قمة كامب ديفيد التي التقى خلالها الرئيس اوباما مع قادة دول مجلس التعاون هي حدث كبير بكل المعاني، واهم عناوين هذه القمة أن القلق الخليجي من التطورات الجارية في المنطقة هو قلق مشروع، ويجب أخذه في الاعتبار، وأن هذا القلق لم يعد في صورة احتمالات غامضة، وإنما عبر عنه قادة مجلس التعاون الخليجي بافعال ميدانية واضحة جدا من خلال عاصفة الحزم ضد الحوثين "الذراع الإيراني" في اليمن، فقد شكلت المملكة العربية السعودية تحالفا من شقيقاتها الخليجيات انضمت اليه مصر والاردن والمغرب والسودان، وتوسع الى ماليزيا والسنغال وأن انطلاق عاصفة الحزم كان قرارا خليجيا من خلال تقدير موقف خليجي، ومن خلال رؤية خليجية وبمعايير امنية استراتيجية خليجية، وبالتالي فإن الدول الخليجية امسكت بالمبادرة من اللحظة الاولى دون تأخير.
هذه المبادرة الخليجية في الميدان استقطبت تفهما سياسيا واسعا من المجتمع الدولي، وكشفت أن القلق الخليجي ليس مقتصرا على الملف النووي الإيراني فقط، وإنما يتركز مصدر القلق على الدور الايراني وتدخلات ايران في المنطقة، وأن دول الخليج استجابت لتقييمها هي للموقف الذي لم يكن متطابقا تماما مع التقييم الاميركي، وهذا تطور مهم جدا في العلاقات الخليجية مع الولايات المتحدة، وهذا يحمل دول الخليج مسؤوليات كبيرة قادمة، بأن منظومة الامن القومي الخليجي يجب أن تتطور بما يتجاوز الحد الادني الذي يحكم عادة علاقات مجلس التعاون الخليجي، والعلاقات العربية عموما، فاذا كان الخليج بحاجة الى دعم منظوماته الامنية، فان وحدة هذه المنظومات يسهل دعمها كثيرا، ويجعل طمأنة دول الخليج ليس مجرد كلاما شفويا، وانما تطوير المسؤوليات بين مجلس التعاون الخليجي وحلفاءه الدوليين يأخذ اشكال جديدة من الأتفاقات، وهذا ما سوف نراه في المستقبل القريب تحت عنوان "الحليف الرئيسي "من خارج حلف الناتو، والخروج من الموقف الاستاتيكي الذي تبنته اميركا في حالة العراق وسوريا وبعدهما اليمن.. حيث القلق لا يزول بالكلمات والوعود الطيبة فقط.
الحوار في قمة كامب ديفيد كان صريحا جدا، واستند هذا الحوار انه جرى في ظل المبادرة الخليجية في الميدان وليس في ظل العجر والانتظار، وهذه هي النقلة النوعية في العلاقة مع الحلفاء، اي صياغة تقدير موقف ثم الانتقال فورا الى الميدان سواء اكان الميدان ساحة العمليات او العلاقات السياسية، وهكذا يثبت بالدليل القاطع ان القليل من القلق الحقيقي والمدروس ينفع، فانه لا يمكن لأحد ان يقدر حجم الخطر المحدق بنا اكثر منا، وعندما نكون في حالة المبادرة فان الاخرين من حلفائنا سوف يستجيبون، فدعونا نتابع التطورات بعد قمة كامب ديفيد التي اثبت فيها مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية انه شريك يستحق كل الاحترام.