بعد الصلاة على النبي، نهنئ شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية وكل عشاق الحرية في العالم، بالإفراج عن زهرة الحرية اليانعة عهد التميمي التي قضت في سجون الاحتلال الأسود ثمانية شهور أنهت خلالها، حالة الطفولة، فقد اعتقلتها إسرائيل وهي لا تزال طفلة لم تبلغ الثامنة عشرة، حين صفعت أحد الجنود الإسرائيليين المدججين على وجهه، كتعبير عن الغضب المقدس من جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي اقتحم بيت العائلة في قرية النبي صالح عنوة، واعتدى على الأب والأم والإخوة والأخوات، فكان جزاء الجنود الصفع على وجوههم، وتذكيرهم بأنهم مجرد محتلين، وان هلوساتهم وأساطيرهم كلها من أولها لآخرها أكاذيب، وأنهم زائلون لا محالة عن ارض الوطن الفلسطيني، وان عامل القوة الحمقاء متغير في المكان والزمان، وأن فلسطين موعودة بالحرية، وشعب فلسطين موعود بالحرية، وها هي وردة الحرية عهد التميمي تتنسم الحرية رغم بشاعة المحتلين المجرمين.

من هذه الصورة المدهشة، نطل على المشهد العجائبي الكريه الذي يغرق فيه دونالد ترامب مع حليفه بنيامين نتنياهو، أكثر وأكثر في العدوان، وإغراء القوة والتطاول في صناعة الفوضى، وفضح كل من يقع بقبضتهما، مثلما انكشف آخر عناصر الجاسوسية الحقيرة في هذه الأيام أصحاب الخوذ البيضاء الذين لم يجدوا سوى إسرائيل راعيتهم الأولى لكي تنقلهم بعيدا عن الملاحقة الحتمية والفرار من الجيش السوري إلى أوروبا التي تعيد النظر في هذا المشهد ولا تريد أن تتورط وهكذا ما زالوا ينتظرون، ولكن انكشافهم كان مدويا.

حلا للقضية الأكبر، وهي القضية الفلسطينية، ترامب ونتنياهو يتورطان أكثر، الأول في صفقة القرن، والثاني في "قانون القومية اليهودي"، وكل منهما يشعر أن الطرف الآخر هو الذي ورطه في الفشل والذهاب إلى اندياحات مجهولة، نتنياهو يشعر أن الرئيس الأميركي وحلفاءه الداخليين من مجموعات المسيحيانية اليهودية تحدثوا عن صفقة القرن أنها الضربة القاضية ولكنها لم تمر أمام صلابة الشعب الفلسطيني وعمق الوعي عند قيادته، ولذلك فهي اقرب إلى الموت في الرحم الذي يحملها لأنها لا تملك عناصر الحياة، بل هي مجرد تهيؤات عدوانية، وإنتاج غطرسة القوة وإغرائها، وتفكير ضحل لسماسرة لا يملكون سوى موهبة الكذب ذي الحبال القصيرة! وترامب صدق حليفه نتنياهو بأن الخيارات سهلة، وان الرؤى في المنطقة مضطربة ومشتتة، وان الكل يريد صداقة إسرائيل وصداقة أميركا بأي ثمن، ولكن الوقائع المادية جاءت مكذبة لهذا المنطق، بل إن نتنياهو هزم في القدس للمرة الثانية أمام ترامب، وترامب فشل أمام نتنياهو في الحفاظ على مصداقية أميركا ويقوم حاليا بالهروب من الفشل إلى إثارة الفوضى في العالم دون أن يدري ما هي النهاية.

الأهم أن الشعب الفلسطيني بقيادته الشرعية الواعية، يقرأ الواقع قراءة عميقة، ويستعد لتطورات المعركة، ويحضر نفسه لكل الاحتمالات، مطمئنا إلى ثوابتها، والى إبداعات شعبه، والى قداسة الحقوق، أما إغراء القوة فليذهب أنصاره إلى الجحيم.

يا وردة الحرية عهد التميمي تحضرين إلى الميدان في الوقت المناسب، حيث تكثر العناوين، وتتحد الساحات، وتكثر المحفزات من الخان الأحمر إلى بوابة الأقصى التي لن تقفل، إلى مسيرات العودة كنموذج عن المقاومة الشعبية، إلى ساحات النضال الدبلوماسي والقانوني، إلى هذا الحضور المتسع لفلسطين حيثما يوجد الحق ويضيء الحق، أهلا بك يا من أنضجت آخر أيام طفولتك في السجن الإسرائيلي، حيث الحقائق الساطعة بان الاحتلال اكبر عدوان، وان هذا العدوان زائل لا محالة حتى ولو كره الكافرون.