عند السجود وقبل إستكمالهم لصلاة الفجر في الحرم الإبراهيمي دخل على المصلين يهودي أمريكي يدعى باروخ غولدشتاين وهو يحمل كل ظلام الحقد في صدره وفي يديه بندقيته الرشاشة وقنابل يدوية وكانت المجزرة التي علت فيها الى السماء ارواح 50 مصلياً ونزفت فيها دماء 349 مصاب بعد أن أفرغ كل ما لديه من رصاص وقنابل على الساجدين .

ولقد ثبت لاحقاً أن غولدشتاين لم يرتكب المجزرة وحده بل شاركه فيها جنود العصابات الصهيونية الذين أغلقوا باب الحرم حتي لا يتمكن المصلون من مغادرته ومنعوا كذلك سيارات الإسعاف من الإقتراب من المنطقة .

وحين حاول المواطنون نجدة المصلين قابلهم جنود يهود بإطلاق الرصاص الكثيف مما اوقع على الفور 29 شهيداً وعشرات الجرحى .

لقد لاقت مذبحة الحرم تأييداً في اسرائيل ، وعندما سؤل الحاخام اليهودي موشي ليفنغر عما إذا كان يشعر بالأسف على من قتلهم غولدشتاين رد قائلاً إن مقتل العربي يؤسفني بالقدر الذي يؤسفني مقتل ذبابة [يسرائيل شاحاك الشريعة اليهودية] هذا ويعتبر اليهود غولدشتاين بمثابة قديس كما وجعلوا من قبره مزاراً وقد خصص الكيان الصهيوني عدداً من جنود حرس الشرف الذين يؤدون له التحية العسكرية كل صباح والى يومنا هذا .

ويقول الكاتب اليهودي شاحاك في كتابه المذكور أن الشريعة اليهودية(هالاخا) تطالب في الحقيقة كل يهودي القيام بنفس ما قام به غولدشتاين ولدعم ما يقول فقد ساق في كتابه كلمات الحاخام دوف ليور الذي وصف فيها غولدشتاين بالمؤمن التقي وأن ما فعله كان من أجل الرب وبإسمه .

 

الحرم الإبراهيمي ثكنة عسكرية على طريق تحويله لكنيس يهودي

" الطبيب الحاقد " باروخ غولدشتاين والذي كان قد رضع الكراهية حيث ولد في أزقّة وشوارع بروكلين ، والذي فرّغ كره 35 عاماً للفلسطينيين وهي سنوات عمره حتى لقي حتفه داخل الحرم على أيدي السجّد يوم المجزرة ، فقد كانت فوهة بندقيته " جليل " والرصاصات التي اندفعت منها عطشى لذاك الدم الطهور الذي لا زالت رائحته الزكية تعطّر أروقة الحرم وحجارته التي تلونت بلونه يوم المجزرة .

وبعد .. ماذا بعد .. صار السفاح بطلاً ، لا بل باتت ما اقترفت يداه حلماً لمن رضعوا ما رضع غولدشتاين ، ليُدفن " الطبيب " على مدخل واحدة ممن تحتضن بين ذراعيها أشد العقول اليهودية تطرفاً ، إنها مستوطنة " كريات أربع " والمقامة على أراضي المواطنين شرق الخليل ، فكلما إقترب موعد الذكرى الأليمة ، تذرف العيون الفلسطينية دموع الحُزن على شهدائها كما وتبكي في الوقت ذاته العيون اليهودية أيضاً على مقتل " الطبيب الوفي " ، وأن الفرق بين كلتا الدمعتين واحد ، فتلك دموع مسمومة وهذه دموع طهورة ، والسبب أن رب العزّة لم ولن يبعث بنبي يدعو الى دين جديد يبيح إراقة دم الأبرياء دون سبب ، فكيف لو كانوا أولئك داخل أكثر الأماكن قداسة وطهارة على وجه الأرض ؟!

