أيام قليلة تفصلنا عن تجسُّد حتمية تاريخية في حدث جديد، حيث سيتلقّى العالم رسالة فلسطينية خلاصتها: تستطيعون بالمال شراء وتملُّك ما تريدون، لكنَّكم لا تستطيعون شراء كرامة إنسان حُر، أو امتلاك إرادته حتى لو عرضتم كنوزكم ثمنًا!
 سيرى العالم بعد أيام أنَّ شعبًا صغيرًا، محتلة أرضه، وينهب الغزاة المحتلون والمستوطنون المجرمون خيرات أرضه ومواردها الطبيعية، استطاع فرض إرادته الحرة، وأخرج قطار المؤامرة على قضيته عن السّكة المبرمجة في الغرف المغلَقة ما بين إدارة ترامب في البيت الأبيض، ونظام تل أبيب في بيت نتنياهو العنصري الفاشي الفاسد.
سيتأكَّد العالم هذه المرة بأنَّ محمود عبّاس رئيس الشعب الفلسطيني، وقائد حركة تحرُّره الوطنية يمتلك قوّةً غير محدودة، يواجه بها الحملة الأخطر على قضية الشعب الفلسطيني، وصلت إلى حد تهديد وجوده وكيانيته السياسية، فأبو مازن يقود شعبًا يملك الإيمان والعناد والثبات، والعقل الراجح في رؤوس أفراده ما يكفي كي يراجع أصحاب الرؤوس الحربية الاستراتيجية والنووية مخططاتهم وأجنداتهم، وتصوراتهم، ويعيدون قراءة أبجديات الصراع بين الحق والباطل، فلعلَّهم يدركون أنَّ الشعب الفلسطيني منتصر حتمًا لأنّه صاحب الحق، حتى وإن استطاعوا إخضاع بعض أشقائه الذين لم يقدروا حتى على قول (لا) صغيرة!!
سيكتشف العالم أنَّ مقولة حركة التحرر الوطنية والثورة الفلسطينية: إنّ منظمة التحرير الفلسطينية، إنَّ القيادة الشرعية الفلسطينية، إنَّ الشعب الفلسطيني هو (الرقم الصعب) لم تكن مجرد خطابة تعبوية، وإنَّما قراءة مادية واقعية علمية إيمانية لماضي وحاضر ومستقبل الصراع مع المشروع الاحتلالي الاستيطاني الإسرائيلي المضاد للحياة والوجود الإنساني والعربي بشكل عام والفلسطيني خصوصًا، فهذا "الرقم الصعب" يعني أرضًا ووطنًا تاريخيًّا وطبيعيًّا يستحيل اجتثاثه من جغرافيا الكرة الأرضية، ويعني شعبًا حضاريًّا خُلِقَ هنا منذ أول فجر عرف في تاريخ المجتمعات الإنسانية، ويعني الحق الإنساني المكفول في الشرائع والقوانين والعدالة الدولية، والحق المضمون في كتب وشرائع العدالة السماوية، وتعني فوق كلِّ هذا وذاك أنَّنا "هنا كنا وهنا باقون وهنا سنكون".
سيرى العالم كيف ستتحوَّل الورشة الأميركية في المنامة إلى مجرد (أروشة أو وروشة) في المحكية العامية وتُدعى أيضًا (دوشة) أي الضجيج من غير فائدة ولا نتيجة حتى أنَّ المرء لا يجد ما يمكن استنتاجه ممَّا يحدث في ميدانها!! ليس لأنَّ الرأس والدماغ الأميركي منظِّم هذه الورشة والداعي لها ضعيف التجربة والخبرة في نصب مثل هذه الأفخاخ، وإنَّما لأنَّه يحاول هذه المرة الاصطدام مباشرة بدماغ ورئيس الشعب الفلسطيني، وكأنّه لا يدرك أنّه يصطدم برأس ودماغ حركة وطنية فلسطينية تحرّرية وشرعية وطنية، كفاحية، نضالية، يصطدم بشعب حُر تحرري بأفكاره، وتقدُّمي برؤيته، وديمقراطي في منهجه السياسي، فالشعب في فلسطين هو روح فكر وعقل وحكمة وقرار الرئيس، والرئيس هنا في فلسطين هو روح الشعب وإرادته، هو كلمة الشعب العليا، التي تجوب أرجاء الأرض باسم الأحياء الأحرار والشهداء أيضًا..فالرئيس أبو مازن القائل: "إنَّ القدس عربية فلسطينية .. ليست للبيع"، والقائل: "لن أختم حياتي بخيانة"، والقائل: "نحنُ أصحاب القرار وهذا القلم فقط هو الذي يوقع ولن نسمح لأحد بالتوقيع نيابة عنا"، والقائل: "إنَّ فلسطين كانت وما زالت حركة تحرر وطني حتى نقيم دولتنا المستقلة"، والقائل: "نحنُ لم نتراجع قيد شعرة عن ثوابت شعبنا الوطنية"، لن يتمكّن قارون العصر الحالي من إخضاعه أبدًا، فالرواية التي تتحدّث عن شعب في الدنيا قد خضع أو باع وطنه بالمال لم تحدث بعد ولن تحدث أبدًا ونحن أول الواثقين.