تحقيق: وليد درباس-   تعرّض لبنان خلال العامَين المنصرمين جـرّاء شح مياه الأمطار في الشتاء لتدني منسوب المياه الجوفية، ما تسبّب بمعاناة كبيرة لقطاعات واسعة من اللبنانيين، وهو ما انعكس على حد سواء على الفلسطينيين في المخيّمات، وإن بنسب متفاوتة وخصوصًا لدى أهالي مخيم عين الحلوة.


مساعٍ حثيثة تبذلها اللجان الشعبية لحل أزمة المياه
كان لأزمة شح المياه وقعٌ شديد على مخيم عين الحلوة بالذات وذلك كونه لا يستفيد من شبكة مياه الشرب في لبنان، واستفادته تتوقّف على مخـزون الآبار الارتوازية الموجودة في المخيم، وهي بالأحوال العادية لا تسـد كامل حاجة الأهالي، الأمر الذي دفع بالجهات المعنية بالشأن العام وفي مقدّمها اللجان الشعبية للتحرُّك حيث وجب وبـذل مساعيها تحسُّبًا لتحميل الناس أعباءً جديدة لا يقدرون عليها ومن شأنها أن تزيـد معاناتهم وحالة الفقر والبؤس بأوساطهـم، حيث لا قدرة لهم على شراء مياه الشرب أسوة بالجوار اللبناني الذي عمد إلى تأمين حاجاته من المياه بشرائها من الباعة أصحاب الصهاريج.
وكان مدير الاونـروا في منطقة صيدا قد أبلغ –مشكورًا-  اللجان بوجود مساعٍ للكشف على منسوب المياه الجوفية في لبنان من قِبَل شركة "أكس فان" الأمريكية، بحيث ستطال المخيمات من خلال الاونروا وبالتعاون مع اللجان الشعبية، وكعادتها جيّرت اللجان الشعبية علاقاتها واتصالاتها ومساعيها لصالح أهالي مخيم عين الحلوة، حيثُ فصّل مسؤول ملف المشاريع "محمود حجيـر" هذه المساعي بمنحيين، "الأول عبر الاستفادة من برنامج شـركة "أكس فـان" الأمريكية باعتبارها على دراية بملف المياه في لبنان، ولديها دراسات بهذا الخصوص، وقد بـدأت بالتعاون مـع الجهات المخوّلة لوضع الدراسات المطلوبة لزوم المعالجة في عموم لبنان، ومن خلال الأونروا وبالتعاون مع اللجان الشعبية الفلسطينية سيتم استهداف الآبار الارتوازية في المخيمات بـدءًا من مخيم البداوي ووصولاً حتى مخيم الرشيدية، والكشف عليها ووضع الدراسات والمعالجات المطلوبة. أمّا المنحى الثاني فتمثّل بمرافقة أحد الميسورين الفلسطينيين في جولة تفقدية في مخيم عين الحلوة لإطلاعه على الأوضاع عمومًا، حيث أبـدى استعداده للتبرع لخدمة قضايا الشأن العام".