حتى الديانات السماوية جميعها قد خلت من أي آية أو سورة أو حديث ، حتى من أي نص إلهي يدعو للقتل دون سبب، حتى في دينهم وهم يعلمون ذلك جيداً ، والسؤال هنا ، لماذا المجزرة ؟؟

مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف لم تكن سوى مجرد مشهد لا أكثر ولا أقل ، لكنه كان مشهداً مهماً للغاية ، أدّى فيه غولدشتاين أهم الأدوار في حياة غيره من اليهود لا في حياته هو ، فغولدشتاين لم يكن سوى مفتاح للحلقة الأولى في مسلسل السيطرة على الحرم الإبراهيمي ومصادرته وتحويله الى كنيس يهودي يرتاده الحجاج اليهود في الأعياد وغيرها ، ويحرسه المئات من الجنود المدججين بالسلاح ، فمن يعلم ! ربما لن يبقى من الحرم الشريف سوى صورة تزيّن بها جدران منزلك ، فقد لا تستطيع حتى إلقاء مجرد نظرة على البناء الشريف عن بُعد مئات الأمتار ، ليقال لك ... ممنوع الصلاة في هذا المكان !!

مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف فتحت أمام اليهود باب الغنائم على مصراعيه ، حيث نهل اليهود من الشريان الفلسطيني ما لم يكفيهم حتى اليوم ، ولن يكفيهم غداً أيضاً ، ليُترك الجسد الفلسطيني ينزف حتى الموت ، فهذا هو الحلم ، والذي بدأ وبالفعل يُلمس على أرض الواقع ، فالحرم الشريف ، المسجد الإسلامي الخالص ، حرم إبراهيم الخليل عليه السلام ، يصادر أكثر من نصفه لصالح المتدينين اليهود ، وعلى الأرض فهو مصادر بالكامل .

بوابات حديدية عملاقة قسمت جسد المسجد الى نصفين ، وعلى كل بوابة جندي داخل غُرفة صغيرة محصنة وهي ليست لغرض الحراسة !! بل بإنتظار تنفيذ أوامر حتى هو لا يعرفها ، وعلى المدخل اليتيم الوحيد للحرم والذي خصص للمسلمين فقط ، تم وضع بوابتين إلكترونيتين ثابتتين يتحكم بمن أراد العبور من خلالها أربعة جنود على الأقل على كل واحدة منهما ، وعلى بُعد أمتار قليلة فقط من المدخل الرئيس للحرم توجد بوابتين حديديتين لولبيتين وثالثة إلكترونية يتحكم بها جُندي عن بُعد ، حيث أن ما تفرضه مزاجية سلطات الإحتلال هو فقط الذي يطبق رغماً عن الجميع .. على الجميع ، الصغير قبل الكبير والعجوز قبل الرضيع والرجل قبل المرأة ، فلم يتبقى إلاّ أن يضع الجنود ساعات على أفواه المصلين كي تحسب كمية الهواء التي يتنفسونها كل يوم !!

سطح الحرم الإبراهيمي لم يخلو من التواجد الأمني الاسرائيلي ، حيث سلالم وخيام وأكياس رمل وأسلحة ثقيلة وجنود لا يتركون أماكنهم أبداً إلاّ للتبديل أو لإستلام الطعام فقط ؟؟

ومن داخل الحرم الى مدخله الرئيسي الى سطحه ، تتسع الدائرة أكثر فأكثر، فكلما إتسعت كلما زادت الحراسة والحواجز وأعداد الجنود ، هذا بالإضافة الى كاميرات المراقبة والنقاط المنتشرة فوق أسطح المنازل ، فمسافة قليلة جداً تلك التي تفصل الحرم عن معسكر للجيش الاسرائيلي الذي يضم مئات الجنود ، إضافة الى مركزين للشرطة الاسرائيلية، ناهيك عن ثلاثة غرف زجاجية تم غرسها على ثلاثة طرقات رئيسة تأدي للحرم ، وخلف هذه الغرف بؤر إستيطانية ومدرستين دينيتين تدرسان أبجدية القتل والإجرام وبكل تقنية وبراعة ، كي تخرّج في كل عام العشرات من ماركة " غولدشتاين " .

 

مذبحة الحــرم الإبراهيمي

 

مذبحة الحرم الإبراهيمي، بقيادة باروخ جولدشتاين أو باروخ جولدستين، وهو طبيب يهودي والمنفذ لمذبحة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الفلسطينية في 1414 هـ / الموافقة لـ 25 فبراير 1994 التي قام بها مع تواطؤ عدد من المستوطنين والجيش في حق المصلين، حيث أطلق النار على المصلين المسلمين في المسجد الإبراهيمي أثناء أدائهم لصلاة فجر يوم جمعة في شهر رمضان، وقد قتل 29 مصلياً وجرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.

