تحقيق/ مصطفى ابو حرب

سبع سنوات عجاف مرّت على اهالي مخيم نهر البارد منذ تدميره في العام 2007 جرّاء الحرب على الارهاب بين الجيش اللبناني وعصابة شاكر العبسي. دُمِّر المخيم عن بكرة ابيه، تشرّد أهله، عانوا وما زالوا يعانون الأمرَّين، وعودٌ تلتها وعود والعائدون الى بيوتهم لا يمثلون نصف الاهالي، والتبريرات والتسويقات لا تنتهي، ويبقى الله هو العالم بالحال، ومتى سوف تنتهي آلام هذا الجرح وسط جراح عديدة مُنِيَ بها الشعب الفلسطيني.

 

بانتظار عودتهم لمنازلهم.. أهالي البارد يذوقون العذابات

لم يعد الحاج محمد ابراهيم الحاج حسن (ابو جمال) الى بيته في مخيم نهر البارد لأنه من اصحاب بيوت الرزمة الخامسة التي لم يصلها الاعمار بعد. لم يعرف هذا الشيخ الطاعن في السن أن الأقدار كتبت عليه أن يعيش نكبة جديدة وهو في اللجوء. وعن معاناته يقول: "بنيتُ بيتي بعرق جبيني ودمعات عيوني، وعندما تقدّمت في السن، وتفرّق شمل عائلتي وجدتني بلا مأوىً اعيش بالإيجار وسيف آخر الشهر مسلّط على رقبتي. انا الآن ادفع فرق المبلغ الذي تعطيني اياه الأونروا كبدل ايجار من ثمن الدواء وكلي خوف من كلام يتردد بأن الاونروا ستوقف بدلات الايجار وتخفّف من بدلات الطبابة والاستشفاء.. كل هذا ونحن لا زلنا ننتظر وعود انهاء الاعمار كي نعود الى بيوتنا لأنه لا يستر الانسان إلا بيته.. في بيتك لو اكلتَ خبزًا وبصلاً فأنت مستور، فهل يُعقَل ان ننتظر سبع سنوات اخرى كي ينتهي الاعمار في المخيم ونعود؟! صحيح أنني الآن اقطن في مخيم البداوي، ولكن قلبي لا يزال معلّقًا ببيتي في مخيم البارد وانتظر بفارغ الصبر العودة اليه ومنه الى فلسطين ان شاء الله".

اما السيّدة ام فادي صالح، فما زالت تسكن وعائلتها المؤلّفة من خمسة افراد في بركسات الحديد، وذلك لأنها على حد تعبيرها مستعدة لتحمُّل برد الشتاء وحر الصيف والقوارض والحشرات على ان تتحمل سيف الايجار الذي يعجز زوجها عن تأمينه لأنه يعمل بالفاعل واجرته تكاد لا تكفي قوت العائلة ومصاريف تعليم الأبناء.

ام فادي التي كانت تسكن وعائلتها في الرزمة الاولى قطاع (A) لا تعوّل كثيرًا على المرحلة القادمة، حيثُ تقول: "لا احد يكترث بمعاناتنا تحديداً نحن الذين لا زلنا نسكن بركسات الحديد. كل جيراني عادوا الى بيوتهم إلا نحن وأهالي حارتنا لأن هناك مشكلة على الارض وهناك مواعيد وتسويفات. والآن البركسات باتت تحتاج الى تصليحات وترميم، في حين أن كل شيء اصبح يُقدَّم لنا بالقطارة، وحتى تقديمات الاونروا في تراجع مستمر، وكأن كل واحد منا عاد الى بيته. لذا نحن نطالب الاونروا بأن تقوم بما عليها من صيانة وإصلاح ورش مبيدات لأننا بتنا نعيش مع القوارض والحشرات وقد تفشت أمراض الروماتيزم والسعال والربو بين الاهالي".

وبدوره لا يزال السيد علي خضر، وهو أب لخمسة اولاد، عاجزًا عن العودة لمنزله في حي النهر بمخيم نهر البارد أو ما بات يُعرَف بـ(برايم A). وبكل أسى يشرح أنه لا يزال يقيم في مخيم البداوي لأن بيته كان من ضمن البيوت المهدمة كليًا، ويضيف "الجميع أخلى مسؤوليته عن الإعمار والتعويض علينا، وأعني الجميع من أونروا وهيئة إغاثة بل وحتى الجهات المانحة وجمعيات الـ(NGO). حاليًا تقدّم لنا الأونروا بدل ايجار بقيمة 150دولار، ولكن ايجار بيتي يبلغ 300دولار، هذا علاوةً على أنها أوقفت المساعدة الإغاثية التي كانت تقدّمها لنا على الرغم من وجود اعاقة دائمة عند احد ابنائي، واليوم نسمع عن سعي من الأونروا لقطع بدلات الايجار..فماذا سيحل بعائلتي وبالعائلات أمثالنا ممن لم يعد لهم بيت يعودون اليه ولا هم قادرون على تحمل عبء الايجارات؟! هذا سؤال برسم كل المعنيين.. انا صاحب حق وأريد حقي من اي كان".

