- السفير أشرف دبور: نحن كفلسطينيين في عين العاصفة، في عين الخطر، نحن في عين الأجندات الخارجية، يجب علينا أن نكون موحَّدين، وأن نبقى موحدين

- السفير أشرف دبور: نحن أبناء هذه المخيّمات، يجب أن نحميها بحدقات عيوننا، يجب أن نحمي وجودنا هنا، وعلاقتنا مع إخوتنا اللبنانيين الذين ناصرونا منذ البدايات

صبيحة الجمعة 15 حزيران 2018 ضجَّت مقابر الشهداء بالتلاوات القرآنيّة، وعبقت بروائح البخور التي امتزجت برائحة دماء الشهداء الزّكية، فكان موعد الأحياء مع ذويهم الشهداء الذين طال اللقاء واشتدَّ الشوق لهم.

وكما جرت العادة في كلِّ عيدٍ ومناسبةٍ وطنيّةٍ، وبمناسبة حلول عيد الفطر السعيد، زار وفدٌ فلسطينيٌّ ولبنانيٌّ وعربيٌّ مثوى شهداء الثورة الفلسطينية المركزي عند مستديرة شاتيلا، حيثُ قرؤوا الفاتحة ووضعوا الأكاليل على النّصب التذكاري لشهداء مخيّم تل الزعتر وشهداء الثورة الفلسطينية، ومن بينها إكليل بِاسم الرئيس محمود عبّاس، وأُلقيَت كلماتٌ قبل أن تنتهي الزيارة بجولة في أرجاء المقبرة.

وتقدَّم الوفدَ سعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، ومُنسِّق عام "الحملة الأهلية لنُصرة فلسطين وقضايا الأُمّة" معن بشور، ورئيس جمعية "كنعان" العميد يحيى صالح، وقادة فصائل "م.ت.ف" وقيادة حركة "فتح" في بيروت، وممثِّلو الأحزاب والقوى السياسية الوطنية اللبنانية، وممثِّلو اللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني، وحشدٌ من مخيَّمات بيروت وأهالي وعوائل الشهداء.

وكانت كلمةٌ للسفير أشرف دبور، ممَّا جاء فيها: "في كلِّ يوم عيد نلتقي هُنا نُقدِّم تحيّة الواجب إلى تاريخنا المشرِّف ومستقبلنا، وهُم الشهداء الأكرم منّا جميعًا. هُنا، وفي هذا اليوم، نفتقدُ إخوةً أعزاء كانوا يقفون بيننا العيد الماضي، الأخ الشهيد البطل أحمد مصطفى، والأخ الشهيد "أبو ربيع" جمال خليل، وكثر من الإخوة الذين فارقونا في مسيرة النضال خلال الفترة الماضية.

اسمحوا لي إخواني أن أتحدَّث حول موضوع مهم جدًّا ألا وهو الوحدة الوطنية الفلسطينية. منذ يومين في الأمم المتحدة قدَّمت فلسطين طلبَ حماية الشعب الفلسطيني في الجمعية العامّة، بعد أن أفشلتنا الإدارة الأميريكية من خلال الـ"فيتو" في مجلس الأمن، وحاول الأمريكيون أن يُضيفوا فقرةً على هذا الطلب كي يُمرِّروه في الجمعية العامة، إلّا أنَّ القيادة الفلسطينية أصرَّت ووقفت أمام الثوابت الوطنية، أَلَا وهي عدم السماح بتمرير أيِّ شيء، فقد أصرَّت الإدارة الأميركية على تضمين القرار بندًا يضع إخوتنا في حركة "حماس" على قائمة الإرهاب، ولكنَّ الرفض والإصرار الفلسطيني والإصرار الدولي من أحرار العالم مرَّر هذا القرار بـ(128) صوتًا مقابل 6 أصوات. إذًا الصمود الفلسطيني على الحق والثبات الفلسطيني خلفه العالم أجمع هو الذي انتصر في الجمعية العامة للأمم المتحدة".

