بسم الله الرحمن الرحيم

(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) صدق الله العظيم

يا جماهير شعبنا المنتفضين في القدس، وكلِّ ساحات الضفة... أيها المرابطون في الخان الأحمر.. والوطنُ كلّهُ خطٌ أحمر... فكيف إذا كان الخطرُ داهِمًا من بوابة القدس الشرقية، مُتسلِّحًا بالعنصرية السوداء، والحقد والبغضاء، والتجريف والاستيطان، والتدمير والاقتلاع...

ما يحدث في الخان الأحمر يمارسُه الصهاينة بمباركةٍ من الصهيوني الأول ترامب وجوقته من دولة الكيان الدموي، الذي بُنيَ على وقودِ مجازرِ دير ياسين، وصلحا، والطنطورة، وكفر قاسم، وجنين، وغزّة.

من تلطَّخت أيديهم بدماء شعبنا عبر التاريخ، يُدركون في قرارة أنفسهم أنَّ لحمنا مرٌّ وأنَّنا شعبٌ مُتجذِّرٌ في أرضه، وأننا أصحابُ عهد، وأمانة، فنحن المرابطون في أرض القداسة والرباط، وجذورنا ضاربةٌ في أعماق التاريخ، فعلى مدى سبعين عامًا ونحن منتصبو القامة، لا ننحني لمحتلٍ، نُقدِّسُ ترابَ أرضنا، لأنَّه مجبولٌ بدماء وأجساد شهدائنا وآبانا وأجدادنا، ونصون حجارة أرضنا وصخورها، فمن الصخرة عرج رسولنا الكريم إلى السموات السبع، ومن حجارة فلسطين صنعنا أعظم انتفاضة اشتعلت وما زالت.

معركة الخان الأحمر هي اليوم جزءٌ لا يتجزّأ من معركة القدس، ومعركة الوجود والبقاء على أرضنا.

معركة الخان الأحمر هي معركة الشعب الفلسطيني بكلِّ أبعادها، وجولاتها، وقساوتها، ولا خيار أمامنا سوى الصمود، والتضحيات، مهما كانت الأثمان، لأنَّ لا شيءَ أغلى من الأوطان، فكيف إذا كان الوطن مُقدّسًا، ومباركًا، وأرضَ الإسراء والمعراج، ومهد الديانات السماوية.

على الاحتلال الصهيوني المدفوع بعنجهية ترامب وحلفائه أن يفهموا بأنَّهم قد دخلوا حقل ألغامٍ سياسي، ودينيٍ، وعنصريٍّ، والانسحاب من حقل الألغام هذا سيكون أكثر تكلفةً، لأنه سيُفجِّرُ الغضب الفلسطيني، وسيُشعل النار تحت أقدام الاحتلال، وستكون الجموع الفلسطينية أمام خيار وحيد، هو الدفاع عن الوجود، والكرامة، والبقاء، وكسر شوكة الاحتلال.

نعم أيها الأخوة، المعركةُ اليوم في الخان الأحمر، القرية الفلسطينية، قرية عرب الجهالين وغيرهم، وُجدت لتبقى، ولتكون حلقة الوصل بين شمال الضفة وجنوبها، وبين القدس وأريحا. المعركةُ اليوم هي معركة الإرادات الوطنية، هي معركة العقائد الثابتة، هي معركة الكرامة والعزّة.

مزيد من الصمود في معركة الخان الأحمر، مزيد من التدافع الوطني نحو ساحة التحدي الكبير، مزيدٌ من اللُّحمة والتماسك حتى نلقِّن المحتلَّ الغاصبَ درسًا قاسيًا، ونُعلِّمه أنَّ إرادة الإيمان أقوى من كلِّ عُنصريّهتم.

من لبنان نُحَيي القيادة الفلسطينية وعلى رأسها رئيس دولة فلسطين، الرئيس أبو مازن، واللجنةَ المركزية، واللجنةَ التنفيذية، والمحافظين والقيادات التنظمية، والكوادر، والتحية أيضًا إلى الأخوة أعضاء المجلس الثوري، وقيادته التي قرَّرت عقد جلسَتها اليوم في الخان الأحمر، في رسالةٍ واضحة إلى كلِّ العالم الحر، وإلى كلِّ الجهات القانونية والتشريعية، وإلى كلِّ القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية، بأنَّ معركتنا ضد الاحتلال قد بدأت تتصاعد رغم الإجرام الصهيوني، لكنَّها معركة متواصلة، ومن المهم أن نصمد في هذه المعركة من حيث المواجهات الميدانية، والسياسية، والإعلامية، والأمنية، والاجتماعية مهما طال الوقت، ومهما كانت التضحيات، لأنَّنا يجب أن نعلِّم العدوَّ المحتل بأن لا يقترب من المحرَّمات، والثوابت والحقوق.

نشدُّ على أيديكم، ونبارك لكم جهادكم وتضحياتكم، فأنتم شعبُ الجبّارين، والعالمُ بأسره ينتظر صمودكم حتى تظلَّ الرايةُ مرفوعة، وحتى يظلَّ ترامب ومعه الاحتلال يقفون على رِجْلٍ واحدة حائرين، عاجزين عن تمرير الصفقة الصهيونية، طالما أنَّ قائد مسيرتنا خليفةَ الرمز ياسر عرفات يقول: (لا) لترامب وصفقته، ويرفض التوقيع على المؤامرة الأميركية الصهيونية. ونحن أصحاب الحق الحصري بالتوقيع أو عدمه على القضايا المتعلّقة بمصير الشعب الفلسطيني، وحقوقه، ومستقبله.

ولن يجد العدوُّ فلسطينيًّا وطنيًّا جاهزًا للتوقيع على الخيانة، لأنَّ شعبنا يلفظُ كلَّ الخونة عبر التاريخ. فبابُ الجهاد والاستشهاد مفتوحٌ على مصراعيه، والمشوار طويل.

وإنَّها لثورةٌ حتى النّصر

الحاج رفعت شناعة

عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"

2018-7-12