نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، يطالب وزراء حكومته بوقف الاتصال مع نظرائهم الفلسطينيين، ويدعو لوقف التنسيق مع القيادة والمؤسسات الفلسطينية، وحكومته تعلن عدم تحويل أموال المقاصة لخزينة الدولة الفلسطينية، وبينت يطالب بضم الكتل الاستيطانية إلى دولته دون انتظار .... إلخ من الاجراءات العدوانية، التي يقترحها القادة الاسرائيليون على حكومتهم ضد الشعب والقيادة الفلسطينية كعقاب لهم على انضمامهم إلى 15 معاهدة واتفاقية دولية.
السؤال المفارقة، أيعقل أن تطالب حكومة نتنياهو ما تطالب به الآن؟ هل هذا هو الوضع الطبيعي للأمور؟ هل إسرائيل المحتلة لاراضي الفلسطينيين، الدولة الاستعمارية، القائمة على ركائز الاحلال والتطهير العرقي وتزوير الحقائق والتاريخ، تملك "الشجاعة" لتطالب مسؤوليها بوقف التنسيق مع الفلسطينيين؟ ام ان هناك شيئاً ما غير طبيعي؟ ومن هو الاولى بالمطالبة بوقف التنسيق مع الاخر، الفلسطينيون ام الاسرائيليون؟ ولماذا حصل ما حصل؟ وهل تستقيم الامور بهذه الشاكلة ام ان هناك قلباً للحقائق والامور والمعادلات؟
حصل ما حصل ليس لأن إسرائيل لا تدرك الحقائق او لديها عمى ألوان، انما لان آليات العمل، التي يدار بها الصراع، وعدم وجود راع دولي مستعد لفرض الارادة الدولية، وغياب الشرعية الدولية في متاهة الرعاية الاميركية، وغياب الفعل العربي الرسمي والشعبي في لجم العدوانية الاسرائيلية، ليس هذا فحسب، بل تناغم بعض العرب مع الرؤية والخيارات والانتهاكات الاسرائيلية، جميعها ساهمت في خلق واقع ملتبس وغير طبيعي مجلل بالسواد، ما سمح للقادة الاسرائيليين بقلب الحقائق. فبعد ان كانوا يستجدون استجداء القادة العرب والفلسطينيين لمجرد القبول بالموافقة على قبول مبدأ السلام والجلوس معهم، مقابل استعدادهم لدفع ثمن السلام، وصل الأمر بالاسرائيليين إلى لحظة لم يعودوا مستعدين لقبول اليد الفلسطينية او العربية ومصافحتها، بل يريدون سحقها وعصرها ومن ثم إلقاءها في سلة الزبالة.
المنطقي ان يطالب الفلسطينيون والعرب بوقف التنسيق الامني وكل اشكال التنسيق مع الاسرائيليين. وان يعلقوا الجرس ويعلنوا على الملأ باسم الواقعية السياسية، وباسم مصالح الشعب العليا رفض المنطق الاسرائيلي، وان يتجهوا مباشرة للانضمام للمنظمات ال 63 الاممية وخاصة محكمة الجنايات الدولية، بدل ان ينتهجوا تكتيك السلحفاة المميت، لان المصلحة كانت تملي الانضمام للمنظمات كلها بعد الحصول على عضوية الدولة المراقب في نوفمبر 2012، وعدم الانتظار إلى ما شاء الله، وكل خطوة يدفعون مقابلها أثماناً غالية جدا من لحم الشعب الحي.
الرد على مطالب نتنياهو وبينت ويعلون وارئيل وكل قادة إسرائيل، يقوم الان على انتهاج تكتيك سياسي أكثر جرأة وشجاعة وبعيد جدا عن الديماغوجيا ولغة الشعارات العنترية، ويرتكز الى الاسس التالية: اولا إعادة الاعتبار فورا ودون تردد للوحدة الوطنية، وسحب البساط من تحت اقدام حماس وجماعة الاخوان وتركيا وقطر وكل من لف لفهم؛ ثانيا الانضمام الى المنظمات والمعاهدات الدولية كلها مرة واحدة؛ وثالثا الافراج الفوري عن الدفعة الرابعة من الاسرى الابطال الذين اعتقلوا قبل التوقيع على اتفاقية اوسلو، إضافة الى الافراج عن 1200 اسير وتوسيع دائرة سيطرة مؤسسات السلطة الفلسطينية في المناطق BوC بما يهيئ المناخ الفعلي لاقامة الدولة الفلسطينية؛ رابعا وضع مدة ثلاثة اشهر امام الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل للخروج من نفق المفاوضات ووضع روزنامة لا تتجاوز الثلاث سنوات للانسحاب الاسرائيلي الكامل من الاراضي المحتلة عام 1967، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194.
وفي حال رفضت إسرائيل والولايات المتحدة، فعلى القيادة الفلسطينية اتخاذ احد خيارين الاول اعلان افلاس الولايات المتحدة كراع للعملية السياسية، ومطالبة الشرعية الدولية بتحمل مسؤولياتها لحل الصراع؛ والثاني اللجوء لحل السلطة الوطنية، وترك الامور للشعب الفلسطيني لتقرير مصيره السياسي, واختيار اشكال النضال، التي يراها مناسبة.