قطاع لا بأس به من الساسة والعامة، اعتقدوا لحين أن الموقف من حركة حماس الاخوانية، هو موقف شخصي وردة فعل، ونسي الجميع أن فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، اسوة بالتنظيم الدولي وقاطرته الاساسية في مصر، انهم لم يكونوا مذ تأسست حركتهم في عام 1928 إلا خوارج الامة، وأعداءها والنقيض لمشروعها القومي وفي الطليعة قضية العرب المركزية، فلسطين.
المدخل السريع آنف الذكر لتذكير من خانتهم الذاكرة الوطنية والقومية، وباتت حساباتهم الصغيرة تفرض عليهم مواقف بعيدة عن المحاكاة الموضوعية. مما لاشك فيه، ان ضرورات المصالحة، أملت تقديم التنازلات والقبول بالشراكة السياسية، رغم المرارة والادراك المسبق، ان حركة حماس، لن تكون يوما شريكا سياسيا، لانها جاءت لتكون بديلا عن قيادة منظمة التحرير، ولوأد الوطنية الفلسطينية، كونها لا تؤمن بها، ومعادية لها، وما حديثها عن «المقاومة» و«الاهداف الوطنية» إلا لتمرير مخططها الانقلابي الاسود على الشعب الفلسطيني.
لكن «ليس كل ما يتمناه المرء يدركه!» وبحكم توزع القوى السياسية على الخلفيات الفكرية والعقائدية، وانطلاقا من فرضية، ان الحقيقة نسبية، مع انها في مسائل بعينها مطلقة وحاسمة كما تشخيص دور جماعة الاخوان المسلمين في الساحات، التي تعمل بها، لكل ما تقدم، ولقطع الطريق على حملة الديماغوجيا والتضليل الاخوانية والمتساوقين معها، تملي الضرورة مواصلة مشوار المصالحة، لأن الشرعية الوطنية ورئيسها محمود عباس، هم ام واب الوطن والشعب، وعليهم مسؤوليات كبيرة اولا لبعث الامل في نفوس المواطنين عموما وفي محافظات الجنوب خصوصا؛ ثانيا لفضح وتعرية السياسات الانقلابية الحمساوية؛ ثالثا لاقناع الشخصيات والقوى المترددة وصاحبة المواقف الوسطية، ان حركة حماس، ليست معنية بالمصالحة، والعودة عن خيار الانقلاب الاسود، حتى لو وافق الرئيس ابو مازن وحكومة التوافق الوطني على كل طلبات وشروط حر كة حماس، فإنها لن تقبل بخيار الوحدة الوطنية والتخلي عن الانقلاب.
ولعل فرض الاقامة الجبرية على وزراء حكومة التوافق الوطني، ومنعهم من مواصلة عملهم، واللقاء بموظفيهم، والحؤول دون وصول احد من القوى والموظفين لمقر اقامتهم في غزة، يعطي مؤشراً واضحاً على إصرار حركة حماس على إفشال سياسة الحكومة الوحدوية. ويؤكد لكل ذي بصيرة أن «حماس» ليست مستعدة لدفع عربة المصالحة خطوة واحدة للامام. وهذا ما اكده زياد الظاظا للوزراء والوكلاء والمدراء العامين، الذين رافقوهم لغزة، عندما لبس ثوب الحاكم العسكري في مخاطبتهم: إما ان تبدأوا بموظفي حركة حماس الاربعين الفاً او لن نسمح لكم بالخروج او الدخول او اللقاء مع اي إنسان!! ولو كان الظاظا، عضو المكتب السياسي لحركة حماس ومعه باقي الفريق الانقلابي، معنيين بالاسهام بانجاح خيار المصالحة، لكانوا: اولا سهلوا عمل الوزراء في تنفيذ مهمتهم؛ ثانيا خلقوا اجواء ومناخات ايجابية في اوساط المواطنين؛ ثالثا لاغلقوا ابواب كل التفوهات، التي «تشكك بمصداقيتهم». لكنهم أبوا إلا ان يكونوا الصورة الابشع من التنظيم الدولي للاخوان المسلمين.
ودليل آخر أشرت له في زاوية الامس، وهو فرض ضريبة «التكافل الاجتماعي»، التي تؤكد ان «حماس» ماضية في مفاوضتها مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية لفصل محافظات الجنوب عن محافظات الشمال، ويساعدها في ذلك إلى جانب إسرائيل بعض القوى الاقليمية. وبالتالي تتطلب المسؤولية الوطنية من قطاعات الشعب وقواها السياسية وضع آليات عمل برنامجية لاستعادة محافظات الجنوب، وتصفية خيار الانقلاب الحمساوي، وحماية وحدة الارض والشعب والقضية والاهداف الوطنية والنظام السياسي. فهل تنهض القوى والشخصيات كل من موقعه وبشكل مشترك بالدفاع عن مصالح الشعب العليا؟