أمّا زياد شتيوي، رب الأُسرة المؤلّفة من ثمانية افراد، ففقدَ الأمل في أن يُعاد إعمار بيته المصنّف في الرزمة الخامسة، ويقول معلّقًا "اذا ثلاثة رزم بنيت  في 7 سنوات.. كم سنعيش بعد لنرى المخيم وقد أُعيد اعماره".

ويعيش شتيوي وعائلته في بركسات الحديد التي لم يجد ملاذًا غيرها لأن مدخوله البالغ 700 ألف ل.ل لا يكفي مصروف البيت والتعليم والأدوية، فكيف بالايجار واشتراك الماء وتكلفة الكهرباء، ويوضح "كثيرًا ما اضطر للاستدانة للايفاء بالمصاريف، ومثلي الكثير من العائلات، لذا فنحن مضطرون لتحمّل العيش في هذه البيوت الحديدية التي تهالكت وانهارت اسقفها وأكلها الصدأ، ومضطرون للتعايش مع انتشار القوارض وانتشار امراض الروماتيزم والمفاصل والضغط لأن سيف الضيقة والمرض اهون من سيف الإيجار

ويختم شتيوي حديثه قائلاً: "آمل أن تجد مناشدتنا للحكومة اللبنانية ومن خلالها للدول المانحة آذانًا صاغية لدى الاونروا والحكومة اللبنانية".

 

تباطؤ الإعمار: نقص في التمويل..أم سرقات وهدر وتبذير؟

"بعد مرور أكثر من سبع سنوات على حرب نهر البارد التي وقعت في 20/5/2007 وأدّت لتدمير مخيم نهر البارد القديم وتضرر اغلبية منازل ومباني المخيم الجديد، لم يُنجَز من اعادة الاعمار سوى أربع رزم من أصل ثمان وهي تُمثِّل الثلث". بهذه الكلمات استهلّ عضو لجنة إقليم حركة "فتح" في لبنان مسؤول حركة "فتح" في الهيئة العليا لمتابعة إعمار مخيم نهر البارد عاطف عبد العال حديثه عن واقع مخيم نهر البارد اليوم.

وتابع "بعد ما ألّم بنهر البارد، تمّ عقد مؤتمر فيينا في العام 2007 حيثُ شاركت فيه الدولة اللبنانية والسلطة الفلسطينية والأونروا والدول المانحة، وتمّ الاتفاق على اعتبار نهر البارد حالة طوارئ لحين انتهاء اعماره وعودة اهله اليه، واستمرار دفع الايجارات والطبابة الكاملة والتعويض على اهالي المخيم الجديد واستمرار الاغاثة بكل بنودها 100%، إلا أن ما يحدث الآن مغاير للذي أُقرّ، فإلاعمار بطيء جداً تحت ذريعة نقص الأموال لدى الاونروا، لكن الحقيقة وراء البطء تكمن في السرقات التي تمت بين الأونروا والمتعهدين والهدر الفاحش من الاموال التي وصلت لموظفي الأونروا على حساب الأموال المرصودة للاعمار. أمّا الأموال التي كانت قد أُقرّت للتعويض على أهلنا في المخيم الجديد، ومن ضمنهم التجار، فقد صُرِفت من قِبَل الدولة اللبنانية وصندوقها للجوار اللبناني ولم يستفِد أهلنا منها بشيء".

وبدوره رأى مسؤول حركة "فتح" في مخيم البارد ابو سليم غنيم أن "الاعمار في المخيم يسير ببطء شديد محمّلاً المسؤولية للأونروا أن تقوم بجمع الأموال من الدول المانحة لأنها المسؤولة عن الاعمار في المخيم القديم بموجب ما تمّ الاتفاق عليه في مؤتمر فيينا. وكذلك فعلى الحكومة اللبنانية ان تحث الدول على دفع الاموال المتوجّبة عليها حسب مؤتمر فيينا".