آلية وخطوات العمل
حول أبرز ما توصّلت إليه اللجان الشعبية وما تسعى لاستهدافه بخطواتها يقول حجير: "رافقنا جهات الاختصاص المزوَّدين بالتقنيات العملية الحديثة والخاصة بالكشف على منسوب المياه الجوفية وصلاحيتها، وتبيّن أن آبار المخيم لم تتأثّر، وحتى حينـه، بتداعيات الشّح بمياه الأمطار للعامين المنصرمَين، ومـع ذلك وبهدف توفير أعلى منسوب من المياه لخدمة الأهالي فقـد تقرر اجـراء بعض أعمال الصيانة والتعديلات، فـوقـع الاختيار على أربع من الآبار الارتوازية في المخيم وهـي: بئر حي الصفصاف، وبئر سعد صايل، وبئر حي الصحون، وبئر حي حطين، باعتبارها الأكثر استراتيجية لأهالي المخيم، ولدورها الفاعـل في تغـذيـة شبكة المياه الرئيسة بنسبة 75% من منسوب المياه في الشبكة"، ويضيف: "ما إن حصلنا على موافقة الجهات اللبنانية المخوّلة بالمصادقة على إدخال المعدات من خلال معبر الحاجز الأمني إلى المخيم، حتى بدأت ورشات العمل حيث تطلّب الأمـر، وعلى ضوئه بدأنا كخطـوة أولى بمعالجة موضوع بئر حي الصحون على قاعـدة العمل على رفـع منسوب التغذية للأهالي في كل من حي الصحون بالشارع الفوقاني، وحي الطيرة، وبامتداد سـوق الخضرة وصولاً حتى حي الزيب في الشارع التحتاني، مـا استدعى تغيير القساطل التي تغـذي الشبكة الرئيسة ببعض الأماكن "من 4 انش الى 6 انش"، وبدأنا بتركيب غطاس بقوة "75 حصانًا" واستبدلنا مولّدًا قوته (150kVA) بمحرك قوته (100kVA)".
من جهته توقّف مسؤول لجنة حي الصفصاف الشيخ "طـه شريدي" حيال بئر الشهيد سعد صايل والحاووز (الخزان) التابع له خاصة أنه يتسـع لكميات كبيرة من المياه، فنـوّه لعـدم مراعاة التقنيات السليمة بالتمديدات المعمول بها بوقت سابق ما بين البئر وحاووزه، وما بين الأخير والشبكة الرئيسة في المخيم، ما حـرم الحاووز من قوة الضغط المؤهّلة لرفـد الشبكة الرئيسة بالكميات المطلوبة لسد حاجات الناس وخاصة القاطنين في المناطق المرتفعة كأهالي جبل الحليب، واقتصر دور البئر عند حدود تزويد الشبكة الرئيسة للمخيم فقـط بكميات المياه الجارية من خلال التمديدات المباشرة مابين البئر والشبكة وحسب، بدون أية مفاعيل للحاووز الذي تأسّس في العام "2003"،  وأضاف "عملنا مؤخّرًا على إصلاح الخطأ التقني فاستبدلنا التمديدات مابين البئر والحاووز بـ6 انش عوضًا عن 4 انش، وبدأ الحاووز عمله بالضخ في الشبكة الرئيسة بكميات كبيرة من المياه. كما عملنا على تغيير كاتم مولـّد الكهرباء ببئر حي الصفصاف مضافاً لذلك تغيير خزانات المازوت، و"السكوره"، وغيره".
أمّا حي جبل الحليب فيعاني أهله وبشدة من الشح في مياه الشرب التي لا تصل لبيوت الجميع، ما يدفع البعض للاعتماد على مياه الآبار المنزلية هذا إن وجِدَت، وإن وصلت المياه من الشبكة الرئيسة لبيوت الحي فالكميات دائمًا محدودة وغالبًا ما يتطلّب ذلك استخدام البيت الواحـد لشفاطين وربما ثلاثة شفاطات وقد يتعـدى ذلك في بعض الأحيان، غير أن حجير أشار إلى أن هذه المسألة سيتم التعاطي معها حين تتوفر الإمكانيات باستحداث خـط فـرعـي من "بئر زرد" ووصلـه بشبكة الجبل لمحاذاته إياه، ما يخفف حينها وبشكل كبير من معاناة أهالي الجبل، وهو ما من شأنه أن يحل مشكلة نقص المياه في حي صفورية كذلك، وربما يدفع شرائح واسعة للاستغناء عن الشفاطات المنزلية، ويضيف حجير "عالجنا قضايا بئر حي حطين فغيرّنا الغطاس، واحضرنا مولدًا جديدًا قوته 100 kVA، وقمنا ببناء غرفـة لمولـّد الديزل".
ويتابع حجير "من جهـة أخـرى ستلحظ توجهات اللجان بحال وصل تبرع الممول الفلسطيني تنفيذ أعمال أخـرى ذات علاقة بالشأن الخدماتي العام ومنها وفقًا لما هو مقرر: بناء غرفـة بمواصفات تقنية تصلح لاستخدامها مكبًّا للنفايات في المجمع السكني بمحاذاة مدرسة حطين الاونروا بعين الحلوة، ما سيجنّب الأطفال خصوصًا وعموم سكان التجمع  مغبة تناثر القاذورات والروائح الكريهة وما لها من تأثير على الصحة والسلامة العامـة أيضًا".


تحسّن ملحوظ وخطوات مستقبلية ايجابية
يؤكّـد مسؤول لجنة حي الطيرة حسين عبد الغني أن تحسُّنًا ملحوظًا قد طرأ على قـوة ضخ المياه بالحي بعد أعمال الصيانة ومتابعة اللجان للنواقص بالآبار وبشكل خاص لبئري حي الصحون وسعد صايل، ويوضح: "75%  من أهالي الحي توقفوا عن استخدام الشفاطات المنزلية.. اللـه يريح بالهن ريحونا من إطلـع شوف الخزان تعبّى ولا بعدو.. ما تنسى لمن تنزل تشوف الشفاط داير ولا... بعدو" ، وينوّه إلى أن تركيب سُـكـر على مفرق سوق الخضرة في الشارع الفوقاني حـدَّ وبنسبة كبيرة من معاناة أهالي القاطع الثالث والرابـع والسادس من نقص حصولهم على حاجاتهم من مياه الشرب.
وعطفًا على كل ما سبق لا تتوقّف اللجان الشعبية عـن بذل مساعيها والتواصل مع كافة الجهات المسانِدة، وتمنيها عليهم بالعمل على تضمين أجنـدتهم تقديم خدمات بأعمال الصيانة نظرًا لحاجة بعض الآبار الارتوازية في المخيم لها، بما في ذلك لـوازم المولـّدات وقضايا ذات صلة بالكهرباء. ووجّه حجير الشكر وثمّن جهود ومساندة كل من الأونروا ولكافة الأخـوة بالقوى والفصائل الوطنية والإسلامية، ولجنة المتابعة، ولجان القواطع والفعاليات، لافتًا إلى أن حصاد العمل هو نتيجة إنجاز تشاركي للجميع. خاتمًا بالإشارة من جهة أخـرى لـ"تتويج انتهاء أعمال البنية التحتية في المدخل الجنوبي لعين الحلوة لجهة درب السيم الـذي تقوم به الأونروا بتمويل من الدول المانحة، مشكورين، وفي عموم المخيم أيضًا" بورشة تنظّمها اللجنة الشعبية لفصائل منظمة التحرير، وبمقتضاها سيتم تشجير وتزيين المدخـل الجنوبي ليصبح مخيم عين الحلوة بمثابة بلـدة نموذجية تواقـة للمحبة والعيش مع الجيران بوئام وسـلام.