 

محتويات

·         ـ شهداء المجزرة

·         ـ المجرم غولدشتاين

·         ـ دور جنود الاحتلال الإسرائيلي

·         ـ الجيش اليهودي ساعد المجرم

·         ـ لجنة (شمغار)

·         6ـ المجزرة كما يرويها شهود عيان

 

شهداء المجزرة

رائد عبدالمطلب حسن النتشة 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1974 الخليل

علاء بدر عبد الحليم طه أبو سنينه 25/2/1994 الخليل فلسطيني 1977 الخليل

مروان مطلق حامد أبو نجمة 25/2/1994 الخليل فلسطيني 1962 الخليل

ذياب عبد اللطيف حرباوي الكركي 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1970 الخليل

خالد خلوي أبو حسين أبو سنينه 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1936 الخليل

نور الدين إبراهيم عبيد المحتسب 25/2/1994 الخليل فلسطيني 1972 الخليل

صابر موسى حسني كاتبة بدير 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1957 الخليل

نمر محمد نمر مجاهد 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1960 الخليل

كمال جمال عبد الغني قفيشة 25/2/1994 الحرم الاباهيمي فلسطيني 1981 الخليل

عرفات موسى يوسف برقان 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1966 الخليل

راجي الزين عبد الخالق غيث 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1947 الخليل

وليد زهير محفوظ أبو حمدية 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1981 الخليل

سفيان بركات عوف زاهدة 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1973 الخليل

جميل عايد عبد الفتاح النتشة 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1946 الخليل

عبد الحق إبراهيم عبد الحق الجعبري 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1939 الخليل

سلمان عواد عليان الجعبري 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1957 الخليل

طارق عدنان محمد عاشور أبو سنينه 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1980 الخليل

عبد الرحيم عبد الرحمن سلامة 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1946 الخليل

جبر عارف أبو حديد أبو سنينه 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1983 الخليل

حاتم خضر نمر الفاخوري 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1968 الخليل

سليم ادريس فلاح ادريس 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1967 الخليل

رامي عرفات علي الرجبي 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1983 الخليل

خالد محمد حمزة عبد الرحمن الكركي 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1976 الخليل

وائل صلاح يعقوب المحتسب 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1966 الخليل

زيدان حمودة عبد المجيد حامد 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1968 الخليل

احمد عبد الله محمد طه أبو سنينه 25/2/1994 الحرم الاباهيمي فلسطيني 1969 الخليل

طلال محمد داود محمود دنديس 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1968 الخليل

عطية محمد عطية السلايمة 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1961 الخليل

إسماعيل فايز إسماعيل قفيشة 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1966 الخليل

نادر سلام صالح زاهدة 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1975 الخليل

أيمن أيوب محمد القواسمي 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1973 الخليل

عرفات محمود احمد البايض 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1966 الخليل

محمود صادق محمد أبو زعنونة 25/2/1994 الحرم الابراهيمي فلسطيني 1945 الخليل

 

المجرم غولدشتاين

هو منفذ المجزرة، هو من سكان مستوطنة كريات أربع وكان قد تتلمذ في مدارس الإرهاب الصهيوني على يدي متخصصين في الإرهاب من حركة كاخ الإرهابية وكان غولدشتاين معروفا لدى المصلين المسلمين حيث كان في كثير من الأوقات يشاهدوه وهو يتبختر أمام المصلين الداخلين والخارجين إلى الحرم الإبراهيمي.

وكان هذا الهالك قد أصر على قتل أكبر عدد من المصلين وأعد الخطط لذلك وكان هدفه الوحيد هو اقتلاع الوجود الفلسطيني من البلدة القديمة في الخليل.

ومثلما أحب الإرهاب أحب قتل الفلسطينيين، ووهب جل اهتمامه لهذا الأمر حتى نفذ مهمته في الخامس والعشرين من شهر شباط عام 1994 وهذا المتطرف الصهيوني استطاع قتل (29) مصليا احتشدوا لصلاة الفجر في ذلك التاريخ وأصاب العشرات بجروح من بين (500) مصل كانوا يتعبدون في الحرم الإبراهيمي في الخامس عشر من شهر رمضان لذلك العام.

وكان غولدشتاين قد تدرب على تنفيذ مهمته داخل معسكرات صهيونية داخل فلسطين المحتلة وخارجها وكان معروفا بحقده الشديد على العرب.