وتابع السفير دبور: "من هُنا، من هذه العبرة التي مضى عليها يومان، كُلُّنا يعلم وكُلُّنا يدرك ما تتعرَّض له القضية الفلسطينية، وما هو المشروع الصهيوني الأمريكي تجاه قضيّتنا الآن. نحن نمرُّ بأخطر مرحلة في تاريخ صراعنا مع هذا العدو الغاصب. هذه المرحلة هي مرحلة تصفية القضية الفلسطينية، إلّا أنَّ الكلّ الفلسطيني والشعب الفلسطيني بأكمله، وعلى رأسه القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس أبو مازن، يواجه هذا المشروع بإصرار وعزيمة رغم كلِّ الضغوط التي تُمارَس على قيادتنا وعلى شعبنا، وأنتم رأيتم كيف استخدم العدو الصهيوني القنص على صدور أطفالنا وبناتنا من خلال الإصابات المباشرة بالرصاص الحي، وآخرهم هذه الشهيدة البطلة الأخت رزان التي قدَّمت روحها فداءً لفلسطين وفداءً لثرى فلسطين، وبوجه الاحتلال الإسرائيلي، وبوجه المشروع الأميريكي، أليس حريًّا بنا نحن أن نكون موحَّدين خلف شعارٍ واحدٍ، وخلف قضيّةٍ عادلةٍ تجمعنا جميعًا وهي فلسطين؟ هل يجوز أن يواجه الرئيس أبو مازن هذا الصلف الأميريكي الكبير رغم كلِّ الضغوطات وأن نخرج في مكان آخر لنقول (إرحل إرحل)؟! هل يجوز هذا الكلام؟! أليس علينا أن نسند الرئيس لكي يبقى ونسنده في مواقفه أمام هذا الجبروت؟! بالله عليكم نحن هنا أمام الشهداء الذين قدَّموا أرواحهم فداءً لفلسطين، هؤلاء الأكرم منّا جميعًا، نقف كلَّ عيد وفي كلِّ مناسبة لنُجدِّد العهد لهم، أليس علينا تجديد العهد اليوم أمامهم بأنَّنا سنبقى موحَّدين خلف قيادتنا لوقف كلِّ المؤامرات على قضيتنا الفلسطينية؟ أطلبُ منكم طلبا هنا: أن نُعاهد الله أمام الشهداء على أن نكون موحَّدين فلسطينيين خلف قيادتنا، كامل قيادتنا لا نستثني أحدًا منهم، ونكون موحَّدين لمواجهة هذا المشروع الظالم الذي يريد إنهاء قضيّتنا الفلسطينية.. عاهدوا الله.. عاهدوا الشهداء".

وأضاف سعادته:"أمَّا بالنسبة للبنان فقد كانت هناك مؤامرات خارجية كبيرة جدًّا حاولت النيل من مخيّماتنا وصمودنا وشعبنا، ولكنَّنا أيضًا كنّا على قدر المسؤولية، تعاونّا جميعًا جنبًا إلى جنب، كتفًا إلى كتف، ووقفنا وأرسينا ثقافة فلسطينية في المخيمات كافّةً، ثقافة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وخرجنا بها إلى العالم أجمع، وإخواننا اللبنانيّون يُقدِّرونها عاليًا. هذه الثقافة يجب أن نحافظ عليها لا أن نبدأ من الآن بإرسال رسائل من هنا وهناك حتى نقرّ شيئًا هنا أو هناك، يجب علينا أولاً أن نُحافظ على وحدتنا في لبنان، نحن في خطر يا إخوان، نحن كفلسطينيين في عين العاصفة، في عين الخطر، نحن في عين الأجندات الخارجية، يجب علينا أن نكون موحَّدين، وأن نبقى موحَّدين، وأن نعمل كما عملنا في السابق شاء من شاء وأبى من أبى، وسنعمل كما عملنا في السابق ولشعبنا، علينا حقٌّ، نحن أبناء هذا الشعب، نحن أبناء هذه المخيّمات، يجب أن نحميها ونضعها في حدقات عيوننا، ويجب أن نحمي البلد الذي نحن فيه، يجب أن نحمي وجودنا هنا، يجب أن نحمي علاقتنا مع إخوتنا اللبنانيين الذين ناصرونا منذ البدايات، ها هو مثلاً الاخ أبو ربيع.. هذا شيء يعجبهم؟ بالتأكيد لا".

وختم السفير دبور كلمته قائلاً: "أطلتُ عليكم، ولكن من حرقتي ممَّا أشاهده في هذه الأيام، من حرقتي أتحدَّث، فلسطين بحاجة لنا جميعًا، ولنهتف جميعًا ثورة ثورة حتى النّصر... ثورة ثورة حتى النّصر ... ثورة حتى النّصر... وحدة وحدة حتى النّصر... وحدة وحدة حتى النّصر".

