لا تنطبق مقولة (زلة لسان) أو (خانه لسانه) على مستخدمي الدين، مشايخ جماعة الإخوان المسلمين عمومًا، وفرعهم في فلسطين المسمى (حماس) تحديدًا، فهؤلاء مهما حاولوا تلبس الكياسة في كلامهم فإن لسانهم يسبق إشارات أدمغتهم في التعبير عما يجول فيها، وعن نواياهم التي لا يستطيعون سترها وحجبها كما يفعلون مع المرأة بأوامرهم وتعاليمهم.

 صديق لا تخلو تعليقاته من الخبث فسألني: هل تقصد أنهم صادقون فيما يصرحون، فأجبته: هم والصدق والإخلاص ضدان لا يجتمعان أبداً، أما الإفصاح عن نواياهم فإنه ينزلق كالزيت من ثنايا صدورهم اللزجة، فهم فاقدون لقدرة الاحتفاظ بمخزون كراهيتهم للآخر في الوطن لذا ترى مواقفهم تجاه أي قضية وطنية ترشح من رؤوسهم حسب نوع الطينة المصنوع منها، ولكن لا تنسى أنهم جميعاً مصنوعون من طينة هشة راشحة بدرجات متفاوتة وحسب طلبات المركز الصانع مع حرص هذا المركز على قابليتهم  للانكسار عند اللزوم.

ما فعله موسى أبو مرزوق وما نشره حول اتفاقية استخراج الغاز التي وقعت بين فلسطين  وجمهوية مصر العربية تعبير دقيق عما قدمناه أعلاه، ما يعني بروز عقلية الانقلاب الانقسامية الانفصالية كفطر سام في أرض يمر عليها طقس تفاؤل بإمكانية إزالة سلطة الأمر الواقع التي نتجت عن انقلاب حماس والعودة للاحتكام للنظام والقانون الفلسطيني في ظل حكومة شرعية رسمية واحدة، عبر عملية انتخابية  للوصول إلى مصالحة وطنية، تعزز الموقف الفلسطيني في مواجهة منظومة الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي العنصري.

رغم أحاديثهم وخطاباتهم الفائضة بمطلب الانتخابات واللجوء إلى الشعب وغير ذلك من المفردات التي لا يقصدون معانيها وجوهرها وإنما قشرتها فقط، إلا أن أبا مرزوق لم ينتظر فوحان رائحة الغاز من حقله في المياه البحرية التابعة لجنوب فلسطين في البحر الأبيض المتوسط مقابل شواطئ قطاع غزة، فسارع لإطلاق سهم غدر على (حضرة التفاؤل) ليصيب إمكانية تجسيد الوحدة الجغرافية السكانية لدولة فلسطين إصابة خطيرة لا تبعد عن القلب إلا مقدار شعرة، وقد تسبب الموت إذا لم يوقف النزيف فورا، فأبو مرزوق كما غرد على تويتر - شتان ما بين التغريد والفحيح – جاء في خضم ولوج الجميع عتبة اللقاء الوطني ليكشف لنا عن نوايا جماعته المشبعة برغبة خيانة العهود والاتفاقيات، والرجوع عن تطبيق بنودها، أما وصفها  بالعقلية الانقسامية فنعتقد أنها دبلوماسية داخلية قصدت تلطيف المصطلح، فماذا كتب أبو مرزوق، وأي إشارة خطيرة فيما كتبه ونصه: "يجب أن تكون غزة حاضرة في أي تفاهمات حول حقول غاز شواطئها ..فإذا كانت غزة مضطرة لاستيراد الغاز الطبيعي من الاحتلال لمحطة الكهرباء الوحيدة في القطاع، فلا يجب أن نقف متفرجين، وثرواتنا الطبيعية تذهب بعيداً".

 تبدو غزة فيما كتب أبو مرزوق كإقليم يتمتع بحكم ذاتي ضمن دولة اتحاد فيدرالي، وأن جماعته الاخوانية تمتلك قطاع غزة بثرواته ومواطنيه وكأن الاتفاق الذي وقعته دولة فلسطين ومصر العربية سيكون لصالح أريحا أو جنين أو سلفيت أو الضفة الغربية فقط !!! فقد سارع لإظهار نوايا الشر الكامنة في نفسه كشرار الجمر المشتعل في نفوس أمثاله في صفوف (هذه الجماعة) الرافضين  للانتخابات والوحدة الوطنية، والمتمسكين بالانقلاب وسلطتهم على قطاع غزة مهما كان الثمن حتى لو كان تدمير المشروع الوطني وإصابة القضية الفلسطينية بسكتة دماغية تبقيها مشلولة ما دامت حماس مسيطرة بالقوة على عصب وشرايين الحياة في الجناح الجنوبي لدولة فلسطين.

لو نظرنا إلى أرضية موسى أبو مرزوق العلمية وشغله مهمة رئيس مكتب العلاقات الدولية والخارجية لحماس، فإننا نفترض علمه ومعرفته بأن الاتفاقيات المتعلقة بالثروات الوطنية أمر سيادي وتختص به الدولة وحكومتها، أما كونه حاصلاً على درجة الدكتوراه في الهندسة الصناعية في العام 1992 من جامعة أميركية فهذا لا يمنحه الحق بغش أي بناء خاص أو عام أو حزبي أو وطني وهو المتخصص في إدارة الانشاءات – ماجستير - بوضع طحين فاسد بدل الإسمنت ثم يجول ويصول خطيبا عن إسمنت جماعته المسلح!!.

لن يكون بعيدًا ذلك اليوم الذي سيتأكد فيه الشعب الفلسطيني أن جماعة أبو مرزوق متخصصون في هندسة زرع الألغام المدمرة على قواعد وركائز المشروع وإدارة تفجيرها في اللحظات التاريخية المصيرية.