وبعد تنفيذه للمجزرة دفن هذا الهالك في مكان قريب من مستوطنة كريات أربع ولا يزال يعامله المستوطنون على أنه قديس حيث أحرز قصب السبق بقتل العشرات من الفلسطينيين بصورة شخصية بالرغم من حصوله على مساندة الجيش والمستوطنين من أحفاد حركة كاخ المتطرفة.

دور جنود الاحتلال الإسرائيلي في المذبحة

عند تنفيذ المذبحه قام جنود الاحتلال الإسرائيلي الموجودون في الحرم بإغلاق أبواب المسجد لمنع المصلين من الهرب، كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى، وفي وقت لاحق استشهد آخرون برصاص جنود الاحتلال خارج المسجد وفي أثناء تشييع جثث القتلى مما رفع مجموع الضحايا إلى 50 شهيد، استشهد 29 منهم داخل المسجد.

أراد باروخ جولدشتاين من خلال عمله أن يفشل محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين اثر توقيع اتفاقية أوسلو. وكان يهدف كذلك إلى إثارة الفتنة بين الفلسطينيين مما سيؤدي إلى اشتباكات بينهم وتقويض الاتفاقية.

على إثر المجزرة تم فرض حركة منع تجول على المدينة من قبل السلطات الإسرائيلية. تم كذلك حظر حركتي كاخ وكاهان شاي بموجب قوانين مكافحة الارهاب.

 

الجيش الاسرائيلي ساعد المجرم

ويؤمن كل مصلٍ حضر إلى الصلاة في ذلك اليوم أن الخطة كانت مبيتة وأن الجيش كان متورطا في المجزرة وقد أكد شهود عيان نجو من المجزرة أن أعداد الجنود الذين كانوا للحراسة قلّت بشكل ملحوظ فيما كان المتطرف غولدشتاين يلبس بزة عسكرية علما أنه كان جندي احتياط ولم يكن جنديا عاملا على الحراسة.

ويقول المواطن المقعد محمد أبو الحلاوة وهو أحد معاقي المجزرة: لا يمكن إعفاء الجيش من المسؤولية، عندما قام غولدشتاين بإطلاق النار على المصلين هرب المصلون باتجاه باب المسجد حيث وجدوه مغلقا علما بأنه لم يغلق من قبل أثناء أداء الصلاة بتاتا وعندما توالت أصوات المصلين بالنجدة كان الجنود يمنعون المواطنين الفلسطينيين من التوجه إلى داخل الحرم للقيام بإنقاذ المصلين.

ثمة أمر آخر وهو أن المستوطنين كانوا دوما يهددون المصلين وعلى مسمع من الجنود الصهاينة قائلين (سوف نقتلكم وسوف ترون ما سنفعل) ويتساءل الكثير ممن نجو من المجزرة كيف يمكن لشخص واحد أن يقتل هذا العدد في غضون دقائق معدودة وكيف يستطيع شخص مثله أن يحمل كل هذه الذخيرة داخل الحرم دون مشاهدة الجنود أو علمهم.

ويضيف الشهود أن جنودا آخرين كانوا يمدون الإرهابي غولدشتاين بالذخيرة ولم يفارقوه إلا في اللحظة التي هجم فيها المصلون عليه وقتلوه.

 

لجنة (شمغار)

وفي نفس اليوم تصاعد التوتر في مدينة الخليل وقراها وكافة المدن الفلسطينية وقد بلغ عدد الشهداء الذين سقطوا نتيجة المصادمات مع جنود الاحتلال إلى (60) شهيدا وللعمل على تهدئة الوضع عينت الحكومة الاسرائيلية لجنة لتقصي الحقائق أطلق عليها اسم لجنة (شمغار) وقد ضمت عددا من الشخصيات الاسرائيلية ومؤسسات إنسانية أخرى وقد خرجت اللجنة بعد عدة أشهر على تشكيلها بقرارات هزيلة تدين الضحية وبعد إغلاق البلدة القديمة في الخليل لأكثر من ستة أشهر تم تقسيم الحرم الإبراهيمي إلى قسمين يسيطر اليهود فيه على القسم الأكبر فيما يخصص جزء منه للمسلمين، ويستخدم المستوطنين المسجد بكامله خلال الأعياد اليهودية ولا يسمح فيها برفع الآذان في الحرم أو دخول المصلين المسلمين.

