عملية التفاوض الفلسطيني الاسرائيلي شائكة ومستحيلة الى درجة انه كلما ازيلت عثرة من طريقها تعثرت بعثرات أكبر وهوت في ظروف معقدة المصير، وهي على نفس الطريق المتعثر منذ أن بدأت تسير برجفة وحذر لأنها مسكونة بعدم الثقة، والثقة مفقودة تماماً بين طرف لا يقر ولا يعترف بأنه قوة احتلال بشع ولا يريد ان يعتذر عن الظلم الذي أوقعه على شعب كامل وبين طرف آخر هو صاحب الحق والضحية التي تبحث عن حقها المسلوب في عالم يحتكم الى المصالح ويخاف قوة البطش ويهاب من قول الحقيقة مما يجعل الاحتلال يتمادى في غطرسته وفي محاولاته لفرض واقع على الارض كما يشاء مرتكزاً على حليف قوي ومتكبر وهو الراعي لكل سياسات الاحتلال ولكل ما يخطط له هذا الكيان الذي يضرب بعرض كل المواثيق والقرارات الدولية دون اكتراث فهو حليف اساسي للولايات المتحدة التي تفتخر بان تقدم نفسها حليفاً للاحتلال وفي ذات الوقت تقدم نفسها على انها راعي لعملية التفاوض وشتان بين هذا وذاك ولكن بفعل الظروف العالمية الحاضرة وبفعل هيمنة هذه القوة الأولى على العالم فإن الأمر عادي في واقع عربي واقليمي ودولي يقدم الطاعة العمياء في أحيان كثيرة على عتبات البيت الأبيض فما باليد الفلسطينية حيلة الا قبول رعاية هذا الطرف رغم الدعوات المتكررة من القيادة الفلسطينية التي اطلقتها وتطلقها دائما بضرورة وجود اطراف اخرى على رأسها الاتحاد الأوروبي ولكن لا آذان صاغية لهذه الدعوات.
في الأيام الأخيرة وصلت المفاوضات الى طريق مسدود وهي قاب قوسين أو أقرب من اعلان فشلها كون اسرائيل تسعى لجعل المفاوضات طريق دائم ومستمر دون نتائج ودون اعادة اية حقوق ودون الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ذات السيادة فهي تجيد اللعب بملفات المفاوضات وجعلها عملية تدور في فلك فارغ وهذا ما ترفضه القيادة الفلسطينية التي تتخذ من المفاوضات وسيلة للوصول الى الحقوق المشرعة وهي الهدف الأساس من هذه المفاوضات وفق جداول زمنية واضحة ووفق خطط محددة بفترة زمنية وهنا يكمن الخلاف الحقيقي وهنا تظهر الصورة التي لا لبس فيها بين طرف يتخذ من المفاوضات ذريعة للاستمرار في الاستيطان وفي تهويد القدس وتنفيذ اجندته الاحتلالية التي لا حصر لها ولا نهاية وبين طرف يسعى لاسترداد حقوقه كاملة دون انتقاص في معادلة العالم الذي يخشى أميركا وسياسة اميركا وانحياز اميركا وسطوة أميركا.