من جانبه، ألقى العميد يحي صالح كلمةً بِاسم جمعية كنعان أكَّد فيها أنَّ "القضية الفلسطينية في طريقها إلى النّصر، وفلسطين ستتحرَّر، ولكن المسألة مسألة وقت، والكيان الإسرائيلي يحاول أن يُمدِّد الوقت وشعبنا الفلسطيني يعمل على اختصار الوقت".

وألقى الأستاذ هاني سليمان كلمةً بِاسم الحملة الأهلية، قال فيها: "في هذه المناسبة نلتقي هنا قبل أن يستشهد القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات، وبعد أن استشهد أيضًا. على طريق الجلجلة نلتقي هنا لبنانيين وفلسطينيين وعربًا لنُجدِّد العهد والبيعة لفلسطين، لأنَّ فلسطين هي بوصلة الأمة، وهي الطريق إلى الكرامة في هذه الأمة. إلى شهداء لبنان في هذا المكان، وإلى شهداء فلسطين في هذا المكان، ومن على ضريح القائد الرمز "أبو عمار" نؤدِّي التحية وننحي إجلالاً أمام شهدائنا في فلسطين الحبيبة التي تُعطينا يومًا تلو يوم الدرس العظيم بأنَّ هذه الأمة لا يُمكن أن تحني الرأس، ولا يمكن أن تستسلم، والشواهد في السنوات والشهور والأيام والساعات والدقائق لتقول هذه الأمة لن تموت. من هذا المكان نأخذ الشحنة العاطفية، ونأخذ الدرس من هذا الشعب العظيم، هذا الشعب الذي يعطي الدروس شهيدًا أو حيًّا، في كلِّ نقطة، وفي كلِّ حانية من حواني فلسطين من أشدود إلى الناقورة، ومن البحر إلى آخر نقطة في فلسطين الحبيبة. صحيحٌ أنَّنا ندعو إلى الوحدة الفلسطينية لكنَّها في عزِّ النضال تتجسَّد. ها هي فلسطين كلُّ فلسطين جسدٌ واحدٌ في الضفة والقطاع، ونحن نعتبر في الحملة الاهلية لنصرة فلسطين أنَّ الشعب الفلسطيني موحَّد، وهو يضغط باتّجاه الوحدة في القرار السياسي المتمسِّك بالثوابت على طريق تحرير فلسطين".

وختم سليمان بالقول: بسم الله الرحمن الرحيم: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) صدق الله العظيم.

يا أهالي الشهداء تيقَّنوا أنَّنا في هذا المكان، وفي كلِّ مكان، نحن أيضًا أهل الشهداء، وهذا المكان ليس يتيمًا، في دمشق العروبة الصامدة يتطلَّعون إليكم، وفي اليمن الجريح، وفي العراق، وفي لبنان المقاومة، وفي ليبيا الجريحة، وفي مصر الكنانة العزيزة، كلُّ شعبنا في كل أقطاره يلهج بالدعاء برحمة الشهداء ونُصرة المقاومين من أجل تحرير فلسطين.. يرونه بعيد ونراه قريبًا بإذن الله".

وفي وقتٍ لاحقٍ من هذا اليوم، وبمشاركة الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني قامت حركة "فتح" -الشعبة الرئيسة، بوضع أكاليل من الورد على أضرحة شهداء مخيَّم شاتيلا في مقبرة المخيم، وقرؤوا الفاتحة لأرواحهم الطاهرة.

وفي مخيَّم برج البراجنة وضعت الشعبة الجنوبية أكاليل من الورد على النّصب التذكاري للجندي المجهول وعلى مقبرة الشهداء في المخيَّم. وشارك بوضع الأكاليل ممثِّلون عن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية واللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني والفرق الكشفية.

وألقى عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" علي فيصل كلمةً عاهدَ فيها الشهداء على الاستمرار في خطِّ النضال الوطني الذي شقّوه حتى تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني مُشدِّدًا على صون تضحيات الشهداء وحفظ وصيّتهم لجهة الوحدة الوطنية، والتمسُّك بثوابت الشعب الفلسطيني، واستمرار طريق المقاومة والانتفاضة.

بقلم: حسن بكير

#إعلام_حركة_فتح_لبنان
#القدس_عاصمة_فلسطين_الأبدية