المجزرة كما يرويها شهود العيان:

شهادات حية و ذكريات مؤلمة

سنين من الأنين و ذكريات سوداء لا تعرف الحنين إلى لفقدان من هم على القلوب أغلى، ذكريات وضعت بصماتها بكل الألم في ذاكرة من عاشوا تلك المجزرة، فهذا هو دنس الاحتلال و إجرامه لا يرحم حتى بيوت الله .

يحدثنا السيد شعبان النتشة 46 عاما  الذي وقع جريحا  من شظايا الزجاج التي انهالت من كل مكان بسبب الرصاص الذي تطاير بكثافة و بكل الاتجاهات  :

" إنه يوم لا ينسى، يوم من التاريخ.. أنا الآن أتذكر جميع الصور التي شاهدتها و كأنها حية أمام عيوني، لقد كنا ساجدين و كنت بين المصلين و فجأة  سمعنا صوت قنابل مدوية .. و بعد ذلك مباشرة تم إطفاء جميع الأنوار و إطلاق النار بكثافة حتى لم أعد قادر على الحركة ولم أعرف أين سأتوجه "

يتابع السيد شعبان وصفه بكل مرارة و يقص سلسلة الأحداث التي  مر بها إلى أن خرج من الحرم :

"أصبح رأسي ينزف من الزجاج المتطاير، و بدأت أفكر بطريقة للخروج فزحفت و الدماء تسيل على لباسي الرياضي الذي ما زلت أحتفظ به لليوم، و رغم أن الحرم مطفئ الأنوار و لا أحد قادر على الحركة إلى أنني وصلت إلى اتجاه المخرج و كان بجانبي شخص آخر فقلت له أني سأستشهد، فقال لي أنت بخير و ستبقى على قيد الحياة "

و يضيف شعبان بحرقة :

" لقد كان باروخ يبعدنا بأمتار قليلة و لكن مع الدماء و عدم حركتنا اعتقد بأننا فارقنا الحياة و ذهب بعد ذلك إلى جهة أخرى، لنكمل انا و زميلي المسير زحفا و عند المدخل وجدنا جندي حيث رأى من بقربي منذ البداية و تيقن أنه يتحرك و إذا به يطلق عيار ناري بين عينيه ليقع شهيدا "

 و من الجدير ذكره أن الشهيد المؤذن جميل النتشة هو أخ لشعبان المصاب ، وكان في ذلك اليوم بالصفوف الأمامية وهذا ما جعل الكثير يعتقدون أنه ربما زال حيا لأن القاتل بدء إطلاق النيران من الخلف، و هناك نقاط لا بد من الإشارة إليها فقد جرت حوادث تؤكد على دقة تخطيط اليهود المتطرفين للمجزرة التي تجردوا من أنها مرسومة مسبقا و في هذا الصدد تتوافق الروايات .

 يقول شعبان :

"لقد أخبرتني أمي بعودة أخي جميل متأخرا، و أنه حدثها عن اعتداءات من قبل المستوطنين عليه منوها لها بإخبار جميع أفراد الأسرة بعدم الذهاب للصلاة غدا ، لأن أحد المستوطنين صرخ في وجه جميل و قال له سترون غدا ما لا يعجبكم ، بالإضافة إلى أنني لا أنسى أنه لأول مرة يتم فصل موقع صلاة النساء عن الرجال و كان هناك تخفيض لعدد الجنود "

إصابة شعبان و استشهاد شقيقه المؤذن جميل ليس ذلك كل شيء، فهناك الأبناء الذين يستذكرون قليلا من تلك المأساة، تقاطعنا أثناء الحديث ابنة الشهيد فايزة لتوقظ ذاكرتها و تسرد ما تتذكره :

" كنت صغيرة تقريبا 9 سنوات، كان ذلك صباحا لم أسمع سوى أصوات التكبير من كل ناحية و الجميع في حالة فزع و قمت بسؤال أبناء الجيران عن أبيهم و هل هو بخير أم لا و لكن لا أحد يعرف شيء و عدت إلى البيت و جميع الناس

يلتفون حول بيتنا و إذا بأبي الشهيد ... رحمه الله و أسكنه فسيح جناته  .. للأسف لم أراه و أودعه فقد اخترق الرصاص جسده كثيرا "

و أفاد أهل الشهيد بأنه بالبداية لم يتم التعرف على جثة جميل حيث تبين في التقرير الطبي أن 21 رصاصة اخترقت جسده من البطن و منطقة الفم .

