بقلم عضو المجلس الثوري / المحامي لؤي عبده

 

الذي وضع قواعد العمل والتوجه، جيلالنكبة، وثقافة المنفى، والذي خرج عنها ذات الجيل، ورواد هذه الثقافة . 

لكن فتح التي اضاءت طريق النفق المظلملشعبنا، وراحت اجياله تلتف حول الفكرة الاساس وتلبي النداء، اصطدمت داخليا في اكثرمن محطة وقف عندها النضال الوطني مختلفا حول الرؤيتين الداعية لامكانية اقامة تسويةسياسية مع اسرائيل، وقد دفع نحوها معظم الانظمة العربية المرتبطة بالسياسات الامريكيةوالغربية صاحبة النفوذ الاكبر، والرؤيا التي رفضت التسوية السياسية اعتقادا منها انكل عوامل الصراع لا تسمح بهذه التسوية، طالما المتفوق فيه حربا وتفاوضيا وسلاما لاسرائيلوحلفائها . 

الرؤيا التي رات ان التسوية السياسيةللصراع العربي/ الاسرائيلي ممكنة، اصطدمت بالواقع والحقيقة، وباتت في مازق خطير يهددمستقبل ومصير الشعب الفلسطيني، وكذلك الذين رفضوا التسوية كذلك في ذات المازق بل والعجز،وفقدان القدرة على تقديم البديل، وخاصة في الزمن الحاضر، وبعد مرور عشرين عاما علىالمفاوضات مع حكومات اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية يشعر الجميع بالقلق والحيرة،ويقف عاجزا امام هذا المفترق الجديد، الذي افضى الى فراغ وغموض وربما الى المجهول،واللجوء الى الحلول الديمقراطية الجزئية مع حالة الانقسام السياسي والحزبي بين الضفةوالقطاع، وما يعانيه شعبنا من ذلك فان الحلول لن تصل الى شيء كما في الماضي القريب،طالما ان القضية الاساس لم تحل او تعالج، والسبب ان الاحتلال الاسرائيلي مازال جاثماعلى صدورنا، مستمرا بالاستيلاء على ارضنا . 

من وجهة نظر استراتيجية فان نظريةالسلام مع الاحتلال الاسرائيلي سقطت سقوطا مدويا واصبح الواقع مكشوفا امام انظار الجميعبالتالي فتح التنظيم الوطني، لا يستطيع الاستمرار بالعمل دون الالتحام مع الجماهيرالفلسطينية الذي عبر عن طموحاتها ورغباتها وتطلعاتها لعقود ماضية سواء كان اللجوء الىالحلول الديمقراطية وفي مقدمتها الانتخابات، او باللجوء الى النضال المباشر ضد الاحتلالواستمراره على ارض فلسطين وهما خياران سعت فتح ان تكرسهما في فصول طويلة زمنيا . 

لكن فتح التي رات انها حركة الجماهيردوما لا يمكن لها ان تغير جلدها، وتبقى تنتظر حلول السلطة الوطنية في القضايا المطروحةولا كذلك ان تتحول قضية الصراع الى قضية مطلبية حياتية دون جدوى مما يعني ان الواقعالمركب اليوم سيطول النضال معه، وان التعايش مع الصراع على النحو الجاري في الارض المحتلةواحد من الخيارات المفضلة لحكومات الاحتلال الاسرائيلي طالما هناك من يقوم بوظيفتهادارة شؤون السكان حسب رؤيته ومصالحه اليوم لا يستطيع ان يفلت من الفخ الذي نصبه لهمنذ سنوات . 

نظرية اللاحل للصراع لاجل طويل ستعطيهذا الاحتلال المزيد من الفرص للانقضاض على ماتبقى من البلاد والارض، وتمرير مشروعاسرائيل من النهر الى البحر، وعوامل كثيرة تساعده على ذلك، منها كما ذكر سابقا الصدامالفلسطيني الفلسطيني، والعجز الداخلي باعطاء الحلول، وعدم توفر البديل وانعدام الخيارات،والابقاء على القائم ومايسمح بتوفيره الاحتلال . 

القائمين على الامور وشؤون البلاديدركون هذه الحقيقة، ويعرفون تمام المعرفة ان ماوصل اليه الوضع لا يمكن الخروج منهبافضل النتائج فهو وضع اللاحرب واللاسلم مصحوبا بحالة انقسامية خطيرة، مرتبطة بعواملخارجية ومصالح حزبية ومحلية، فهم غير جاهزين لاتخاذ القرار الاكثر تعقيدا من الواقعالمعاش حسب رايهم، واللجوء الى النضال السلمي ( المقاومة السلمية ) المحدودة خيار صغيرمن الخيارات القائمة حسب المجتهدين والتجريبين، فالاحتلال يسعى الى انهاء السلطة الوطنيةالفلسطينية بطرق متعددة، وتقليص الحضور الفلسطيني الى الحد الذي ينسجم مع سياساته وخططه،بل واستنفاذ هذه السلطة الى اخر لحظة، لخدمة مشروعه الاستعماري الاستيطاني،  

من هنا فان المسؤولية الكبيرة الملقىعلى كاهل فتح كحركة تحرر وطني اكبر بكثير من مصالح البعض الذي يساعد على ابقاء الرمحعلى حاله . 

من يريد بناء الامة عليه ان يناضلومن يريد ان يحرر الوطن عليه ان يقاتل، ومن يريد ان يبني نظاما عليه ان يوفر المقوماتله، من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة . 

