ما بين البندقية المسيسة والأخرى قاطعة الطريق، يكمن الحد الفاصل بين شرعية الأولى وطهارة اليد التي تحملها ونبل الالتزام والانتماء الوطني، وبين الجريمة في فوهة بندقية تحملها يد طائشة، أو تلك المستخدمة للعبث ونشر الفوضى وتعميم الجريمة. 
لم تفلح منظومة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني العنصري في كسر إرادة شعبنا الفلسطيني في المواجهات الشعبية السلمية، ولم تحقق نتائج لصالحها في ميادين المواجهات العسكرية إلا عندما غضت الطرف وسمحت بتمرير السلاح وسهلت وصوله إلى أصحاب أجندات خاصة، منها التشكيلات ذات الولاءات الخارجية، والميليشيات العشائرية والقبائلية، وصولاً إلى عصابات منظمة، وأفراد يفيضون بالجريمة، والمنفذ الواسع كان باتجاه تجار السلاح. 
منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية عملت استخبارات منظومة الاحتلال على تشويه شرعية سلاح المناضل الفلسطيني، واستطاعت فعلاً توظيف عملاء مهمتهم الوحيدة سوء استخدام السلاح في مناسبات وأحداث مختلقة مصطنعة مخطط لها سلفًا والإيحاء للجمهور أثناءها باستخدام وسائل عديدة بأنه سلاح تنظيم أو فصيل وطني، وذلك لتحقيق هدف رفع جدر فاصلة بين التنظيم التحرري الوطني، وبين الجماهير الملتزمة الرافضة تمامًا لاستخدام السلاح في غير ميدانه الطبيعي. 
مبادرة إقليم تنظيم حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في جنوب الخليل لتسليم قطعتي سلاح لمحافظ الخليل جبريل البكري باعتباره المسؤول الأول عن تنفيذ قرار رئيس الدولة محمود عباس أبو مازن بضبط السلاح ومخالفة مستخدميه، تعتبر انعكاسًا طبيعيًا لمعنى الالتزام الوطني، ومفهوم البندقية المسيسة صانعة الانتصار لدى قيادات وقواعد ومناضلي الحركة، فالوطني لا يغلب الانتماء العشائري على الانتماء الوطني أبدًا، ولا يقبل أن تسجل عليه مخالفة بسيطة فحواها مخالفة القانون عن قصد وترصد، فكيف إذا كان الأمر متعلقًا بشجار بين عائلتين أو بضعة أفراد استخدم فيه سلاح ناري، فإذا كانت الشجارات العائلية بحد ذاتها جريمة تصب في خدمة سلطات الاحتلال العاملة في الليل والنهار على تمزيق نسيجنا الوطني، وإحراقه في خلافات وصراعات دموية مطبوعة بالعائلية والعشائرية، والثأر والقتل بدافع ما يدعى الانتقام (للشرف)، فإن استخدام السلاح يعتبر جريمة كبرى ليس بحق الضحية ومجتمع العائلة أو العشيرة، وإنما جريمة بحق الوطن أي بحق الشعب وسلطة القضاء والقانون، فالخلافات والمشاكل مهما بلغت تعقيداتها يمكن حلها في إطار القانون، الذي يحكم باسم الشعب، ولا مبرر للجريمة أبداً، ولا غطاء تنظيمي لمستخدم السلاح، ومن يحمي مستخدم السلاح في غير وجهته القانونية  مشارك في الجريمة، سيفقد ثقة الجمهور أيّا كان مقامه الاجتماعي أو مرتبته التنظيمية، ويمكننا القول إن المقام الاجتماعي والمرتبة التنظيمية محسوبان بمعيار الالتزام التام بالقوانين وقرارات رئيس الدولة، وفي هذا الالتزام امتحان صعب وصعب جدًا لا يستطيع تجاوزه والنجاح فيه إلا الذين يعتقدون إلى حد الإيمان المطلق بمعنى  الالتزام بالقانون والولاء للوطن. 
نعتقد أن الالتزام بالقانون وقرارات القيادة الذي قدمه اقليم جنوب الخليل نموذج ايجابي في ظل سطوة مظاهر انفلات السلاح العائلي والعشائري، وطغيانه في الشجارات وجرائم القتل، فحالات الانتقام وإحراق محلات ومنازل وسط أجواء اشتباكات مسلحة وإطلاق رصاص، ونيران تأكل ممتلكات المواطنين وترقى بأرواح بريئة لا شأن ولا علاقة لها بالخصومات قد وصلت الى خطوط خطيرة جدًا يمكن أن تتدحرج حتى تصل مناطق (أ) حيث سيطرة القانون الفلسطيني ونفوذه اذا لم تردع بالوسائل المتاحة، فكثير من هذه الشجارات الدموية تحدث في مناطق سيطرة منظومة الاحتلال الأمنية، حيث لا يمكن للشرطة الفلسطينية التدخل بسبب انعدام التنسيق الامني، ونعتقد في هذا السياق أن منظومة الاحتلال تشجع وجود سلاح منفلت في مناطق سيطرتها الأمنية لحسابات متعلقة بأمن جنودها ومستوطنيها، فالعلاقة بين سلاح فردي أو جمعي منفلت خارج على القانون، أو غير منضبط في اطار تنظيم وطني ملتزم، وبين سلاح الاحتلال علاقة مصلحة متبادلة، حيث تزدهر تجارة السلاح والممنوعات في هذه المناطق، فيما يأمن الاحتلال على نفسه، لان هذه الجماعات المنفلتة معنية بعدم وجود (سلاح وطني قانوني) قد يؤدي لتدخل الاحتلال ويمنع عليهم فرص السيطرة واستعراضات القوة والهيمنة.