بعد خمسة شهور من العدوان الحربي الإسرائيلي على قطاع غزة، وقد اتضحت فاشية هذا العدوان التدميرية، على نحو لم يسبق له مثيل، حيث بات القطاع مكلومًا إلى حد الفاجعة، لا بيوت، ولا بنايات، ولا مساكن، ولا مشافي، ولا مدارس، ولا جامعات، ولا جوامع، ظلت على حالها، وما من شوارع، ولا بنى تحتية، والشهداء بالآلاف، وكذلك الجرحى، وأما الجوعى، فحدث ولا حرج! 
ما من مشهد للفاجعة بليغ أكثر من هذا المشهد، ومع ذلك هناك من كتبة الخديعة مدفوعة الأجر، لا يرى شيئا منه، وهو يتساءل لماذا لم تلتحق الضفة الفلسطينية بالطوفان، ويكتب متهمًا السلطة الوطنية بالعجز! زاعمًا أن هذا سبب عدم التحاقها، ومدعيًا أن لهذا العجز جذورًا ضاربة.! الحكمة، والتعقل النضالي، والمسؤولية الوطنية، عند هذا الكاتب، الذي نشرت مقالته فضائية الجزيرة، هي "الجذور الضاربة للعجز" وفي الواقع هذا تفكير إخونجي تمامًا، وهو لا يرى عجز جماعته عن ردع العدوان الحربي الإسرائيلي! 


يريد هذا الكاتب الذي لا يستحق أن نذكر اسمه هنا، أن يربت على أكتاف "الطوفان" بكذب مفضوح وهو يعدد شروط العجز التي لا يراها في جماعته! وفي الحقيقة وكما أثبتت وقائع عديدة، فإن الكذب لا يستقيم إلا مع هذا الجماعة، وقد قيل عنهم إنهم يكذبون، كما يتنفسون، وعلى رأي الفيلسوف الألماني نيتشة فإن "الكذب هو حاجة المنحطين، بكونه أحد شروط بقائهم.
وفي الواقع فإن أكاذيب هذه المقالة غايتها تبرير إخفاقات "الطوفان" الأساسية وهي توحي بخديعة قبيحة، أنه لو التحقت الضفة بالطوفان، لتغيرت المعادلة، ولكنا قاب قوسين من الأقصى محررًا، إنه الكذب الذي يسعى لإزالة الإخفاق عن كاهل أصحاب "الطوفان" الذي اتضح أنهم ليسوا جميعا على دراية واحدة بهذا الأمر. ولا يتخيل هذا الكاتب الضفة كقربة مضغوطة، مصيرها الانفجار، إلا لكي يحرض على هذا الانفجار، وهو يحرض على السلطة وأجهزتها الأمنية وبافتراءات وأكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان!

لو كانت هذه المقالة كتبت في الثامن، أو التاسع من تشرين الأول الماضي لقلنا إنها فورة الحماسة والعاطفة التي رأت في "الطوفان" ما أراح جروحها، ولم تكن قد رأت بعد طبيعة العدوان الحربي الإسرائيلي، وتوحشه الفاشي، لكن بعد خمسة شهور، وقد اتضح أن وقف هذا العدوان، ما زال في دوامة أقاويل على الساحة الدولية والإقليمية، دون أية نتيجة تذكر، فإن الدعوة الآن للحاق بالطوفان، بالتحريض على السلطة الوطنية، ليست غير دعوة لتدمير الضفة الفلسطينية، وبغاية تدمير القضية الفلسطينية، ومشروع أهلها للتحرر والاستقلال. 


العجز ألا ترى الواقع كما هو، وهذا هو دأب التفكير الإخونجي، الذي أخرج تلك المقالة المحشوة بالكذب والافتراء والتي تجاهلت وعلى نحو أحمق في الواقع، أن "الطوفان" لم يعد يريد غير أن تعود الأمور في قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل السابع من تشرين الأول! بعد 30960 شهيدة وشهيدا و72524 جريحًا، ومليون وربع المليون نازح، وأكثر من ثلاثة وسبعين بالمئة، من بنية القطاع، وبناياته تدمرت، لا يريد الطوفان غير العودة إلى السادس من أكتوبر.
من بعيد في تلك العواصم الآمنة، يرفل الكتبة هؤلاء بحرير التمويل، ليكذبوا كما يطالبهم بذلك هذا التمويل، وهذا ما يبقي العدوان الحربي الإسرائيلي، على فلسطين شمالاً وجنوبًا، مستمرَا وبالعنف الدموي ذاته، لأن في الكذب تكمن الخديعة، التي يمتطيها الاحتلال الإسرائيلي حصانًا، على  الساحة الدولية، ليبرر تواصله الحربي وهو اليوم يتربص برفح ليجهز على القطاع شمالاً وجنوبًا...!!  لم تلتحق الضفة بالطوفان، لأن الواقعية النضالية، للقيادة الفلسطينية، أدرى بموازين القوى في هذا الصراع، لا ما يتعلق بالأسلحة فحسب، بل وبكل مقومات هذه الموازين، ولأنها تعرف وتعمل بما تعرف، أن هزيمة الاحتلال لن تكون بالضربة القاضية، بل بالضربات المتتالية التي تراكمها المقاومة الشعبية السلمية  وهذا ما لا يخطر على بال التفكير الإخونجي، وكتبة مقالاته المتهافتة على أي ذريعة وأي تبرير.