نحن والمنهج التجريبي حظينا بخبرةواحتفافات هامة في الوعي والممارسة، وقراءة الحدث وتحليل واحتمالات المستقبل، بالتالينقول ان نظرية التجربة والخطا، منهج فتح التاريخي والعملي، الذي يقوم على قاعدة النقدوالنقد الذاتي يوفر للعاملين والناشطين والمناضلين اساس قوي لقراءة ومعرفة مايجري اليومعلى ساحة فلسطين بالمشار اليه سالفا، نضيف الى ذلك، ان كوادر ومناضلي وقيادات فتح،مدعوة الى حوار استراتيجي مصيري في مراجعة ما وصل اليه مشروع التحرر الوطني، والاخفاقاتالمعيقة له، خاصة اذا ماتسائلنا، هل نحن في مازق حقيقي بعد عشرين عاما من المفاوضاتمع حكومات الاحتلال الاسرائيلي ؟ وهل نظام الحكم الذاتي ( البائس ) يوصلنا الى الحريةوالاستقلال ؟! 

لا احد يغضب من احد، ولا طرف يزايدعلى طرف، وكفى لعصر السفسطة والتبرير السلبي وتبجيل الاخطاء، فكل فلسطيني اليوم عليهواجب اساسي في عرض وجهة نظره، والمشاركة العامة في دخول هذا الحوار المسؤول للعودةالى الاصول والقيم التي ادت الى بناء ثقافتنا الوطنية الحرة وعززت من صمودنا، ووحدتارادتنا بالعمل والنضال واجبرت العالم ان يعترف بهويتنا الوطنية . 

بالتالي لا وقت لدينا نضيعه، ونتجاهلما نلهو به، ونستمر في طريق لا مخرج له . 

الامر الذي يدعونا ايضا الى دق ناقوسالخطر، والكف عن جلد الذات، والتذمر والقاء المسؤولية على الغير، وعلى بعضنا البعضلان مادعت له فتح قبل عشرات السنين، حين قالت البنادق كل البنادق نحو العدو المركزي،ووحدة ارض المعركة، ووحدة الارادة، اي ان الطريق الى فلسطين تمر عبر القدس، اذا مااردنااقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس . 

وهذا يتطلب من فتح ان تستنهض نفسهاوكل الحركة الفلسطينية في الداخل والخارج، في الوطن المحتل والشتات بالاعتماد على النفسوطرد الثقافة الخاطئة من اوساطنا ومجتمعنا دون الندم او البكاء عل تلك الامتيازات والمصالحالفئوية، والجهوية، والعشائرية وحتى الفردية اين كانت وعلى اي مستوى واذا لم يتحققذلك على صوت فتح الاساسي ان يعلو، بالاتجاه والسواعد التي امنت بان فلسطين قضية الامةالمركزية، وان الصراع صراعا عربيا اسرائيليا، يجب تجنيد كل الطاقات لتحرير فلسطين سياسياونضاليا وقوميا، وان شعار (( بالروح بالدم نفديك يافلسطين )) شعارا صحيحا يصلح لكلزمان ومكان، طالما هذا الاحتلال الاسرائيلي جاثم على ارضنا فالوعي الوطني التحرري لايجيز البرغماتية ثقافة وممارسة، ولا يسمح بتسليم كل الاوراق اوراق اللعبة للغرب وحلفاءاسرائيل، ولا ايضا يسمح لاهل التضحية والعطاء والفداء ان يتوزعوا مجموعات متنافسة متسارعةللحصول على امتيازات الغرب ونشر ثقافة حقوق الانسان التي يتخفى ورائها سياسات وثقافةالولايات المتحدة الامريكية المهيمنة على العالم ودوله بهدف نهب خيراته ومقدراته . 

ويجب ان لا ننسى ان الاستعمار بداحملاته بالتاريخ عبر الجماعات التبشيرية وما يسمى بتطوير وتعليم شعوب العالم الثالثوانقاذها من التخلف، وبناء انظمة موالية له تحكم الشعوب الفقيرة بالحديد والنار، واحتكارامتيازات هذا الحكم للقلة القليلة شاهد التجربة العربية بذلك. 

فلسطين قضية عادلة ومعاناة شعبها سببهاالاستعمار والطرق العديدة التي تخفى بها وارتدى الملون والمتعدد ليستمر بسياساته العنصريةوالفوقية، فلا يمكن لحركة تحرر وطني ان تتجاهل حقائق التاريخ بسبب التغيرات واختلافموازين القوى، فحركة التحرر الوطني لا تغير جلدها، كلما تغير ميزان القوى ولا تسعىلارضاء الاستعمار والاحتلال، بل نناضل من اجل انتزاع حقوق شعبها، وما انطلقت من اجله. 

فالتكتيك قالت فتح بخدمة الاستراتيجيةوالمرونة السياسية وسيلة مشروعة بالعمل والممارسة من اجل الدفاع والهجوم وتحقيق الانجازاتان دعت الى ذلك، وهنا نقول ان المرونة لا تعني الدخول في طريق الاحتواء، وسلب الارادةوالضياع وبناء نظام الخمسة بالمائة 5% . 

وما يسمى بالتوقراط والمستقلين علماان لا مستقلين في النضال والانتماء الوطني، فالاستقلال والاستقلالية لفلسطين وليس للافرادوالشرائح الاجتماعية فهذه المسميات جلبت الينا اليوم الراسمالية والاحتكار الاقتصاديوطبقة المصالح والمساومات الصغيرة، وقضيتنا قضية وطنية وليست مطلبية او قضية مصالحمصدرها الاحتلال .