ومن رواية إلى أخرى تتجسد أقسى الأحداث ، أحداث ماضي مازال حي بطعم الموت و ينبض بالمرارة لقسوة الاحتلال الحاقد .

زين عاشور النتشة هو الآخر كان شاهدا من قلب المجزرة و تعرض لرصاصتين في جسده أيضا و لكن كتبت له الحياة ليروي لنا تفاصيل يوم دامٍ مرعب :

"أيقظتني والدتي للصلاة و ذهبت و إياها رغم أنني على علم بالمشاحنات التي سبقت المجزرة و الاستفزاز الذي تعرضنا له من قبل المستوطنين و جيش الاحتلال ، أقيمت الصلاة و شرعنا بالسجود و إذا بالرصاص يمطر من كل مكان، بالبداية اعتقدت أن شيء ما وقع على جسدي من الخلف فوضعت يدي و رأيت دمي يسيل ثم رفعت رأسي مرة أخرى و هناك عيار ناري آخر أصابني يبعد عن القلب ب3 سم.

زين جريح و لكن ليس وحده يرافقه العديد من المصليين المصابين يحاولون الخروج  من الحرم .

" لقد بقينا برفقة بعض 5 مصابين تسللنا للهروب و أمي عند المدخل حاولت حملي كما الطفل و خرجنا بعد عناء ، استشهد 3 و بقينا اثنين لنصل إلى درجات مستشفى عاليه الحكومي لترانا ممرضة وتقول لمن معنا أن أردتم الحياة لهم اذهبوا إلى مستشفى آخر "

و للنساء اللواتي تواجدن بالحرم للصلاة في ذلك اليوم المشئوم شهادة أيضا ، فهن من ذهبن لفتح أبواب الحرم و رأين الحاقد باروخ أقدامه بالأرض مسلحا ليرتكب جريمته.

الحاجة عطاف النتشة ( أم وليد ) تروي بصوتها المرتفع تصاحبه حركات انفعالية تسبق الكلمات لتسرد لنا تفاصيل أخرى تحمل في طياتها بشاعة الاحتلال الذي ما زال ينغص  حياة الفلسطينيين في كل مكان .

" بدي احكيلك كل شي صار ، يومها ما خلو و لا سيارة بمنطقة الحرم و الشارع الي جنبه ، و لما دخلنا غيرو مكان صلاة النسوان و صلينا في الجولية و ماشفنا الى جنديين مع انهم دائما بكونو كتار و احنا نسجد سمعنا صوت الطخ و التكبير طلعنا من المكان و رحنا على الحرم وهو مسكر و فزعنا و صرنا ننادي كل الناس "

 

أم وليد بحزن و انفعال :

" رحت شفت ابني  زين مصاب عمره 20 سنة عند الباب و حملته كأنه ولد صغير لوصلنا لتحت شوي و راح مع رجال يسعفوه و ما بعرف وين و بعدها دورت سيارة ورحت على مستشفى الأهلي و مابعرف وين ابني بس شفت الجثث متل كياس الطحين مصفطة جنب و فوق بعض و الله ما بنساه هالمنظر و بالأخير عرفت انه ابني بمستشفى المقاصد و عمل عملية و نجحت و زرته هناك "

ثمانية عشر عاما مضت على مجزرة كبرى، سبقها مذابح و تبعها مجازر و انتهاكات يومية لا تنتهي من قبل المحتل، فلن ينسى  هؤلاء الناس الذين استنشقوا طعم الموت و خلدوا في معاناة لا تترجم بكلمات و عاشوا الحسرات و فقدوا أعز الأقارب و الأحباب. تلك الذكريات التي تم دفنها من قبل المحتل و تم تهميشها من قبل المجتمع الدولي .

