لخصومِ نتنياهو في (إسرائيل) أن يستخدموا مشهدَ هروبه ليلة الثلاثاء في أشدود بعد دوي صفارات الإنذار، مثلما تريد حملاتهم الانتخابية، هم يعرفون، ويعرف نتنياهو أنَّ الصواريخ التي أُطلِقَت من غزّة، وجعلت صفارات الإنذار تدوي لم تكن لتصيب مقتَلَاً (كعادتها الغالبة!!) غير أنَّ نتنياهو أراد على ما يبدو بهوسه السينمائي، مشهدًا هوليووديًّا لتصبَّ الصواريخ هذه في طاحونته الانتخابية!! وإذا لم يكن الأمر كذلك، فإنَّ المحصلة تقول إنَّ هذه الصواريخ انتهت إلى أن تكون صواريخ انتخابية سواء لنتياهو، أو لخصومه من أحزاب اليمين الإسرائيلي المتطرِّف!!!
ما يلفت الانتباه أنَّ رد نتنياهو على هذه الصواريخ، لم يكن بمستوى المشهد الهوليوودي، والحمد لله بطبيعة الحال أنَّ غارات طائراته الحربية لم توقع أيَّ ضحايا بين صفوف أهلنا في غزَّة، لكنَّ هذا الردَّ يفضح أنَّ مقامرة نتنياهو لم تكن دون ترتيبات مسبقة، ودون لاعبي "تفاهمات الهدوء" الذين أعلنوا أنَّ هذه الصواريخ لا تخصُّهم (!!) وفي هذا الإعلان ما يدعم وجهة نظر نتنياهو بشأن هذه التفاهمات، التي قال غير مرة إنّها ستمنع قيام الدولة الفلسطينية، وهي تكرّس انفصال قطاع غزّة عن الضفة، وفي هذا ما يدعم الحملة الانتخابية لنتنياهو التي وصلت ذروتها العدوانية المتطرّفة في أشدود، وهو يعلن أنَّه في حال انتخابه مرة أخرى، فإنّه سيفرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، وشمال البحر الميت، وعدد من المستوطنات الجاثمة على الأرض الفلسطينية المحتلة!! وبحكم أنَّ هذا الإعلان، إعلان حرب بكلِّ ما في الكلمة من معنى، فإنَّ مشهد الهروب الهوليوودي كان على نحو ما، لشرعنة هذه الحرب العدوانية، وجعلها ضرورة أمنية وسيادية، وأنّ نتنياهو هو صاحبها من أجل أن تكون!!
وباختصار شديد لن يخدعنا مشهد هروب نتنياهو، سواء كان حقيقيًّا أم مفتعَلاً، فنحن نراه مشهدًا سيستخدمه نتنياهو لتبرير حربه العدوانية المقبلة، ضدّ فلسطين ومشروعها التحرُّري، إذا ما أُعيد انتخابه، وذهب لتنفيذ وعوده "السيادية"، وكل هذا بطبيعة الحال ما يجعلنا أن نكون بكامل الجاهزية لمواجهة هذه الحرب العدوانية الإسرائيلية المتطرفة، بالوحدة الوطنية دون سواها أوّلاً، وعلى "حماس" تحديدًا أن تدرك اليوم قبل فوات الأوان، معنى وضرورة أن يكون قرار المواجهة هذا، قرارًا وطنيًّا واحدًا موحّدًا، ومعنى أن تكون هناك سلطة واحدة، وسلاح شرعي واحد، وقانون واحد، ودون ذلك فإنَّ الانقسام البغيض، لن يخدم سوى حرب نتنياهو العدوانية، التي لن تستثني أحدًا فلسطينيًّا في المحصلة، نتنياهو راهن وما زال يراهن على الانقسام، لتدمير المشروع الوطني الفلسطيني التحرّري، تدميرًا شاملاً؛ ليتسنّى له أن يكون ملك (إسرائيل) الكبرى، وها أحمد بحر قد أعطاه صوته!!