وأضاف "كذلك فإننا نطالب "م.ت.ف" بشخص الرئيس ابو مازن بالالتفات الى مخيم نهر البارد من خلال حث الدول الصديقة للشعب الفلسطيني على دفع الاموال اللازمة لاستكمال الاعمار، ونطالب الفصائل الفلسطينية كافةً باستثمار علاقتها مع الدول العربية لأن ما بقي من مبالغ لاستكمال الاعمار ليست كبيرة بالنسبة للدول العربية، فالأهالي متخوفون من عدم استكمال الاعمار خاصة بعد الاحداث التي تجري في محيطنا العربي لأنها حرفت الاهتمام عن مخيم نهر البارد، إلى جانب تقليص الأونروا الدائم لخدماتها ومحاولتها الغاء برنامج الطوارئ".

أمّا بالنسبة الى حالة المساكن التي سُلّمت لأصحابها فيقول غنيم: "قد يكون هناك هدر وعشوائية في صرف الاموال خاصة ان المتعهّدين الملتزمين بالإعمار يقومون بإعطاء المناقصات لمقاولين قد لا يراعون الشروط المطلوبة وهذا بدوره يندرج ضمن مسؤوليات الأونروا لكونها الجهة المشرفة على الإعمار".

وأضاف "صبر الاهالي آخذ بالنفاد، ونحن حالياً ننتظر رد الحكومة و"م.ت.ف" والاونروا على مطالب الناس، واذا كانت غير ما يرجو الاهالي فسيكون هناك تحرك باتجاه سفارات الدول الصديقة والمانحة".

 

بركسات الحديد أشبه بسجن أبو غريب

يؤكّد عبد العال أن قضية القاطنين في بركسات الحديد من أبرز القضايا لطابعها الإنساني الشديد حيثُ تعيش أكثر من 500 عائلة من المخيم القديم في ما يشبه العلب الحارة صيفًا والباردة شتاءً علاوة على ما يواجهونه من مشكلات متعددة كالحشرات والقوارض وتفشي الأوبئة وفيضان مياه الأمطار الى داخل  بيوتهم.

ويتابع "منذ بداية فصل الشتاء الحالي ناشدنا الأونروا عبر لجان المتابعة على الأرض حل هذه المشكلة، لكن الأونروا كالعادة كانت تتهرّب تحت ذريعة الأزمات ونزوح أهلنا من سوريا على حساب ازمات سابقة الأونروا شريكة فيها لعمل برنامج قائم للسرقات على حساب دم وألم وتشرد أهلنا، وقد انكشف تغلغل الفساد وعدم الرقابة في الأونروا بعد فضيحة سرقة الصندوق المالي المركزي لديها وإقفال القضية بسرعة وتكتم، مما يدل على ان عدم الرقابة مستشرٍ لدى الاونروا والأرجح أنها تتخذ النزوح ذريعة للسرقة بدون ان تصرف المال للنازحين. ولكن الشكر للجان الشعبية في نهر البارد وشباب المخيم ومسؤولي الفصائل هناك الذين يقفون مع اهالي البركسات مطالبين دوماً بحل أزمة العلب الحديدة هذه التي باتت اشبه بسجن ابو غريب وغونتينامو، وهذا الموضوع سيبقى لدينا كما كان على سلم الأولويات للحفاظ على كرامة أهلنا وسنبذل كل الجهد والضغط لحل تلك الأزمة قريباً".

 

أصحاب الأبنية المدمرة كليًا ..الى أين المفر

يرى عضو لجنة اصحاب البيوت المهدمة كليًا محمد السيد أنه بعد سبع سنوات وسبعة اشهر لا يزال أهالي مخيم نهر البارد يعيشون احلاماً وردية بأن اعادة اعمار المخيم المنكوب امر معجّل خاصةً ان رئيس وزراء لبنان الاسبق فؤاد السنيورة اعلن في حينه ان (الخروج مؤقت والعودة مؤكدة وإعادة الاعمار حتمية)، و"لكن ذلك لم يتحقّق حتى اليوم"، يقول السيّد.

ويضيف "اصعب جزء من ملف اعادة الاعمار هو ملف الابنية المهدمة كلياً في الاحياء الجديدة التي أُنيط أمرها في مؤتمر فيينا للدولة اللبنانية غير أن الأخيرة عوّضت منذ اكثر من ثلاث سنوات على اللبنانيين والمجنّسين ولم تعوّض على اللاجئين الفلسطينيين من سكان الاحياء الجديدة المحاذية للمخيم القديم بحجة ان التعويضات التي صُرِفت للبنانيين سلفة اقتُطعت من خزينة الدولة اللبنانية.

