أكد سيادة الرئيس أبو مازن محمود عباس أن الهولوكوست (المحرقة) أبشع الجرائم التي حدثت في تاريخ البشرية الحديث ولم يكن المقصود في اجابته في المؤتمر الصحفي مع الرئيس الألماني انكار خصوصية الهولوكوست التي ارتكبت في القرن الماضي لأن المحرقة مدانة بأشد العبارات بل قصد سيادة الرئيس إدانة المجازر التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية منذ النكبة ولم تتوقف حتى يومنا هذا.

يعرف قادة إسرائيل، من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كما يدرك أيضًا أساطين الاعلام الاسرائيلي أن أبا مازن لم يقصد في إجابته انكار المحرقة بل أراد أن يعبر عن وجعه ووجع شعبه مما ارتكبته وترتكبه القوات الاسرائيلية منذ العام 1948 حتى اليوم، أي منذ دير ياسين والدوايمة والطنطورة واللد والرملة وناصر الدين وعين الزيتون وكفر قاسم ومصرع عشرات الأطفال في غزة وخانيونس ورفح وجباليا والقائمة طويلة، ولكن هؤلاء الساسة يرغبون -من خلال هذه الحملة المسعورة على الرجل- بإخفاء الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في المناطق المحتلة وفي حروبها المتكررة على قطاع غزة كما يسعون إلى "شيطنة" سيادة الرئيس الفلسطيني لتبرير احتلالهم وموبقاتهم.

لم يفتخر أبو مازن يومًا ما بأنه قتل يهوديا أو حث على قتله كما فعل الجنرال غانتس عندما بدأ حملته الانتخابية مفتخرًا بقتل 1364 عربيًا فلسطينيًا من قطاع غزة، ولم يشر أبو مازن براحته حاثًا على القتل كما فعل بن غوريون عندما أشار براحته ليغئال ألون واسحاق رابين لقتل الآلاف من سكان اللد والرملة ومن الذين احتموا بجامع دهمش، ولم يؤيد أبو مازن مقتل أسير أو جريح كما فعل جنرالات كبار مع أسرى مصريين وأردنيين وفلسطينيين.

منذ انتخب الشعب الفلسطيني أبا مازن محمود عباس رئيسًا له وهو -أي الرئيس-يُدين العنف والإرهاب ويدعو الى السلام بين الشعبين وأما حكام إسرائيل فيواصلون الاستيطان في الأراضي المحتلة ويتجاهلون نداءاته المتكررة للسلام ويشنون الغارات الليلية على المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، ويقتحمون البيوت ليلًا ويعتقلون الآلاف من المواطنين كما تقصف طائراتهم بالصواريخ مدن القطاع وتهدم البيوت والأبراج بدون مبرر كما حدث في الحرب الأخيرة، ولا يمر يوم تقريبًا دون مقتل شاب فلسطيني على الأقل.

"حفي لسان" أبي مازن وهو يدين العنف وينادي بالسلام وأما زعماء إسرائيل فلا يسمعونه بل يتهمونه بأنه ارهابي يتخفى برداء السلام.

ماذا يريدون من الرجل؟

هل يريدونه أن يتنازل عن القدس العربية وعن المسجد الأقصى وعن كنيسة القيامة وعن حق الشعب الفلسطيني بالحرية وبإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس؟

هل يريدونه أن يتنازل عن حقوق اللاجئين؟

لن يفعل أبو مازن ذلك ولن يجدوا زعيمًا فلسطينيًا يفعل ذلك.

يرغب حكام إسرائيل وزعماؤها من اليمين المتطرف واليمين العادي ومن الوسط السياسي أن يتخلصوا من محمود عباس لأنه يتحدث عن السلام وعن حل الدولتين فهذا النهج يضايقهم ويفضحهم أمام العالم فهم يريدون زعيمًا فلسطينيًا يخدم طموحاتهم المجنونة بأفعاله وأقواله.

لقد أهدر حكام إسرائيل فرصةً سانحة للسلام بين الشعبين منذ انتخاب أبي مازن رئيسًا للشعب الفلسطيني وحتى اليوم ولا شك أنهم سوف يأسفون ويندمون بل سيبكون ندمًاعندما تغيب كل فرص السلام.

المصدر: الحياة الجديدة