تدريب "فتح"، أنا ابن "فتح" ما هتفت لغيرها، أنا ولا مرّة كنت أعرف الأونروا هي بدها تعيشني وتعيّش الشعب الفلسطيني، كنا نشوف مأسي الشعب الفلسطيني، يوقفوا على بواب "الأونروا" لياخذوا رز مسوّس وسُكّر خربان، هذا شعب الجبارين ليس بحاجة إلى "الأونروا" لمنعه من العودة إلى تحرير فلسطين، من إيمتا إحنا كنا ناطرين "الأونروا" لترد أهل المخيمات، لو الأمم المتحدة بتعطيهم كنوز بثقلهم، بقولوا لا بدنا نرجع على حيفا ويافا وعسقلان والكرمل وكل فلسطين.. افهموا ما تخوفوا هني بدهن توطين بس أي توطين هني لما كانوا جديًا بدهن يوطنوا ما زبطت معهم هلق بدهن يوطنوا هني ومهزومين، شعب الجبارين يرفض التوطين ما حدا يربحنا جميلي. هذه جماعات الإرهاب، عملت في المخيمات ليفرضوا التوطين، نحن أهل فلسطين، كل الفصائل صمدت وقاومت واليوم هذه المجموعات المخرّبة في المخيمات أصبحت أقلية، ما عارفة كيف بدها تضهر وتهرب هذا كله صحيح، بفضل جيشنا اللبناني اللي كان سهران على حفظ الامن، صحيح كان في جهد كبير انما هذه الاجهزة تعرف جيدا ان التعاون مع اهلنا هو الذي منع كل القوى الشريرة ان تستعمل مخيمات لبنان من اجل تهديد الامن القومي اللبناني لذلك توطين ما في حاجي تخوفونا فيه".

وتابع: "بالإضافة إلى منظمة التحرير، كانت مصر تدفع مئات آلاف الشهداء فاتورة الدم المصري، وكانت سوريا العربية تدفع فاتورة آلاف الشهداء في الصراع العربي، ولا مرة سمعت شي جيش سعودي أو خليجي حوّل صوب فلسطين، ما شفنا لحقت صفقة العصر ليش أمتين اتكلنا- كقوة نضالية وكفاحية فلسطينية لبنانية- اتكلنا هني يحررولنا فلسطين؟! هيدا كله تهويل الانتصار في مصر العربية والانتصار الأكيد على أرض سوريا رح يفتح كل الأبواب في المستقبل للدخول إلى فلسطين وتحرير المسجد الأقصى.. يرونها بعيده ونراها أقرب من القريب".

وعلى الصعيد اللبناني قال: "نحن فعلاً في هذا اليوم الوطني المبارك الذي نجتمع فيه على شط بيروت، شط الرملة البيضاء، لا بد أنَّ أتوجّه بالتحية والإجلال والاحترام والتقدير للرئيس ميشال عون على مواقفه فيما يتعلق بالقضية المركزية، قضية فلسطين. هذا الموقف نحن نقدره ونحترمه، ونقول للعماد عون نحن معك. كما أنَّنا نقدر ونحترم ما قاله ويقوله دائمًا في خطابه السياسي سواء في الأمم المتحدة أو في المحافل الدولية، أو في الجامعة العربية مع الوزير جبران باسيل".

بقلم: حسن بكير