 

ش.ز. 27 عاما: كنت أصلي في آخر صف للمصلين في الحرم الإبراهيمي الشريف  وعندما وصلنا إلى آخر سورة الفاتحة سمعت من خلفي صوت مغتصبين يقولون باللغة العبرية بما معناه بالعربية" هذه آخرتهم" وعندما وصل الإمام إلى أية السجدة وهممنا بالسجود سمعنا صوت إطلاق نار من جميع الاتجاهات كما سمعت صوت انفجارات وكأن الحرم قد بدا يتهدم علينا لم استطع أن ارفع راسي لقد تفجر رأس الذي بجانبي وتطاير دماغه ودمه على راسي ووجهي وعندها لم اصح الا عندما توقف إطلاق النار وبدا الناس بالتكبير الله اكبر …الله اكبر.. فرفعت راسي وشاهدت المصلين يضربون شخصا يلبس زيا عسكريا. شاهدت طفلا مستشهدا لا يتجاوز عمره 12 سنة حملته وخرجت به إلى الخارج إلا أن الجندي اعترضني وأراد أن يطلق النار علي نظرت إلى اليمين فشاهدت خمسة مغتصبين في غرفتهم الصغيرة عند مقام سيدنا "اسحق" استطعت الهرب بالطفل ووضعته في سيارة مارة ثم صحوت لنفسي فشعرت بدوخة وصدري مبتل حسبته عرقا أحسست بيدي مكان البلل فإذا بي أرى دمي ينزف فصعدت بأول سيارة شاهدتها إلى المستشفى فإذا بي مصب برصاص حي في صدري.

 الطفل م.ج. (5) سنوات أصيب بثلاث رصاصات .يقول : ذهبت للصلاة فجر الجمعة مع جدتي وصليت مع الرجال في داخل الحرم في آخر الصفوف، سمعت صوت إطلاق النار اختبأت خلف شمعة المسجد ولم اشعر أنني قد أصبت من هول ما رأيت شاهدت جدتي أمسكت بها بقوة  ويضيف عم الطفل: لقد شاهدت الرصاص يتطاير في ثلاثة اتجاهات وليس باتجاه واحد انبطح الجميع على الأرض هرب أربعة شبان إلا أن الجنود أطلقوا النار عليهم لقد شاهدتهم بأم عيني ولم يسمحوا لسيارات الإسعاف بالدخول لمدة ربع ساعة أو ثلث ساعة.بعد أن أنهى المغتصب إطلاق الرصاص أراد أن يهرب إلا أن المصلين كانوا له بالمرصاد فانهالوا عليه بالضرب باسطوانات الإطفاء خرجت بعدها لأرى الجنود يطلقون النار في جميع الاتجاهات على المسعفين والجرحى.

ح.ق.نزلت الى صلاة الفجر وكنت متأخرا وعندما وصلت إلى الباب الداخلي للحرم هممت بخلع حذائي عندها شاهدت جنديا صهيونيا يحضر من جهة الحضرة الإبراهيمية وهو يهرول ويحمل رشاشا ومعه مخازن أسلحة مربوطة بشريط لاصق دفعني الجندي بيده ثم دخل بسرعة إلى الجهة اليمنى خلف الإمام .كان المسجد مليئا بالمصلين .عندها بدا بإطلاق الرصاص بغزارة وفي جميع الاتجاهات.في هذه اللحظة خرجت من المسجد حافي القدمين وقلت للجنود والحرس أن يهوديا يقتل المسلمين في المسجد

الطفل ف.ج. 7 سنوات فيقول: خفت من الرصاص والدم والصياح واذا بأخي يبكي ويفتش عن أبي فوجدنا أبي قد فارق الحياة ورأسه ممزق .

كان المستشفى الأهلي في الخليل شاهدا على ذلك الرعب ، القتلى والجرحى في مجزرة الحرم كانوا هناك وكان أيضا هناك بالإضافة إليهم ضحايا رصاص الجنود الصهاينة المتمركزين بالقرب من المستشفى.

الفوضى كانت عارمة وشاملة آلاف الفلسطينيين من أبناء الخليل تدفقوا فور انتشار النبأ للسؤال عن مصير أخ أو قريب أو صديق.

جاء آخرون لتقديم الدماء وتزاحمت الشاحنات الصغيرة المنطلقة بأقصى سرعة والمطلقة الإنذار لنقل أدوية وضمادات جمعها صيادلة المدينة بالإضافة إلى ما تيسر من عبوات الأكسجين والمياه المعدنية  فيما كانت سيارات الإسعاف تطلق صفاراتها تحاول شق طريقها الى المستشفى.