الابنية المهدمة كلياً في الاحياء الجديدة المحاذية لمخيم نهر البارد يبلغ عددها اربعة وستين بناءً، لم يحظ بنصيب إعادة الإعمار إلا النذر اليسير منها، حيث ان الجمعيات كالعادة (تقاسمت قالب الجبنة). فالأحياء المحاذية للمخيم القديم والمسماة برايمات من مهمة الايطاليين، والاحياء المحاذية للبرايمات سُمّيت بالقطاعات وهي من مهمة المجلس النرويجي الذي بدوره قدّم المواد لمساعدة حوالي خمسة عشر بناءً علماً ان الايطاليين لم يقدموا لاصحاب المباني المدمرة كلياً اي شيء واقتصرت هبتهم على البيوت المهدمة جزئياً.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: اين يذهب اصحاب المباني المدمرة كلياً في احياء البرايمات (A) و(E) وعقار 39؟! اليوم نحن نقترب برحلة العذاب والتهجير من السنة الثامنة ولا احد يسأل عن  مصير اصحاب هذه البيوت الذين ما زالوا مهجرين يعانون النزوح والتشتت ويتحملون وطأة دفع بدل الايجار. أمَا آن لهذا الملف، "ملف الابنية المهدمة كلياً، ان يقفل بشيء من العدل وإنهاء مأساة اصحاب البيوت؟ ان منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية والاونروا مسؤولون عن مأساة الاحياء الجديدة ان من جهة اعادة الاعمار او من جهة التعويضات للعائلات والتجار في هذه الاحياء. لذلك فالمطلوب الآن مواصلة العمل وبذل الجهود المشتركة من قبل الحكومة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية والاونروا لعقد مؤتمر دولي على غرار مؤتمر فيينا لتوفير الاموال اللازمة لإعادة الاعمار لإكمال المخيم القديم واعادة اعمار الابنية المهدمة كلياً والتعويض على سكان احياء المخيم الجديد".

 

متجهون نحو التصعيد

يلفت عبد العال إلى أن الهيئة العُليا لملف البارد تسعى مع جميع الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية يداً واحدة لحل مشكلة استكمال الاعمار مع المعنيين وحث الدول المانحة للإيفاء بتعهداتها باتجاه اعمار نهر البارد واستمرار خطة الطوارئ لحين عودة أهالي نهر البارد الى بيوتهم، ويتابع "كذلك عقدنا العزم في "م.ت.ف" تحت سقف سياسي موحّد على التحرك من اجل حثّ الدول المانحة للإيفاء بالتزاماتها".

وفي سؤال حول الخطوات التي قد تتم في حال بقي الوضع على ما هو عليه، قال عبد العال: "أرادوا للموضوع أن يموت، ولكن قضية نهر البارد لم تمت. وسنصرخ عالياً بمشاركة الجميع من اهلنا وحراكنا ومسؤولينا السياسيين من اجل فتح هذا الملف مجدداً وعلى وجه السرعة للتعويض على أهلنا وهذا حق لهم بعد أن خسِروا كل ممتلكاتهم، وسنحمِّل الجهات المعنية المسؤولية الكاملة على متاجرتهم بحقوق الناس في هذا الملف".

وتابع "منذ ثلاثة شهور زار وفد من الدول المانحة وممثل الحكومة اللبنانية ومعهم سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور نهر البارد، واطلعوا على سير الأمور وعقدوا عدة لقاءات هناك مع المسؤولين عن خلية الأزمة، ووعدوا خيراً لكن لغاية الآن لم تثمر الزيارة شيئًا واقعيًا على الأرض. لذا نقول لهم أننا لن نبقى مكتوفي الأيدي ولن نستمر في استقبال الوفود للزيارات فقط. نحن نريد حلاً وإعمارًا وعودةً كريمة لأهلنا إلى بيوتهم المدمرة، لذا فأنا أضع هذه الزيارات ضمن برنامج اطالة امد الأزمة والتجاهل المقصود من الأونروا وسفراء الدول المانحة كشاهد على الظلم والحرمان في البارد".

وأضاف "ولا ننسى ذكر مواضيع غاية بالأهمية عالقة لغاية الآن لم تنجز وهي موضوع المباني المهدمة كلياً والتي لم تحظَ بأي اهتمام مركزي وموضوعة على لائحة الانتظار الطويل، إضافةً لارض صامد وملعب الشهداء ومقبر الشهداء، التي صادرتها الحكومة اللبنانية منّا علناً حتى لم يعد لدينا مقبرة لدفن موتانا في البارد.

