لست من المعجبين بالمرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري، دونالد ترامب. لانتهاجه سياسات عنصرية ضد اتباع الديانة الاسلامية دون تمييز، ويضعهم جميعا في سلة واحدة. غير ان صاحب امبراطورية ترامب المالية الاقتصادية، كشف يوم السبت الماضي في مناظرة مع المنافس الآخر عن الحزب، جيب بوش، ان الرئيس الاسبق جورج بوش الابن، هو المسؤول عن تدمير الشرق الاوسط. وكلف خزينة الولايات المتحدة 2 تريليون دولار اميركي وآلاف الارواح من القتلى في غزو العراق. وأكد ترامب أن ذلك الغزو خطأ جورج بوش الابن، الشقيق الاكبر لجيب، وأضاف قائلا: " كلنا يمكن ان نرتكب اخطاء، ولكن هذا الخطأ كان مختلفا، كان يجب علينا ألا نذهب إلى العراق، نحن من دمر الشرق الاوسط".

وتابع المرشح الاكثر حظا بدعم الحزب الجمهوري، متهما بوش الابن بالكذب: " لقد كذبوا علينا، قالوا إن هناك اسلحة دمار شامل. ولكن لم تكن هناك أي اسلحة، وكانوا يعرفون ذلك جيدا".

ورد جيب بوش بحدة على الهجمات، قائلا: لقد ضقت ذرعا من قيام باراك اوباما بتحميل شقيقي مسؤولية كل المشاكل، التي واجهها، وبصراحة انا غير آبه بالاهانات، التي يوجهها إلي ترامب." ولم يكن عند بوش الصغير، ما يرد به على ترامب او غيره. لان الحقائق الدامغة، التي عانت منها الولايات المتحدة الاميركية، تكشف حجم المصائب، التي ألحقها بوش الابن بها.

ومن أبرز المشاكل والارباكات السلبية، التي نجمت عن ولاية جورج بوش الابن: اولا إرتفاع حجم الدين العام تقريبا إلى حوالي 50% مما كان عليه مطلع عام 2009. حيث قفز حجم الدين العام الداخلي والخارجي للولايات المتحدة من 15 تريليون دولار عندما تسلم الرئيس اوباما مسؤولياته إلى ما يزيد عن 22 تريليون دولارا. وهذا نتاج الازمات، التي تركها بوش الابن؛ ثانيا الازمة الاقتصادية الكارثية، التي مازالت حتى الآن تداعياتها ماثلة في الساحة الاميركية، رغم التحسن النسبي مؤخرا؛ ثالثا ضاعفت من تحميل الشعب الاميركي الضرائب دون وجه حق لسد عجزها؛ رابعا تراجع مكانة الولايات المتحدة العالمية، فبعدما كانت، القطب الدولي المسيطر بشكل كامل على مقاليد السياسة الدولية، باتت راهنا احد الاقطاب الدولية؛ خامسا إخضاع السياسة الاميركية زمن بوش الابن لانصار اللوبي اليهودي الصهيوني، الذي كان عنوانه بول ولفيتز، نائب وزير الدفاع الاميركي وغيره من المحرضين على الحرب ضد العراق وافغانستان. رغم الادراك المسبق للعلاقات الاستراتيجية الاميركية الاسرائيلية. لكن التحالف الاستراتيجي شيء والتورط في حرب دامية، ادمت الاقتصاد والشعب الاميركي على حد سواء شيء آخر.

ترامب الجمهوري اماط اللثام عن السياسات المثلومة لبوش الابن، شقيق الحاكم السابق لولاية فلوريدا، الذي لن يكون افضل حالا من شقيقه الاكبر. الذي وضع مكانة ودور الولايات المتحدة في مهب الريح لتصفية حساب شخصي وعائلي مع الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين، لا سيما وان بوش الاب، اعلن في زمن ولايته، انه سينتقم من العراق وصدام حسين شخصيا. لذا قام بوش الابن بتوريط الولايات المتحدة بالكذب وتزوير الحقائق للذهاب الى ميدان الحرب، التي هزت هيبة ومصداقية القطب الاكبر في العالم دون اي مبرر. وها هو العالم الآن يتجه بخطى حثيثة نتاج السياسات الاميركية الخاطئة نحو أتون حرب عالمية جديدة، تشهد الاطراف في الشرق الاوسط إرهاصاتها، وقد تتطور إلى تصادم مباشر بين الاقطاب الكبيرة إن لم تتخذ الدول الاساسية في العالم قرارات حازمة بوقف فلتان نيران الحرب في الساحات العربية عبر ادوات اميركا ومن لف لفها من دول الاقليم.