يطل علينا عيد الفطر هذا العام، ودم الصلاة، لا دم المصلين فحسب، يغطي باحات الصلاة وأدراجها في المدينة المقدسة،  المدينة التي صعد من  فوق صخرتها،  نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، إلى السموات العلى، والتي مشى في دروبها المخلص عيسى عليه السلام حاملاً صليبه، وتاج الشوك قد أدمى جبينه، في هذه المدينة التي لا اسم لها سوى القدس، والتي ما زال الاحتلال الإسرائيلي يحاولها حاضرة لرواياته المفبركة، وثكنة عنصرية مسلحة، لجماعاته من المستوطنين الصهاينة، بكل ما يحملون من أفكار التطرف، ورغبات الاستحواذ العدوانية، في هذه المدينة لا دم الصلاة ولا دم المصلين فحسب بات يغطي باحاتها، وشوارعها، وحاراتها، وإنما كذلك دم حجارتها المقدسة، ودم بواباتها التي أغلق الاحتلال مساراتها الآمنة!!!
ومع ذلك، ولأن وفرسان القدس وحماتها قد تصدوا لجنود الاحتلال، وقطعان مستوطنيه، وما زالوا على هذه الحال، فإن القدس، وبرغم جراحها النازفة، لن تقول اليوم "عيد بأي حال عدت يا عيد".
ستمتلئ باحات الصلاة فيها بالمصلين صلاة العيد، امتثالاً للفريضة، وتكريمًا لمعنى العيد وقيمته، وشكرًا للعلي القدير على عطيته، وبسؤال رحمته أن يعجل الفرج على مدينة أنبيائه، ورسله، والمرابطين من عباده، وبالدعاء لشفاء جرحاهم، وفك أسرى معتقليهم، وبتغمد شهدائهم بواسع رحمة الله في جناته الخالدة.
يطل علينا العيد بإفطاره، وقد ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله، وكل عام وفلسطين بسلامة فرسانها، وحماة مقدساتها، حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً، وأمر الله يقينا هو أمر الحق، والعدل، والسلام، لأهل الحق، والعدل، والسلام، أهل فلسطين، نسأل الباري عز وجل أن يعجل هذا الأمر.
وكل عام وفلسطين بحسن التطلع، وخير العمل، ودوام الصحة والعافية، شعبًا وقيادة، وفصائل.
خالص التهاني والتبريكات، وبالغ الدعوات أن يعيد الله علينا هذا العيد، وقد تحققت أمانينا، وأثمرت تضحياتنا حرية وعودة واستقلالاً بالقدس العاصمة، ولا عاصمة سواها لفلسطين.