وفيما يتعلّق فيما يتم تناقله عن نية الأونروا تخفيض تقديماتها، قال عبد العال: "بعد قرار الأونروا في شهر أيلول العام 2013 ايقاف خطة الطوارئ، قمنا بفضل جهود الجميع بإجهاض مشروعهم، واتفقنا مع الأونروا على أن تواصل صرف الاستشفاء لنازحي البارد بنسبة80%، وأن توفر الدواء للمرضى من سكان نهر البارد حيث لدينا في نهر البارد 18 حالة غسيل كلى و86 حالة سرطان، و500 حالة امراض قلب، إضافة إلى 650 حالة سكري واعصاب، لكن للأسف الأونروا لم تؤمن المطلوب للمرضى. وكذلك قامت الأونروا بوقف بدلات الايجار عن 500 عائلة بذريعة نقص التمويل وعدم انطباق الشروط على العائلات إياها. ولكن الاونروا تعود لتطل علينا اليوم بخطة تقليص جديدة تسعى لتنفيذها في 1/1/2015، وهي خفض نسبة الاستشفاء لأهالي نهر البارد الطبابة من 80% إلى 50% اسوة بالمخيمات، أي أنها عادت للعب بأرواح الناس تحت ذريعة نقص التمويل متنصّلةً بذلك من كل التزاماتها الموقّعة مع اللجنة الصحية المنبثقة عن الفصائل الفلسطينية في الشمال واللجان الشعبية. ومن هنا فأنا اتوجّه لمسؤولي الأونروا مباشرة وأقول لهم أن وكالة الأونروا مجرد شريك في الاتفاقات الموقّعة لذا لا يحق لكم الاستفراد بأي قرار لأن مؤتمر فيينا فيه عدة جهات معنية بالقرار والمهم قرار السلطة الفلسطينية ممثّلةً على الأرض بالفصائل والمرجعيات السياسية في لبنان لتُطبّق ما اتفق عليه في فيينا كاملاً. وبهذا يكون عليكم الايفاء بما تعهّدتم به في مؤتمر فيينا سواء أكان لجهة خطة الطوارئ أم لجهة ورقة التفاهم الخاصة بالاستشفاء واستمرارهما خلال العام 2015، ونحن سنحرص على ألا يمس أحد بموضوع الايجارات لحين الانتهاء من أزمة الاعمار".

وتابع عبد العال "اناشد السيد الرئيس ابو مازن التدخل السريع للضغط على تلك الدول للإيفاء بكل الالتزامات تجاه اهلنا في نهر البارد شاكرين مكرمته التي قدمها لأهلنا في حي المهجرين في نهر البارد كبدل أثاث وقيمتها 1500دولاراً للعائلة، ونأمل أن يمن بكرمه المتواصل لتخفيف المعاناة عن اهلنا. واصرخ عالياً لاستكمال موضوع الهبة الايطالية لمساعدة اهلنا في البارد وهذا حق لهم. واناشد سفيرنا في لبنان اشرف دبور الذي عوّدنا دائماً على وقوفه بكل المحطات مع أهل نهر البارد ومن منطلق موقعه السياسي التمثيلي التدخّل لدى سفراء الدول المانحة لاستكمال دورهم بدفع المتوجب لاعمار نهر البارد، ونثمن كل الجهد للسفير لتواصله الدائم بهذا الخصوص. ومن موقعي اتوجه لاهلنا في نهر البارد والقوى السياسية جميعاً ان نبقى موحدين تحت سقف وقرار واحد، وادعوا شبابنا وحراكنا إلى توحيد الموقف للتصعيد بكل الوسائل والطرق السلمية في وجه كل القرارات التعسفية التي تأخذها الأونروا وهي قرارات جائرة وظالمة ولإلزام الأونروا بتأمين الأموال لاستكمال الأعمار وابقاء حالة الطوارئ".

وختم عبد العال بالقول: "أهالي نهر البارد كانوا ضحية أيادٍ سوداء. خسروا تجارتهم وأموالهم ومؤسساتهم.. تهدمت منازلهم.. تشردوا وهُجّروا بالقوة بمشروع سياسي لكن الكرامة باقية والإرادة مستمرة لاستكمال الاعمار وسنبذل كل الجهد معاً وسوياً مع كل الجهات المعنية لإعادة اعمار مخيم نهر البارد وعودة أهله إليه شاء من شاء وأبى من أبى. وأؤكّد أن سياسة التجويع والترهيب والاذلال ودفع شبابنا للهجرة لن تجدي نفعاً مع أهلنا في البارد لأن عقولهم هم مع ابنائهم مصوبة نحو قضيتهم فلسطين، وعيونهم ساهرة رغم أنف المتآمرين، وسيبقى نهر البارد هو عنوان كرامة شعب ومشروع قضية يقول لا للتوطين".

خاص مجلة "القدس"/  العدد السنوي