 

الفلسطينيون امتلكهم الغضب، اخذوا يقذفون الجنود الصهاينة على حافة الطريق المحاذي للمستشفى بالحجارة ويصرخون "بالدم بالروح نفديك يا شهيد".

الجنود فتحوا النار سقط عدد جديد ، المستشفى لم يكن بعيدا  نقلهم رفاقهم اليه على الفور، فاختلطت في بلبلة لا توصف حمالات الجرحى وضحايا الحرم الإبراهيمي بحمالات الجرحى والضحايا الجدد.

مرضى المستشفى ، المرضى العاديون كانوا بملابس النوم هبوا من نومهم للمساعدة على نقل الحمالات الى الداخل ومن كان يجهل الطريق إلى غرف العمليات دماء الشهداء على الأرض كانت تدله اليها،؟ الأطباء استعجلوا المعالجة أين استطاعوا ومن لم يجد مكانا أسعف المصاب على الأرض في المكان.

رائحة الدم والموت عبقت داخل المستشفى ، مئات النساء تدافعن امام قائمة علقت على جدار ، القائمة حملت اسماء الشهداء.

الرعب ينتشر من جديد في الحشد، الجنود هاجموا من جديد، تقدموا على الطريق المؤدي الى المستشفى أطلقوا النار تدافع المئات وسقط من جديد فلسطينيون جرحى ، يصرخ ضابط: لقد اعلن حظر التجول في المدينة وعلى الجميع العودة الى منازلهم، الأوامر لم تنفذ.

 

ويروي الدكتور م. ت. نائب مدير المستشفى الاهلي فيقول:

" وبعد معالجة الجرحى الذين وصلوا الى المستشفى واستخراج الرصاص من أجسادهم، تبين ان هناك عدة أنواع من الرصاص استخدمت في المجزرة، من رصاص "العوزي" والبنادق الأخرى ورصاص "الدمدم" كذلك هناك اصابات بالشظايا، الأمر الذي يؤكد استعمال القنابل أيضا، وبجانب كل جريح حفظت الرصاصة التي استخرجت من جسده ونوعها.

ويضيف: ان تعطيل حواجز الجيش لسيارات الإسعاف وعرقلتها ساعد في ارتفاع عدد الشهداء، فبعد تنامي شيوع خبر المجزرة هرع الأهالي بسياراتهم إلى منطقة الحرم لإخلاء الجرحى ، كان مؤذن الحرم يحمل طفلا جريحا بين يديه ويركض باحثا عن سيارة لإنقاذه، صادفه جندي ومنعه من الخروج من باحة الحرم ، أصر المؤذن على الخروج فما كان من الجندي إلا أن افرغ عدة رصاصات في جسد المؤذن وارداه قتيلا، وأصاب الرصاص الطفل الجريح أيضا وأكمل عليه.

شاب جريح عند مدخل الباب ينزف أصيب في ساقه فأطلق جندي الرصاص على ساقه الثانية وتركه ينزف واكد الدكتور م.ت. "حسب رائي الطبي هناك من الجرحى من نزف حتى الموت، بسبب اعاقة عمليات الإنقاذ".

سيارات إسعاف جاءت من حلحول وبيت امر للنجدة، اوقفوها على الحواجز لفترات طويلة.

ويضيف الدكتور م.ت:" كنا في وضع رهيب وإمكانيات المستشفى ضئيلة امام العدد الضخم من الشهداء والجرحى الذي وصل، كان الأمر فوق طاقتنا اضطررنا الى تحويل 36 حالة خاصة الى مستشفيات القدس ورام الله، فاستشهد خمسة جرحى في مستشفى المقاصد ، وجريح في مستشفى رام الله.

وفوجئنا بان الرصاص بدا يئز بغزارة حول المستشفى، فقد جاءت قوات الاحتلال بأعداد كبيرة وبدأت بإطلاق الرصاص عشوائيا ، الشباب يتفجرون غضبا وفي فورة دم، فقد تجمهروا حول المستشفى للتبرع بالدم للجرحى، وانتشر الجنود الصهاينة على الأسطح وبدؤوا بإطلاق الرصاص .

أربعة شبان استشهدوا بعد أن تبرعوا بالدم، احدهم لم يكد يخرج من المستشفى ، حتى أعيد بعد دقائق وقد مزق الرصاص المتفجر رأسه، الجزء العلوي من رأسه طار.